-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
الأمين العام للحركة الديناميكية للجالية الجزائرية في فرنسا لـ"الشروق/الشروق أونلاين":

ماكرون أسير التناقضات.. وهذا هو الحلّ الوحيد للأزمة 

 ماجيد صراح
  • 6553
  • 0
ماكرون أسير التناقضات.. وهذا هو الحلّ الوحيد للأزمة 
ح. م
ناصر خباط

لم تهدأ الأزمة الدبلوماسية بين الجزائر وباريس، إلا قليلا، حتى عادت مجددا بعد اعتقال السلطات الفرنسية لعون قنصلي جزائري في فرنسا، بطريقة غير مقبولة في الشارع، وهو ما استنكرته الجزائر ووصفته بـ”الإجراء المشين”، والذي لم تلتزم فيه فرنسا بمراعاة أدنى الأعراف والمواثيق الدبلوماسية، ما دفع الجزائر إلى الرد على “الاعتقال الاستعراضي والتشهيري”، باعتبار 12 دبلوماسيا فرنسيا “غير مرغوب فيهم” طلبت مغادرتهم البلاد خلال 48 ساعة. لتعلن لاحقا فرنسا بدورها طرد 12 شخصا يشتغلون بقنصليات الجزائر هناك.

هذا الوضع يراه، الأمين العام للحركة الديناميكية للجالية الجزائرية في فرنسا “موداف”، ناصر خباط، معبرا عن وجود مشكلة عميقة، في تفكير النخب الفرنسية، التي لا تزال لم تتقبل بعد استقلال الجزائر بشكل كامل وتحاول الهروب من الأمر الواقع، باختلاق المشكلات والتوترات بشكل دائم.

ويضيف خباط في اتصال مع “الشروق/الشروق أونلاين“، أنه في كل مرة تشتد فيها التوترات، يطفو مجددا على السطح نوع من الوصاية الأبوية ذات الطابع الاستعماري المتأخر، والتي تحرص على تغذيتها بعض الدوائر الفرنسية، بما في ذلك على أعلى مستوى في الدولة. أما الجزائر، فهي تتصرف بثبات واتساق، حيث تطالب بشراكة على قدم المساواة، تقوم على الاحترام المتبادل والسيادة الكاملة.

لذلك، تأتي هذه الأزمة أيضا كرد فعل على تراكم الإشارات السلبية القادمة من باريس، سواء فيما يتعلق بالمسائل الذاكراتية، أو الهجرة، أو الأمن، على حد تعبيره.

ويتوقع ناصر خباط أن تستمر الأزمة بين البلدين لوقت طويل “إذا لم تقم فرنسا بمراجعة عميقة لطريقتها تعاملها مع الجزائر”.

ويضيف أن “الجزائر لم تعد في موقع الانتظار، بل تؤكد بشكل متزايد استقلالها الدبلوماسي وتتبنى مواقف حازمة حين يتم المساس بمصالحها. وفي عالم متعدد الأقطاب، أصبحت الجزائر تملك بدائل، حتى داخل أوروبا وحوض المتوسط. وأن استقرار العلاقات الجزائرية-الفرنسية يعتمد اليوم على قدرة باريس على إدراك أن زمن الهيمنة الرمزية قد ولى، وأن الجزائر لم تعد تقبل شراكة غير متوازنة أو قائمة على التعالي.”

إقرأ أيضا – وسائل الإعلام الفرنسية: في خدمة ماذا ومن؟

وعن موقف المقيم في قصر الاليزيه من الأزمة، يرى ناصر خباط أن: “ماكرون أسير تناقضاته. فمن جهة، يزعم أنه يريد المصالحة بين الذاكرات، ومن جهة أخرى، يرضخ بشكل متزايد لضغوط التيارات الهوياتية وذات الطابع المعادي للأجانب في فرنسا، وهو ما يظهر في تصريحات وزراء حكومة فرانسوا بايرو، بالأخص وزير الداخلية، برونو ريتايو، والإعلام اليميني الذي يسعى إلى زيادة حدة التوتر بين البلدين. كما أن اليمين المتطرف يفرض اليوم جزءا كبيرا من الأجندة السياسية، خاصة فيما يتعلق بالهجرة والذاكرة، حيث يتخذ من العداء للجزائر وقودا لحملة انتخابية أو أزمة داخلية فرنسية. الرئيس الفرنسي يبدو اليوم ضعيفا، لأنه لم يعد قادرا على تجسيد سياسة خارجية متماسكة. إدارته للعلاقة مع الجزائر تفتقر للرؤية، للاستمرارية وللشجاعة السياسية.”

أما عن الدور الذي يمكن للجالية الجزائرية الموجودة في فرنسا أن تلعبه في هذه الأزمة، يقول الأمين العام لـ”موداف” إن “الجالية الجزائرية قوة استراتيجية كبرى، فهي راسخة الجذور في فرنسا، لكنها تبقى مرتبطة بالجزائر عبر روابط متعددة: ثقافية، عائلية، عاطفية واقتصادية، وغالبا ما تدفع هذه الجالية ثمن التوترات الثنائية، لكنها تملك أيضا القدرة على أن تكون رافعة للتغيير”.

من الواضح أن دورها سيكون أكثر أهمية وتأثيرا في السنوات القادمة، لذلك، من الضروري تنظيمها ضمن إطار جزائري مؤسسي، والاعتراف بها، ومرافقتها في جهود التنظيم والتمثيل. فجالية قوية ومعترف بها يمكن أن تساهم في إعادة توازن موازين القوى، ونقل الصوت الجزائري داخل المجتمع الفرنسي نفسه، على حد قوله.

إقرأ أيضا – إقصاء مبرمج للنخب الفرانكو-جزائرية من وسائل الإعلام الفرنسية

وحول إمكانية أن تلعب بعض الدول دور الوساطة في تهدئة التوتر الحاصل بين الجزائر وباريس قال ناصر خباط: “الجزائر لم تطلب يوما وساطة خارجية، فهي تفضّل دائما علاقة ثنائية واضحة، قائمة على مبادئ السيادة والاحترام. ومع ذلك، يمكن أن تكون هناك أطراف خارجية تلعب دور المسهّل – خصوصا دول متوسطية مثل إيطاليا، أو شركاء نافذين كالصين أو قطر، كما يمكن للاتحاد الإفريقي أو جامعة الدول العربية أن يكونا فضاءً للحوار- إذا قبلت باريس بحقيقة إعادة تموضع الجزائر إقليمياً.”

وختم ناصر خباط حديثه لـ”الشروق/الشروق أونلاين” مؤكدا أن “الحل الحقيقي لكل ما حدث ويحدث، يكمن في تغيير نظرة فرنسا تجاه الجزائر وهي النظرة التي يجب أن تتخلى عن الطابع العمودي، وتستعيد معنى الحوار بين دولة ودولة.”

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!