الشروق العربي
حينما يصبح الرغيف أغلى من الشرف:

آباء يدفعون بناتهم إلى الرذيلة والبغاء من أجل المال!

صالح عزوز
  • 7904
  • 6
ح.م

تلجأ الكثير من الأسر اليوم إلى طرق عديدة، من أجل الكسب، واللحاق بالقدرة الشرائية، في ظل الظروف الصعبة وغلاء المعيشة الحاصلة في بلدنا، وهو حق مشروع للحفاظ على التوازن الأسري، خاصة من الناحية المادية.. لكن، للأسف، فإنه في بعض الأحيان، تلجأ بعض أسرنا إلى الطرق الملتوية والمشبوهة التي تتجاوز الأخلاق والضمير وحتى الشرف، حيث يدفع بعض ضعاف النفوس بناتهم إلى البغاء أو العمل في الملاهي الليلية والأماكن المظلمة، لتقديم الخدمات المحرمة، مقابل دراهم معدودات.

الغريب، أن الكثير من الآباء لا يجدون حرجا في هذا، بل يدفعون ببناتهم وفلذات أكبادهم، إلى النوم في أحضان الغرباء ليالي وأياما، من أجل رغيف العيش، متعذّرين في ذلك بغلاء المعيشة وعدم القدرة على توفير لوازم الأكل والدراسة، وغيرها من الضروريات والكماليات لأسرهم.. بنات في عمر الزهور، اعتدن على ولوج عالم الرذيلة والبغاء، طلبا للكسب، حتى ولو كان على أبواب الملاهي الليلية ودور الدعارة الخاصة، وفي الأماكن المظلمة بعيدا عن أعين الناس.

حتى وإن كانت الظاهرة لا تطفو على سطح واقعنا اليوم، وتتم في السر بعيدا عن العلانية، إلا أن الكثير من الفتيات صرحن بما يحدث لهن في سراديب هذا العالم المظلم. والغريب، أنهن لسن مخيرات فيه، بل دفعهن إليه من كان واجبا عليهم الحفاظ على عفتهن وشرفهن، وهم الآباء، في حضرة كمشة من مال حرام.. لذا، وجدن أنفسن يفتحن حياتهن مباشرة على عالم البغاء والرذيلة، وهن في عمر الزهور.

“كنت أعتقده مجرد كلام في لحظة غضب، لكنها ظهرت في الأخير حقيقة، وأنا عليها اليوم”.. جملة، فتحت بها لنا إيمان قلبها للحديث في هذا الموضوع، وهي فتاة في ريعان شبابها، لم تتجاوز سن 22، حيث كانت البداية مجرد خصام حدث لها مع أسرتها، بحكم أنها لم تستطع مواصلة دراستها الثانوية، ورسبت في أول بكالوريا لها، نتيجة للفقر وعدم الاستقرار في سكنهم، ومن ذلك اليوم، أصبح والدها يحثها على ضرورة البحث عن عمل كغيرها من الفتيات من أقرانها، ولا تهم نوعيته ومستواه، بقدر ما يهم أجره حتى ولو كان زهيدا، من أجل مساعدته على توفير الحاجيات المنزلية، وبعد بحث مستمر لم يحالفها الحظ في الحصول على شغل، خاصة أن مستواها الدراسي، لا يفتح لها أبوابا عديدة في خياراتها، فكانت كلما رجعت إلى البيت يسألها والدها، وتنتهي بخصام أصبح مع مر الوقت عادة، إلى أن صارحها والدها بضرورة “معاشرة الغرباء”: “لا تزال تلك الجملة ترن في أذني إلى حد الساعة، ولن أنساها ما حييت، كما أنني لن أسامح والدي، لأنه كان المتسبب في نيل الغرباء من عفة جسدي لعدة سنوات، فلو كان حقا رجلا شهما، لاختار أن نأكل الحجر أو التراب، بدلا من إخراجي من بيت طاهر إلى أماكن البغاء، التي أصبحت اليوم عالمي الوحيد، سواء رضيت أم أبيت. في الأيام الأولى، كنت أوفر له ما كان يريد، لكنه كان يطلب المزيد، مع مرور الأيام، هجرت البيت، واليوم أنا أتنقل بين الملاهي ودور السهرات الماجنة”.

 لا ندري هل كان واجبا أن ننقل معاناة فتيات أكرهن على البغاء، كان سبب معاناتها أقرب رجل إليها، فلم يجد حرجا في إرسالها إلى عالم الرذيلة، أو نترك قصتهن تنزف في حضن كل غريب يقابلنه، لكنها الحقيقة المرة التي يجب معالجتها بطريقة أو بأخرى.

مقالات ذات صلة