-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

أبيض وأسود

الشروق أونلاين
  • 3027
  • 0
أبيض وأسود

هل صار من الضروري تغيير لون المآزر البيضاء عندنا إلى الأسود الداكن بعد أن أصبح التوجه إلى المستشفى قد يعني سفرية إلى العالم الآخر فيجد المريض نفسه يتجرع كؤوس الموت بدل الحياة؟

  • الحالة المأساوية التي تتواجد فيها منظومتنا الصحية والتي تتورط فيها كل القطاعات والقمة والقاعدة على السواء توحي أننا نسير بمتوالية هندسية نحو عالم الشعوذة وقراءة الكف بعد أن أرعبتنا الأرقام المتهاطلة علينا مثل “طاعون عمواس” فصارت نظرتنا للمئزر الأبيض ممزوجة بالسواد..
  • وليس غريبا الآن أن تشد الرحال إلى فرنسا وبلجيكا وحتى إلى الدول العربية لأجل التداوي ليس من المسؤولين والأثرياء فقط وإنما من عامة الناس، رغم أن التاريخ والواقع يؤكد أننا أمة طب حيث يوجد ما لايقل عن ثلاثة آلاف طبيب جزائري مختص في فرنسا التي تعتبر عاصمة الطب العالمي، إذ سبق لها وأن نالت على مدار القرن الأخير تسع مرات جائزة نوبل في الطب، وبيّضت أسماء جزائرية سواد منظومات صحية دولية، فكان الدكتور الياس زرهوني مشرفا عاما على وزارة الصحة بالولايات المتحدة بتسييره لثلاثين مليار دولار من أجل صحة أبناء العم سام، ومازال الدكتور كمال صنهاجي بفرنسا أمل العالم في إيجاد دواء للمرض القاتل الذي اخترعه الغرب، وهو داء المناعة المكتسبة، ونال مستشفى قسنطينة منذ أزيد عن قرن عام 1907 جائزة نوبل في الطب، وبدل أن تتحول كل هذه الدوافع إلى أمل للمواطنين، صارت تجرهم نحو اليأس والتفكير في وسائل بدائية للقضاء على أوجاعهم البدنية والمعنوية، وهي إذا عجزت عن شفائهم فهي لا تقتلهم كما يتصرورون.
  • الجزائري البسيط صار يحفظ أمثالا شعبية مأساوية يرددها كقاعدة يسير عليها مثل “اللي مايقتلش يسمّن” و “سال مجرّب ومتسالش طبيب” و”من لبلوك للجبانة” وهو معذور، لأنه لايسمع إلا المآسي من أدوية منتهية الصلاحية وغير معترف بالمخابر القادمة منها تقدم للأطفال وللعجزة وهلاك مرضى زاروا المستشفيات لمداواة زكام عادي فوجدوا أنفسهم في غرفة العمليات.. وعندما يصبح الطبيب عندنا ينقل أولاده للعلاج بالخارج فإن الفرق ما بين “أبيض” مئزره و”أسود” معنويات المريض يتلاشى نهائيا.

 

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!