جواهر
جواسيس وعصابات إجرامية تستغلهن للهروب إلى الخارج

أجانب يصطادون الجزائريات عبر مواقع “زوج مسلم”!

وهيبة سليماني
  • 12249
  • 29
ح.م

على قدر ارتفاع ظاهرة “الحرقة” من طرف الشباب الجزائري في الآونة الأخيرة، انتشرت في مقابل ذلك الرغبة الجامحة من طرف فتيات جزائريات، في الزواج بالأجانب، وركوبه كقارب مغلف بعلاقة شرعية للهروب من الواقع، ويأتي الأتراك في مقدمة الأجانب الذين يصطادون الجزائريات عبر مواقع إلكترونية شعارها “الحلال”.. بين سندان العنوسة أحيانا، ومطرقة ظروف قاهرة وصورة جميلة لعالم آخر ساهمت فيه المسلسلات التركية إلى حد ما، تبحر بعض النساء وأغلبهن فتيات، في العالم الافتراضي من خلال مواقع الزواج الشرعي، على غرار “مسلمة كوم”، و”حلال كوم”، بحثا عن قارب الهرب أو “الحرقة” في ثوبها المغري، من خلال أجنبي، عربي أو أعجمي، أو غربي، المهم قال إنه مسلم!

عشرات الرجال من سوريا ومصر وتركيا وحتى أروبيين، والتجربة من امرأة جزائرية، تتعرف عليهم عبر مواقع البحث عن ابن الحلال، وتتواصل معهم عبر “الفايسبوك”، أو”تويتر”، وتجرب حظها، لعل أحدهم ينقذها من واقع أصبحت لا تطيقه، ومن كلمة “عانس”، ومن عيون السخرية والدونية.. هي حال الكثيرات اللواتي يلجأن إلى الزواج عبر الإنترنت، متفائلات بقصص بعضهن ممن كان الحظ حليفهن وتحققت أمنيتهن ووجدن عريسا مناسبا أخذ بيدهن فسافرن عبر قارب الزواج إلى بلد غير الجزائر.

في هذا السياق، كشف الأستاذ مصطفى بلجودي، صاحب مكتب للترجمة، إلى الفرنسية والألمانية، أن الزواج بأجانب بات ظاهرة كشفتها الملفات المطروحة للترجمة، حيث إن فتيات صغيرات في السن حسبه، وافقن على الزواج بشيوخ فرنسيين، وأتراك ومصريين، وغيرهم من الرجال الذين يتعرفون على الجزائريات عبر مواقع زواج الحلال.

وقال الأستاذ بلجودي إن الأتراك هم أكثر الأجانب الذين نجحوا في اصطياد النساء المسلمات، وهذا من خلال تأثير مسلسلات بلادهم في عقول العربيات والجزائريات على وجه التحديد، لكون أغلبهم مسلمين، حيث أضحى الأتراك أبطال المواقع الإكترونية للزواج.

… قوارب “حرقة” للجزائريات عن طريق زواج الأجانب

وقالت النائب فوزية سحنون، عضو لجنة الشؤون الخارجية بالبرلمان، وعضو سابق في لجنة المرأة والشباب التضامني في البرلمان العربي، إن ظاهرة تهريب الفتيات الجزائريات عن طريق الزواج الأجنبي واستقطابهن بمواقع إلكترونية خاصة بالارتباط الشرعي، عملية مبرمجة، هدفها تفكيك الأسرة الجزائرية، بعد أن استقال الأولياء من ممارسة دورهم في تربية الأولاد، محذرة من نتائج هذه الظاهرة التي جاءت حسبها، في وقت يهرب الشباب عبر قوارب الموت، حيث تهرب الفتيات عبر أجنبي تحت غطاء زواج شرعي.

وكشفت فوزية سحنون عن حالات زواج الجزائريات بالأجانب، التي باءت في الأخير بالفشل، حيث إن عملها في البرلمان العربي، جعلها تطلع على مثل هذه الحالات، قائلة إن مئات الجزائريات ضائعات في الخارج رفقة أولادهن، منهن من تزوجن دون وثائق تحميهن.

وترى المتحدثة أن الترويج لمواقع إلكترونية، قصد البحث عن زواج شرعي إسلامي، هو ترويج لتحطيم الدولة الجزائرية، وإن الديمقراطية ليس معناها الخروج عن العادات والتقاليد، حيث أكدت أن مشروع الدستور الذي سيعرض على الاستفتاء الشعبي، يخدم المرأة الجزائرية من خلال عدة قوانين، وإن الدساتير الآتية ستتيح أكثر الديمقراطية للمرأة وتحسن وضعها وتحميها من كل أشكال العنف، حيث ستجد الجزائرية مناخا مناسبا لها، قد لا تجده في بلدان تحلم بأن تعيش فيها.

وأشارت النائب فوزية سحنون إلى تأثير منصات التواصل الاجتماعي على الفتيات الجزائريات، واصطياد المسلسلات التركية لعقولهن، مما جعل بعض الأتراك ومنهم من ينشطون ضمن عصابات أو شبكات منظمة يستدرجونهن عن طريق مواقع زواج حلال.

ودعت إلى نشر الكثير من الوعي، في ظل انتشار قوارب “الحرقة” للجزائريات عن طريق ما يعرف بزواج المسلمة، وشريك الحياة المسلم، حيث تعمل حسبها جهات أجنبية، وبعض الأوربيين والعرب على الدخول إلى هذه المواقع لاصطياد المرأة واستغلالها في أمور أخرى، حتى وإن تحققت بعض العلاقات وانتهت بالزواج، فإنها في الغالب تنتهي بالفشل.

حماية المرأة من الجرائم الإلكترونية محدودة

ومن جهته، حذر المحامي إبراهيم بهلولي، أستاذ الحقوق بجامعة بن عكنون، من العلاقات الإلكترونية والفايسبوكية للجزائريات مع الأجانب، وقال إنها علاقة غير محمية، ويمكن أن تستغل للحصول على صور فاضحة أو عارية للضحية لاستغلالها في أمور أخرى.

وقال بهلولي إن الزواج بالأجانب فاشل في نسبة عالية منه، مؤكدا أنه اطلع على ملفات طلب طلاق لجزائريات وقعن ضحية لسوريين ومصريين وعراقيين وأتراك، مفيدا بأن القانون في مجال التشريع الخاص بالجريمة الإلكترونية ناقص، والاتفاقيات المبرمة مع الدول الأخرى تعد، حسبه، على أصابع اليد، حيث يمكن أن تستغل المواقع الخاصة بالبحث عن زواج الحلال، في أغراض أخرى قد تكون شخصية أو تخدم عصابات أو هدفها سياسي يسعى للمساس بالدولة الجزائرية، من خلال الجوسسة، أو أهداف أخرى.

الزواج علاقة مقدسة فلا تجعلوه قاربا للهروب إلى الخارج

وتأسف الشيخ سليم محمدي، مفتش التوجيه الديني والتعليم المسجدي بوزارة الشؤون الدينية، من جعل الزواج كرباط مقدس، في تحقيق أغراض أخرى، وقال إن التعارف قبل الزواج كمشروع هدفه في النهاية أسرة وأولاد، جائز شرعيا حتى ولو كان عبر مواقع إلكترونية، لكن حذر من هذه الأخيرة التي قد تكون وسيلة تجر المرأة إلى التنازل عن بعض الأشياء.

وأوضح الشيخ محمدي أن أحسن طريقة تبحث بها المرأة عن ابن الحلال، هي اللجوء إلى جمعيات وطنية تستقبل ملفات وصورا ومعلومات عن الطرفين، لكن المواقع الإلكترونية ومنصات التواصل مع الأجانب قد تأتي بما لا تحمد عقباه وتوقع المرأة في المحظور.

“حرقة” الذكور رفعت حدة المخاوف من العنوسة

وقال الدكتور مسعود بن حليمة، مختص في علم النفس، إن ضغوطات العنوسة زادت في السنوات الأخيرة في الجزائر، وإن زيادة عدد الإناث في التسعينيات، وقتل الذكور في العشرية السوداء و”الحرقة” مؤخرا، ساهمت كثيرا في ارتفاع ظاهرة العنوسة في الجزائر، مشيرا إلى أن المرأة أصبحت تتجاوز الـ30 سنة اليوم ولا تتزوج.

وأكد أن الرغبة في الزواج من أجانب سواء كانوا عربا أم أوروبيين، هو هروب غير مباشر من الواقع، وخاصة أن الجزائرية اليوم ترغب أكثر في إنجاب أطفال، والتمتع بالحرية في آن واحد، ولا يهمها الزواج كزواج، وهذه الرغبة جعلتها تطمح إلى زواج أكثر رفاها ويحقق المفخرة ويجلب المال، وهو الزواج بأجنبي.

وحسب بن حليمة، فإن زواج الأجانب يخلص من ثقل العادات والتقاليد ويجلب الحرية، ويجنب الفضيحة، حيث إن الدافع المادي الافتخاري تولد من سلوك رسخته المسلسلات التركية التي سيطرت على عقول بعض الجزائريين، وصورت لهم أن تركيا جنة، وأن هناك بلدانا غير الجزائر تجد فيها متعة الحياة.

وأكد مسعود بن حليمة أن مواقع الزواج عبر الإنترنت ومنصات التواصل الاجتماعي خاصة “الفيسبوك”، تديره مكاتب تجارية ليست لها علاقة بالمشاعر والعلاقات الشرعية.

مقالات ذات صلة