-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
ما لا يقال

أحذية عقيلات الحكام!

أحذية عقيلات الحكام!

سئل الزعيم السوفياتي نكيتا خروتشوف:ما الفرق بين مرشحي الرئاسة الأمريكية عام 1960 وهما جون كينيدي وريتشارد نيكسون؟ فقال: إنهما متشابهان مثل فردتي حذاء. تذكرت هذه الحادثة حين شاهدت الرئيس جورج بوش، يوم الأحد الماضي (14 ديسمبر الجاري)، وهو ينحني لفردتي حذاء عراقي رشقه بهما الصحافي منتظر الزيدي من قناة البغدادية التي تبث من القاهرة، وذلك أثناء مؤتمر صحفي بحضور المالكي، وكان النقل مباشرا عبر (CNN) مما صعّب إخفاء اللقطة مثلما حدث مع “رفيقه” طوني بلير، رئيس الحكومة البريطانية السابق، حين نزع أحد الصحافيين البريطانيين حزامه وراح ينهال به ضربا على بلير.

  • حذاء ساندريلا وحذاء الزيدي
  • شاب يبلغ 29 سنة، يقال إنه شيوعي، من قبيلة بني زيد القحطانية، ويعمل منذ ثلاث سنوات في قناة البغدادية، لم يجد وسيلة للاحتفاء بالرئيس الأمريكي الذي جاء العراق لتوديع جنوده و”النظام” الذي أقامه في العراق، بعد احتلالها، سوى أن يرشقه بفردتي حذائه الأسود ذي الرقم 44 ، حسب ما أعلنه بوش، في حديثه عن (مقاس) الحذاء الذي قال صاحبه لبوش: “هذه هدية العراقيين يا كلب”.
  • ظنّ بوش أن وصفه بـ(الكلب) هو تقدير لمجهوده، في العراق، لأن الكلب في أمريكا عضو من أعضاء الأسرة، ولأن كلب البيت الأبيض أسود، وبالتالي فالحذاء الأسود والكلب كانا بمثابة “رسالة” أدرك مغزاها بوش متأخرا.
  • ولأن بوش، كما يقول المثل الجزائري، “بوس الكلب من فمه وأقضي حاجتك منه” احتال على العالم بكذبة وجود “النووي” عند الرئيس حسين صدام، ليرهن البلاد والعباد في العراق لمستقبل مجهول، ولكن العراقيين كانوا متأكدين بأن “اللي جابوه رجليه العصى ليه” وبوش جاء بقدميه فكان واجبا على العراقيين ضيافته بـ “الحذاء والشتيمة”.
  • ولو أعطى الرئيس الأمريكي أدنى اهتمام لما يقوله الشارع العربي، لتفادي المثل القائل “الكلب ينبح والتركي عاڤب”،
  • و”اللي معندوش لحباب يزوره لكلاب”.
  • اعتبر الكثير ما حدث لبوش في العراق مؤشرا على فشل سياسته، فقد قدم له منتظر الزيدي »قبلة الوداع«. والحق يقال أن بوش اقتحم مجتمعا عربيا دون إذن، سوى إذن حكامه، فحق عليه وعليهم المثل »جماعة خصها كلب«.
  • الكب في الأمثال والأحاجي الجزائرية لا يختلف مضمونه كثيرا عن الحذاء.
  • وما وقع لبوش يجسده المثل القائل: “نهار لوخيذة ما ينبحوا لكلاب”، لكن وجود المالكي بجانبه، ورشقه بفردتي الحذاء، يذكرنا بالمثل العربي “وافق شنٌّ طبقة” أو المثل الجزائري “فردة ولقات اختها”، وكأنّ المالكي أدرك أن بوش سيترك فراغا في العراق، لا يستطيع أوباما تعويضه فتمسك بالمثل القائل: “غير الكلب اللي على قيه” أي الذي يتراجع عن كلامه، وربما تذكر مثلا آخر وهو “في رجلي ولا في صباطي لحمر”، فقد صار بوش رجلا للمالكي، أما باراك أوباما فهو الحذاء الأحمر الذي يريد المالكي الحفاظ عليه.
  • ويخيّل لي أن الرئيس بوش لو درس الأمثال الشعبية المتعلقة بالكلاب مثل “لحباب رجعوا كلاب”. أو “ما يحبش الكلب على الرفيس” الذي يضرب المثل به للحقير الذي يعلو شأنه، ما كان يطعن في البداية في حكومة المالكي تم يتراجع عن ذلك، وكأنه ينظر إلى المالكي، وهو يبحث عن المشاكل، مثل: “كلب نبح ما عض ما جرح”.
  • وبالرغم من هذه الأمثلة، فإن أمراء العرب يتنافسون على “شراء” حذاء منتظر الزيدي، ظنّا منهم أنه شرف أن يملك عربي حذاءً وجه لرئيس أكبر دولة في العالم من صحافي أحبّ بلاده، وفكّ لغز الأحجية الشعبية التي تقول: “على بقرتنا الدّمساء في كرشها خمسة” برمي حذائه على وجه بوش ليضع العالم أمام أحجية أخرى وهي “كبة صوف تبات تشوف” ويقصد به الكلب.
  • لم يكن منتظر ينتظر المقابل (أدهن السير يسير) ـ كما يقول المثل الجزائري ـ فقد دخل التاريخ كبطل عربي، يذكرني بموقف شيوعي آخر، وهو خروتشوف عندما ضرب بحذائه، في الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1956، على الطاولة ليضع حدّا لغطرسة أمريكا وإسرائيل وفرنسا إزاء مصر أثناء العدوان الثلاثي عام 1956 بعد أن فقد حكامنا رجولتهم.
  • من يقرأ “ساندريلا” يكتشف أن الأمير يريد رِجْلاً على مقاس حذاء إحدى الجميلات ليتزوجها، أما اليوم فالأمراء يريدون حذاء رجل حوّله إلى “انتفاضة” مثل انتفاضة أطفال الحجارة، وأنهى حكم “الرونجارس” أو أحذية العسكر، وتبيّن أن “الكلب كلب ولو طوقته ذهب”. وصحّ القول على نهاية حكم بوش بأنه “عاد يخفي حنين”.
  •  
  • أحذية عقيلات الحكام
  • عندما يكون الحظ سعيدا يعبر عنه بالمثل الشعبي “كي يعود الرجل عنده الزهر، الكلب نبّاح والمرأة تبني الصّلاح”، وإذا كان الحظ سعيدا للمرأة فهي التي تقود الرجال، ولهذا تسمى بـ”وزير الداخلية”.
  • وأغلب عقيلات الحكام العرب تعيّنّ الوزراء مثلما كانت عقيلة المرحوم لحبيب بورڤيبة، وعقيلة رئيس جزائري سابق، ويشرفن على إصدار الكتب مثل عقيلة الرئيس حسني مبارك، وينظمن اللقاءات والاجتماعات والندوات الدولية مثل عقيلات بعض الأمراء والملوك. وبغض النظر عما تقوم به عقيلات الملوك والزعماء والرؤساء من أدوار “خلف الكواليس”، فإنهن يتنقلن إلى الغرب وخاصة لندن وباريس لشراء الأحذية.
  • وثقافة الأحذية في “الفكر العربي والغربي” مختلفتان، ففي الغرب يعتبر الحذاء من عناصر الشخصية، بحيث إذا أردت أن تعرف شخصية واحد فعليك بالنظر إلى حذائه، أما عند العرب فهو لا يدخل البيت، بل إن المرأة العربية قديما، كانت تضع حذاء من عندها أمام الخيمة حتى لا يدخل أحد عليها.
  • أغلى حذاء، في الوطن العربي، يلبسه الرئيس الفلسطيني محمود عباس وبعده بقية الحكام العرب.
  • ويقول العارفون بالشأن الجزائري أن زوجة رئيس سابق كانت تأخذ “الطائرة” لوحدها إلى باريس لـ”التسوق” في الشانزيليه. وقد التحق “قبطان” الطائرة بالمعارضة بعد رفضه أن يكون في خدمة “عقيلة الرئيس”.
  • وأغرب حادثة وقعت في مسجد النور، حيث رشق المصلون أحد رؤساء الأحزاب الإسلامية، كما أنني كنت في بيت الأمير السابق “علي بن حجر” عندما قام الجميع للصلاة، وهم صحافيون. وبعد عودتهم من المسجد فوجئت بأحد الصحافيين دون حذاء، فتساءلت لماذا لم يسرق حذاء الشيخ، فرد عليّ إنه من مقاس (44)، والمفارقة أنه مقاس منتظر الزيدي.
  • والأحجية التي يصعب حلها هي تلك التي تقول: “قب قب كي يشرب الماء يهرب” ويقصد بهذا الحذاء الخاص بـ”عقيلات الحكام”.
  • ولهذا تقترب الأمثال الشعبية من هذا المضمون مثل “أضرب الكلب وشوف لوجه مولاه”، ويبدو أن منتظر لم يضرب كلبا “وشاف لوجه مولاه” وإنما سجل اسمه بـ”ماء الذهب” في سجل الأبطال الذين “قدموا أنفسهم فداء لشعوبهم حتى ينهض الشجعان منهم بمهمة الدفاع عن الوطن، ووضع حدا للمثل القائل “كبير الراس للفهامة وكبير الرجل للخسارة” فالشاب منتظر كانت رجله كبيرة، ولهذا استخدم حذاء في وجه كبير القوم.
  •  
  • الحجلة تفك حذاء الأسد
  • يقول المثل الأمازيغي “سوجب أزكاسن أرتافض أصباط”، بمعنى “إلبس النعل حتى تلقى حذاء”. وتقول قصة شعبية بأن ذئبا جاع فاحتال على أسد، وطلب منه سلخ بقرة حتى يصنع له من جلدها حذاء، واستجاب الأسد، فصنع له حذاء وطلب منه البقاء في الشمس وحين جفّ الجلد، صار مقيد القدمين، فجأت حجلة وبدأت في صب الماء على الجلد حتى تمدد، وتمكن الأسد من فك قيد رجليه، وعندئد منحها “هيبته”، ولهذا يمنح الحكام هيبتهم لعقيلاتهم، لأنهن يملكن أسرار رجولتهم، مثلما ملكت الحجلة سر الأسد.
  • فهل نحن في حاجة إلى أحذية لكشف الحقائق أم إلى أقلام لفضح الجرائم، أم إلى بنادق لتحرير البلدان من الاستعمار الجديد؟
  • أعتقد أن الرئيس بوش سيدخل التاريخ العربي ليس بسبب جرائمه وإنما بفضل حذاء منتظر الزيدي.
  •  
  • ويبقى السؤال:
  • هل سيعود حذاء منتظر حذاء ساندريلا في القصص العالمية، أم سيغير من مجرى السياسة والأحذية أو “الجزمة” في الأدبيات السياسية المصرية أم ستبقى الحادثة مجرد “حجرة في صباط” الرؤساء وعقيلاتهن؟
  •  
أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!