الجزائر
وضعت شروطا مسبقة كالإفراج عن المساجين

أحزاب “البديل الديمقراطي” ترهن فرص نجاح مبادرتها!

محمد مسلم
  • 2225
  • 28
ح.م

وضعت الأحزاب المشكلة لما يعرف بـ “البديل الديمقراطي” مبادرتها السياسية، في مأزق حقيقي، بعدما استبقت موعد انعقد ندوتها المرتقبة في نهاية الشهر الجاري، بجملة من الشروط، يبدو التجاوب معها مستبعدا، برأي متابعين.

مبادرة “البديل الديمقراطي”، التي يقف وراءها تكتل يضم أحزاب صغيرة وغير تمثيلية، ضجيجها أكبر من حجمها، برمجت موعد الندوة التي دعت إليها في 31 أوت المقبل، من أجل التوافق حول ميثاق للانتقال الديمقراطي، غير أنها وضعت على رأس شروط إنخراطها في مسار الحوار الذي دعت إليه السلطة وقسم كبير من المعارضة التمثيلية، إطلاق سراح مساجين الرأي، في مطلب بدا تعجيزي، وفق ما يراه المراقبون.

أصحاب المبادرة أبقوا على الغموض بشأن من يقصدون بمساجين الرأي أو المساجين السياسيين، بحيث لم يشيروا إلى اسم بعينه ولم يحددوا قائمة، وهو ما يزيد من حدة الشكوك حول هذا المطلب، الذي ينظر إليه الكثير بعين الريبة، لأن عدم تحديد الأسماء المطالب بالإفراج عنها، يجعل الجميع معنيا، بمن فيهم رجال العصابة والفاسدين من رجال المال والأعمال، الموجودون بالمؤسسة العقابية بالحراش، أو أولئك المتابعون على مستوى المحكمة العسكرية بالبليدة.

ويضم هذا التكتل السياسي كما هو معلوم، كل من حزب جبهة القوى الإشتراكية “الأفافاس”، وحزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية “الأرسيدي”، وحزب العمال الذي توجد زعيمته لويزة حنون، تحت طائلة عقوبات خطيرة، على مستوى المحكمة العسكرية بالبليدة، بالإضافة إلى أحزاب مجهرية وأخرى غير معروفة.

المراقبون لا يتوقعون تجاوبا سواء من قبل السلطة أو أحزاب المعارضة ولا سيما تلك التي اجتمعت في عين بنيان مطلع الشهر الجاري، مع مبادرة “البديل الديمقراطي”، لأن أصحاب هذه المبادرة كانوا قد رفضوا “أرضية عين بنيان”، بل إنهم لم يتوقفوا عند الرفض، كونهم ذهبوا بعيدا في الخصومة السياسية، حد مهاجمة بعض رموزها من التيار الإسلامي خاصة، حركة مجتمع السلم، وجبهة العدالة والتنمية لعبد الله جاب الله، حيث اتهمهما محسن بلعباس، رئيس حزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية، بالانتهازية والانخراط في أجندات السلطة، على حد تعبيره.

أصحاب مبادرة “البديل الديمقراطي” يرفضون كل ما يأتي من عند غيرهم، ثم ينتظرون أن تحظى مبادرتهم بالقبول، منطق يبدو برأي البعض أخرق، لأنه ينطوي على الكثير من الأنانية السياسية، في وقت يتعين على الجميع تقديم تنازلات للوصول إلى التوافق من أجل إحداث ثقب في جدار الأزمة.

من بين المسائل الخلافية أيضا بين أصحاب “أرضية مزفران” وأصحاب مبادرة “البديل الديمقراطي”، قضيتا “المجلس التأسيسي” و”المرحلة الانتقالية” وهما من أعقد المسائل التي حصل بشأنها انقسام ولا يزال، فالسلطة وقسم واسع من المعارضة يرفضون المطلبين بشدة، في حين يتمسك “البديل الديمقراطي” به، وهو ما يزيد من صعوبة إنجاز التوافق الغائب.

قسط واسع من السياسيين والمثقفين وعموم الجزائريين، يعتقدون أن الاستجابة لمطلب “المجلس التأسيسي” الذي يرفعه المحسوبون على “التيار الديمقراطي”، ينطوي على مخاطر غير محسوبة العواقب، فأصحاب مبادرة “البديل” يدفعون إلى فضاء يكون فيه النقاش مباحا حتى بشأن المسائل التي تم الفصل فيها منذ الاستقلال، مثل الثوابت والهوية (الدين واللغة والعلم الوطني)، وقد يؤدي الإقرار بالذهاب للمجلس التأسيسي إلى انحرافات خطيرة، لأن الأمر قد يصل حتى إلى الدعوة إلى تبني عناصر جديدة في الثوابت الوطنية..

المشكل في أحزاب “البديل الديمقراطي”، أنه تضع شروطا مسبقة للجلوس إلى طاولة الحوار، في حين أن الحوار هو الآلية الوحيدة التي يمكن فيها للفرقاء تذليل الخلافات، ما يعني أن فهم قادة هذه الأحزاب لمصطلح الحوار، يبقى قاصرا بشكل مخيف.

مقالات ذات صلة