الرأي

أخيرا نطق “حجار”.. بعد أن نطق “الحجر”

ح.م
وزير التعليم العالي الطاهرحجار

إذا صحّ مسعى وزارة التعليم العالي باتخاذ إجراءات عقابية، تصل إلى حد الفصل النهائي، ومقاضاة “الدكاترة” و”البروفيسورات” المتورطين في السرقات العلمية التي عصفت بالجامعة الجزائرية، وأدخلتها نفق الثقة المقطوعة بين الطالب والأستاذ أو بين المجتمع والعلم، فإننا سنكون قد وضعنا أول خطوة في طريق التوبة العلمية.

 حيث يصبح بإمكاننا أن نكون ضمن خير الخطّائين، لأن الصمت المطبق، وأحيانا اللامبالاة التي تشبه خرس الشيطان، الذي تعاملت به أهم وزارة في الجزائر في العقود الأخيرة تجاه السرقات العلمية والأدبية، التي كشفتها العديد من الدوائر والمجلات العلمية العالمية وقدمتها الصحف ومنها الشروق اليومي بالأدلة القاطعة، هو الذي هوى بالجامعة الجزائرية وجعلها في مراكز متأخرة عن جامعات الدول النامية مثل إثيوبيا واليمن وأفغانستان، ويكمن خطر السرقة العلمية في كونه يمنح للحاصل على دكتوراه أو من تمكّن من نشر موضوع في مجلة علمية، مزيدا من الدرجات ومن المناصب المرموقة، وبالتالي يبلغ درجة التسيير، وحينها سيصبح لسان حالها.. من غشّنا فهو منا.

ولا نفهم لماذا يطالب البعض بقطع يد سارق خبزة، ولا أحد يطالب بقطع “كرسي” سارق جهد علماء وباحثين من أصقاع العالم أفنوا العمر والمال من أجل نظرية بلغها غيرهم بجرعة ماء، ولا نفهم لماذا بقيت وزارة التعليم العالي، قبل عهد حجار، صامتة، وكاد حجر قرابة مئة مقر جامعة، تضم مليونا ونصف مليون طالب جامعي، أن ينطق بسبب فضائح ما يسمى بـ”البلاجيا” التي أنامت الأساتذة في العسل، عندما أصبحت سرقة بحث أجنبي حرفيا تمنحهم مزيدا من المنح والسفريات إلى الخارج، ومزيدا من المناصب، وللأسف فإن بعض المتورطين شيّدوا ما يشبه الإمبراطوريات، في قلب الجامعة، يسّيرون بها الطلبة والأساتذة والملايير من الدينارات، التي تتهاطل على القطاع طمعا في طفرة تكنولوجية يبدو أنها قد حثت فعلا، ولكن في الاتجاه المعاكس.

مصيبة السرقة العلمية والفكرية، لا تتوقف عند حدود طلبة الثانوي والبكالوريا وأساتذة ودكاترة الجامعة، ولكنها تنتقل إلى شؤون أخرى اقتصادية وسياسية، إلى درجة أن بعض الأحزاب عجزت حتى عن إيجاد اسم لتشكيلتها السياسية، فخطفت من أحزاب غربية وعربية وحتى تركية، كما حدث لحزب رجب أردوغان الذي تعرض لـ”بلاجيا” حزبية جزائرية، وعندما تصل “البلاجيا” إلى الشكل، فإن المضمون غير “مضمون” بالتأكيد.

حبذا لو ينتقل قرار وزارة التعليم العالي ـ إن طٌبّق طبعا ـ إلى مختلف الهيئات، فقد تأكد بأن بعض رؤساء البلديات وبعض الولاة ورؤساء الأحزاب والمديرين التنفيذيين والوزراء عندنا، يسرقون مختلف المشاريع جاهزة من العديد من الدوائر، وسيكون صادما عندما نقول إن مشروع ألف قرية اشتراكية، كان ضمن مشاريع ديغول المدوّنة في أرشيف ولاية قسنطينة والمسجلة في عام 1958، وسيكون مُثلجا للصدر، لو تمكنت الجامعة فعلا من قطع جذور السرقات العلمية التي راح ضحيتها علماء وحتى طلبة، من مختلف الأمصار، وكان الضحية الأول هو العلم الذي تبنى به الأمم.

 

مقالات ذات صلة