-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

أركان النجاح الأربعة

عمار يزلي
  • 1156
  • 0
أركان النجاح الأربعة

عندما تبدأ مؤشرات النمو في الظهور على نحو مغاير لما سلف، ممثلة في بداية تعافي الدينار ولو قليلا، وحتى ولو كان المؤشر يعكس الاستقرار بدل التدنّي، فهذا يعكس تحولا جديدا لم نشهده منذ عشريات متتالية.

أربع ركائز بُني عليها هذا التعافي الذي قد يكتسب مزيدا من القوة على النهوض من كبوة كادت إثرها العملة الوطنية تنحني كليا أو جزئيا، ليس فقط في بورصة السوق الموازية التي يتبادل فيها المتعاملون خارج أطر التعامل البنكي الرسمي، ما يقارب نحو 90 مليار دولار حسب الخبراء، بل وحسب تصريح سابق لرئيس الجمهورية، بل أيضا في السوق الرسمية.

الركيزة الأولى هي ضبط الواردات بما يتطلبه السوق، وليس بما تتطلبه أهواء المستوردين من مال الخزينة، فالاستنزاف المنهجي للمال العامّ الذي أوصل البلاد أو كاد، إلى حافة الانهيار والإفلاس سنوات العبث السياسي والاقتصادي وسيادة المال الفاسد، لم يعد مقبولا ولا مسموحا ولا متساهَلا فيه، وهذا ما جعل فاتورة الاستيراد تتضاءل بشكل كبير، مما منع المزيد من تآكل احتياطي الصرف الآخذ وقتها في النخر.

ضبط الاستيراد، قلَّص من فاتورة النهب ولكنه أيضا قلص إلى الحد الأقصى، حتى لا ندَّعي أنه قضى عليها بالمطلق، قلَّص حجم تضخيم الفواتير التي يقول عنها بعض المتابعين والخبراء، إنها كانت تفوق أحيانا 30 إلى 50 في المائة، وأحيانا تناهز الـ100 بالمائة في بعض التعاملات. ويمثّل هذا، الدعامة الثانية لتقليص العجز والوصول مؤخرا إلى احتياطي صرف يفوق 45 مليار دولار بعد أن كان يناهز 30 مليار دولار قبل ثلاث سنوات.

الدعامة الثالثة، تتمثل في تشجيع الإنتاج والتصدير خارج المحروقات، وهو ما عوَّل عليه رئيس الجمهورية منذ البداية وفي برنامجه الانتخابي. نحن الآن وقبل نهاية السنة 2022، نتحدَّث عن قرابة 5 مليارات دولار حجم الصادرات من غير قطاع المحروقات، ونطمح للوصول إلى 7 مليارات خلال سنة 2023، وهو رقم لم يكن أحدٌ يتصوَّره قبل 3 سنوات فقط.

الدعامة الرابعة، وتتمثل في الدعم الذي حظي به قطاعُ الفلاحة وهو تحدّ ورهان أوصل إلى رفع الإنتاج المحلي إلى حدِّ الاكتفاء الذاتي في بعض القطاعات، لاسيَّما الخضروات والفواكه الموسمية، ومراوحة نحو 70 في المائة من الاكتفاء الذاتي في مجال إنتاج الحبوب بأنواعها المختلفة، هذا ما جعل الخزينة العمومية توفر نحو 45 مليار دولار قيمة هذه المواد في حالة استيرادها.

ترشيد النفقات وضبط الواردات وتشجيع الصادرات ومراقبة الفوترة عبر الرقمنة وتطوير قطاع الجمارك والإصلاح الضريبي ومكافحة الفساد وبلا هوادة، هو سرُّ التحوُّل نحو تنمية عقلانية شفافة مستدامة راشدة، وهو سر نجاح عملية تغيير مسار التحوُّل الجديد ضمن فلسفة الحكم الراشد الذي نصبو اليه جميعا والذي لن يكون سهلا ولا فوريا، لكن مسافة ألف ميل تبدأ بخطوة، بقيادة ربان قطار وطاقم راشد، ليس سفيها ولا فاسدا، لا طامعا ولا أنانيا ولا مستبدًّا، وعِبر شعب عليه أن يعمل بقدر ما ينتقد ويفعل أكثر ما يقول.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!