الشروق العربي
بعضهم ينفذ حرفيا توصيات "الدجل"

أسرار التمائم والأبراج والخواتم الروحانية في حياة رجال المال والسياسة

ليلى مصلوب
  • 4188
  • 9
فاتح بارة

يعد التنجيم ومعتقدات الأبراج من العلوم الزائفة، حيث فشلت الأبراج في نيل أي إثبات علمي وثبت أن إمكانية التوقع عبرها لا تتجاوز توقعات الصدفة، إلا أن الكثير من الجزائريين يعتقدون ان ما تقوله لهم الأبراج حقيقة بإسقاطها تلقائيا على حياتهم ويربطون ما في قلوبهم وأنفسهم وما يحدث لهم بما تقوله لهم هذه “الخرافات”.

الكثير من رجال المال والأعمال والسياسيين يعتمدون على منجمين من العالم العربي، أشهرهم تونسيون ومصريون  يقرأون أبراجهم سواء على المواقع الالكترونية او اليوتيوب ويراسلونهم وينفذون حرفيا توصيات “الدجل”، خاصة ممن تعثرت مصالحهم وفشلت مشاريعهم ولا ينعمون بالسعادة…

ممن سألناهم عن التنجيم، هناك من يحاول إقناعنا بأن الأبراج علم قائم بذاته، مستدلين بنصوص القرآن في سورة الرحمان “الشمس والقمر بحسبان”، والبعض يطلق عليه علم التاروت، والبعض يطلق عليه اختصاص طاقة ايجابية، والبعض يسميه علم التنجيم “استرولوجي”، والبعض يطلق عليه “أوروسكوب”، وهي كلمة من مفردين “هورو” وتعني الساعة وسكوب وتعني مراقبة أي مراقبة الساعة، وهناك من يساويه بعلم الفلك وأن الأجرام السماوية لها علاقة بأعمال وصفات البشر وتؤثر في طباعهم وتتحكم في مصيرهم…

أما الأغلبية من الجزائريين فلا يؤمنون بالأبراج، لكنهم يطالعونها من باب الفضول فقط.

رجال الأعمال و”خلو مسار”…

بأحد البنوك الوطنية تقدم رجل في العقد الخامس تقريبا يحمل حقيبة جلدية فاخرة وكان يوم ثلاثاء، وابتسم للموظفة وقال لها “قالت لي اذا كنت مقبلا على مشروع او عقد في حياتك فلا تبدأ سوى يوم الثلاثاء”، ابتسمت الموظفة وقالت “من؟ التونسية او المصرية”، فأجابها “الحنافي”، ويقصد بها المنجمة التونسية المشهورة بسمة الحنافي التي تطلق على نفسها خبيرة التاروت والطاقة الإيجابية، والكثير من الناس وخاصة رجال الأعمال يستشيرونها حول المشاريع التي يقبلون عليها وتوقعاتها إما بالنجاح أو الفشل.

ويقول رجل الأعمال الذي يشتغل بالمقاولات انه لم ينجح في مشاريعه وله ديون متراكمة لدى الحزينة والمرقين وحتى دواوين الترقية وخسر الكثير من المال، وأصيب بأزمة نفسية دفعته إلى استشارة خبيرة الأبراج “بسمة الحنافي” التي فسرت خسائره بـ”خلو المسار”، وهو مصطلح نردده في الأوساط الشعبية الجزائرية دون ان نعرف معناه او مدلوله بقولنا “لخلا”، ويعني المصيبة، وتقول هذه المنجمة أن “البدايات” المهمة في حياة الأشخاص، خاصة العقود كالشراء والصفقات والزواج لا يجب أن تتم في أيام “خلو مسار”، وهي الأيام التي لا يتصل فيها القمر بأي كوكب… هذه التفسيرات التي لم يثبتها العلم، ولا يقرها علماء الفلك يؤمن بها البعض ويتفاداها، خاصة ممن لم تنجح تجارتهم ولم يوفقوا في صفقاتهم وأعمالهم…

تقول زوجة رجل أعمال عثر عليه مقتولا في حقول القصب بولاية تيبازة قبل أربع سنوات في محاضر التحقيق القضائي، أنه كان يؤمن كثيرا بالتنجيم والتمائم، وكان يردد دائما “برجي بالخسارة”، ويتردد على المنجمين والمشعوذين إلى غاية أن قتله أحدهم.

ويقول خبراء الأبراج حول “خلو مسار” أن عقد القران والزواج الذي يتم في هذه الأيام ينتهي بالفشل فينصحون بعدم إبرام أي عقد سواء زواج او شراء بيت أو عقد عمل في “خلو مسار”، ورغم ان العلم لا يثبت هذه التفسيرات، غير آن متابعي الأبراج والتكهنات في تزايد مستمر، فيكفي أن تتصفح موقع أي “منجم” لترى حجم الاتصالات والعدد الهائل من الناس الذين يستفسرون حول ابسط الأمور، خاصة العمل والزواج ومن بينهم جزائريون يطلبون مثلا من المنجمة المصرية “ماغي فرح” استشارات وتوقعات الأبراج لسنة 2018 حول المشاريع والصفقات المالية والارتباط.

الاحجار والخواتم المروحنة

من الأسرار الغريبة في حياة رجال المال والسياسة غير التنجيم، هي تلك الخواتم الكبيرة والجميلة الموضوعة في خنصر اليد اليمنى او اليسرى، وتبدو باهظة الثمن، مزينة بحجر كريم أسود أو اخضر أو احمر، هذه الأحجار والخواتم وراءها قصص الشعوذة معتمدة هنا بالجزائر وتمارس علنا وبإعلانات مثيرة عبر شبكات النت والقنوات الخاصة.

حسب مسؤولة بأحد المحلات بمدينة الدار البيضاء بالعاصمة فإنهم يتعاملون مع مشايخ في الخليج وخاصة السعودية والإمارات لروحنة الخواتم، أبسط خاتم سعره من 25 ألف دينار إلى 20 مليون سنتيم حسب نوع الحجر الكريم ومهمة الخاتم، والأغلى ثمنا هو خاتم السياسيين ورجال الأعمال، حيث تقول صاحبة المحل أن الخاتم يمنح صاحبه الحظ والربح والمال، والأكثر طلبا هو خاتم “الملوك السبعة”، وخاتم الزهرة الشامل يحصن من الرصاص والسلاح الأبيض حسب نفس المصدر.

وتقول نفس السيدة أن هناك زبائن يطلبون خاتما يسخر المسؤولين لخدمتهم والفوز بالصفقات التجارية، تجلب نزولا عند الطلب تحمل اسم صاحبها ووالدته وتاريخ ميلاده، وقد سألناها من يروحن هذه الخواتم؟ فأجابت “نحن لا نتعامل مع مشعوذين، بل مع علماء مسلمين مثل عضو الاتحاد العالمي للفلكيين بفرنسا الشيخ محمد الريان واليزيد المغربي وغيرهم”.

ورغم ان هذه الممارسات غير شرعية وتعد من الشرك والخرافات والشعوذة، إلا أنها تجارة رائجة تستغل سذاجة الناس وحبهم للنجاح والمال والفوز بالوزارات والمقاعد البرلمانية، وتدر أموالا طائلة تفوق تجارة الأعشاب والخلطات والرقية والحجامة وغيرها.

مقالات ذات صلة