منوعات
جزائريون يتهافتون على كتاب التاريخ في أروقة "سيلا 23"

أسرار الثورة “تهزم” 300 ألف عنوان!

الشروق
  • 8234
  • 22
ح.م

تزامنا وتنظيم صالون الجزائر الدولي للكتاب كل سنة مع احتفالية ذكرى الفاتح نوفمبر، تراهن دور النشر الجزائرية المشاركة في التظاهرة لجذب القراء والمهتمين، على تقديم الجديد والأعمال المهمة والنوعية في مجالات مختلفة وخاصة الكتاب التاريخي المتعلق بتاريخ الجزائريين والثورة التحريرية المجيدة.
دخلت منشورات “الشهاب” والوكالة الوطنية للنشر والإشهار “أناب” بمجموعة من المؤلفات التاريخية الحديثة فعاليات الطبعة الـ23، فتقدم للقارئ والمهتمين بالتاريخ عديد الأعمال المهمة والمنوعة بين كتب عن أبطال الثورة التحريرية أو عن المسار العام لحرب الجزائر ضد العدو الفرنسي، إلى جانب كتب عن دور المالغ في الثورة ودور ثلة من الشخصيات البطلة.

“آناب”… التاريخ في صلب اهتماماتها

منشورات الوكالة الوطنية للنشر والإشهار، ركزت في الطبعة الـ23 على كتب تاريخية مهمة، بعضها صدر حديثا وبعضها الآخر صدر في السنوات الأخيرة، ولكن ما يهم هو محتوى ما جاءت به هذه الكتب. على غرار كتاب “عبد الحفيظ بوصوف” لشريف عبد الدايم، كتاب “المالغ القصة الكاملة” لكاتبها حاج عبد الرحمان براون، إلى جانب مؤلف”وداعا فيتنام أهلا يا جزائر” لمحمد عباس، “مؤتمر الصومام الفعل المؤسس بحلوه ومره” للهاشمي جيار، مؤلف “عمر الصغير أطفال لكنهم ثوار”، لسهيلة عميرات، “الجبهة الجنوبية لجيش التحرير الوطني بمالي” لعبد الله مقلاتي، “الجلادون 1830-1962” بوعلام نجادي، “الداي حسين” لمحمد ياحي، “17 أكتوبر 1961” لرابح محيوت، وكذا كتاب يقدمه محمد هواوة عنوانه “يمينة عوادي البطلة المنسية” وغيرها من المؤلفات التاريخية.
وقالت آسيا باز مديرة النشر بـ”أناب” إنّ الوكالة تقدم كتبا منوعة ومهمة في التاريخ منها سلسلة أطفال تتحدث عن شخصيات بطلة لا يمكن نسيانها وهي عالقة في الذاكرة الجزائرية على غرار تنيهينان، تاكفاريناس، يوغرطة وغيرهم ممن صنعوا تاريخ الجزائر في العهد الروماني.
وأضافت آسيا باز إنّ السلسلة تقدم بأسلوب سهل وبسيط حتى يفهمها الأطفال ويستوعبوا أفكارها ومحتواها، خاصة بالاعتماد على صور ورسومات جميلة إلى جانب المضمون.
وأشارت إلى أنّ ما يقدم من كتب تاريخية ومذكرات عن شخصيات تركت بمصتها في الثورة التحريرية، يندرج ضمن خط المؤسسة التي تهتم بتاريخ الجزائر وبالذاكرة الوطنية. وقالت: “المؤسسة تركز كثيرا على التاريخ لكونه ذاكرتنا”. ولم تخف المتحدثة وجود أعمال أخرى في الأدب والشعر غير أنّها أوضحت أنّ مختلف هذه الأعمال تتضمن في طياتها التاريخ وهو جزء مما يكتبه المبدعون الجزائريون.

“الشهاب”… الكتب التاريخية في الواجهة

من جهتها، تسير منشورات “الشهاب” على خط الوفاء للتاريخ والذاكرة الوطنية، فمن جملة ما تعرضه رفوفها في صالون الكتاب الـ23، العناوين التاريخية سواء التي صدرت حديثا أم في السنوات الأخيرة، ومنها كتب عليها طلب كثير ككتب الثورة.
وخلال تجول “الشروق” بجناح منشورات “الشهاب” لاحظت الكم الهائل للعناوين التاريخية وكذا تنوعها، فبعض الأعمال كتبها كتاب جزائريون وأخرى ألّفتها أقلام أجنبية.
ومن بين العناوين التي تعرضها الدار في سيلا23 كتاب للجنرال المتقاعد خالد نزار بعنوان “روايات معارك حرب التحرير:1958-1962″، ومؤلف بعنوان “حرب التحرير: تاريخ ثورة” وقعه مالج عبادة، إلى جانب أعمال أخرى منها باللغتين الفرنسية والعربية مثل العدو الحقيقي لباتريك روتمان، “الجزائر من الحرب إلى الذاكرة: باريس هل من مستقبل” لفلورونس بوجي، “سطو على مدينة الجزائر” لبيار بيان، “مهندسو الثورة” لعيسى كشودة، “معركة فرنسا: حرب الجزائر في فرنسا” للكاتبة ليندة عميري، حرب الجزائر”لمحمد حربي وبن جامين ستورا، “بومدين رجل ثورة 1954-1962” وغيرها من المؤلفات التي تحظى باهتمام النشر عند “الشهاب” التي تبقى وفية للتاريخ والذاكرة الوطنية، فكل عام تتصدر كتبها التاريخية المبيعات في الصالون، إلى جانب تقديمها لتشكيلة منوعة في مجالات الرواية والأدب.
وبدرجات مختلفة ومتفاوتة تعرض دور نشر جزائرية أخرى كتبا تتعلق بتاريخ الجزائر وثورتها التحريرية، وعن أبطالها، حيث يعود محمد الطيب العلوي من منشورات “دار الهدى” إلى الذاكرة الشعبية بكتاب (من السمندو إلى مليانة 1928-1956) والذي يحكي عبره مرحلة الحكم الفرنسي ومواقفه اللاإنسانية وقتل الروح الوطنية في الشعب الجزائري، كما تضمن تراجم شيّقة لأبطال المقاومة الجزائرية خاصة الأمير عبد القادر الجزائري وأحمد باي. إلى جانب كتب أصدرتها دار الهدى للكاتب عبد العزيز فيلالي بعنوان “موقف القادة الفرنسيين من الثورة التحريرية وردّ فعلهم بين 1954-1956″. و”صور من حياة ونضال الزعيم الإسلامي والمصلح الديني الكبير الشيخ عبد الحميد بن باديس” كتبه تلميذه الأستاذ الشيخ محمد أحمد يكن المنصوري الغسيري، والذي يذكر في جزء منه العلاقات التي كانت بين الجزائر وفرنسا وكيف انتهت إلى الاحتلال، في حين يقدم مراد مزعاش كتابه “جهود جمعية العلماء المسلمين في خدمة اللّغة العربية في الجزائر 1931-1954”. فضلا عن كتاب لأحمد بن صالح تحت عنوان “مرض الرئيس الراحل هواري بومدين الرجل الذي هزّ مرضه العالم” لمؤلفه أحمد ابن صالح.

التاريخ يفرض نفسه في معرض الكتاب والرواية تستلهم حياة الرموز

بوحيرد تلتقي عبان رمضان وزهور ونيسي تروي مأساة كاليدونيا

يمينة شراد تروي ذكريات جبال الثورة وزيغود يتحدث من قبره

سجل الكتاب التاريخي حضورا قويا في الطبعة 23 من معرض الجزائر الدولي للكتاب بطريقة نافس فيها الرواية والإصدار الأدبي، فرغم مرور 64 عاما على اندلاع ثورة نوفمبر إلا أن حرب التحرير ما زال يستقطب أقلام الكتاب والمؤرخين وحتى الروائيين الذين اتخذوا من أحداث حرب التحرير خلفية يستلهمون منها إبداعاتهم فمن بين أزيد من 300 ألف عنوان في المعرض كان لكتاب التاريخ قصب السبق.
حضر صناع الثورة في الصالون من خلال مذكراتهم التي يرون فيها شهاداتهم النضالية في جبال الثورة، حيث طرحت منشورات الكلمة مذكرات المناضلة يمنية شراد تحت عنوان “6 سنوات في الجبال” التي تعود من خلالها المناضلة إلى قصتها في حمل السلاح إلى جانب المجاهدين. كما قدمت الدار أيضا مذكرات المناضل فليكس اوليزي “ذاكرة السجن 1962 و1956” وأكدت المسؤولة عن جناح الدار بالمعرض أن كتب التاريخ تلقى رواجا لدى قراء وزوار المعرض لهذا تحرص الدار على تقديم الجديد في كل طبعة.
منشورات القصبة المتخصصة بدورها في كتاب التاريخ رغم أنها لم تقدم هذه السنة كتبا جديدة لكنها طرحت طبعات جديدة لمؤلفات صدرت سابقا وما زالت تلقى إقبالا من طرف القراء مثل مذكرات “عمر بوداود” من حزب الشعب إلى حزب جبهة التحرير مذكرات مكافح وكتاب مسعود جناس من الأمير خالد إلى ثورة نوفمبر 1954، وكتاب حزب جبهة التحرير وثائق وتاريخ” لجيلبارمني وكتاب “التاريخ الداخلي لحزب جبهة التحرير الوطني لنفس الكاتب وكتاب الراحل رضا مالك حرب التحرير ثورة ديمقراطية.
منشورات كوكو، بدورها أعادت هذه السنة تقديم كتاب نجل عبان رمضان عن والده سحب على الثورة، عبان رمضان في قلب العاصفة والذي يرد من خلاله على الكثير من الاتهامات التي طالت والده.
حضور الكتاب التاريخي في معرض الجزائر لم يقتصر فقط على المذكرات والشهادات التاريخية بل تعداه إلى الكتب الأكاديمية التي وقعها باحثون وكتاب مثل الكتاب الذي قدمته منشورات ألفا ووقعته الوزيرة السابقة زهور ونيسي “كاليدوينا الجديدة أو النفي بلا رجعة” الذي تروي من خلاله قصة النفي الشهير التي مارستها فرسنا في حق عدد كبير من الجزائريين.
حضور التاريخ في صالون الكتاب تجلى أيضا حتى في أقلام الروائيين الذين صاروا في السنوات الأخيرة يستلهمون الأحداث التاريخية في رسم قصصه مثلما فعل الكاتب الكبير مرزاق بقطاش في روايته “البابور” التي وقعها بجناح “أناب” ومثلما فعل بلقاسم مزغوشن في روايته الصادرة عن نفس الدار مؤبن المحروسة يؤذن في فلورنسا” والتي تتحدث عن الأيام الأخيرة للداي حسين وسقوط مدينة الجزائر وكما فعلت ربيعة جلطي في روايتها “شارع قوارير جميلة بوحيرد” التي دافعت من خلالها عن تسمية شوارع المدن بأسماء الرموز النسوية الجزائرية.
منشورات “الإبصار بالمعرفة” المتخصصة في تقديم الكتب بالبراي طرحت هي أيضا كتبا موجهة لذوي الإعاقة البصرية مثل كتاب “سيرة الشهيد زيغود يوسف”.

إسماعيل امزيان لـ”الشروق”:
القصبة نافست الفرنسيين واستعادت شهود الجزائر

قال مدير منشورات القصبة إسماعيل امزيان إن تخصص الدار في كتاب التاريخ منح الفرصة لعدد كبير من شهود الثورة والباحثين الجزائريين النشر بحرية وقد استطاعت الدار منذ تسعينات القرن الماضي منافسة الدور الفرنسية وتمكنت في ظرف قصير وبفضل مصداقيتها وحرصها على التأكد من أي معلومة تاريخية قبل نشرها من إقناع حتى الذين كانوا ينشرون في فرنسا من النشر في الجزائر أمثال علي هارون وفتحت منبرا لمن كان رافضا النشر في الخارج أمثال مصطفى لشرف.
وأضاف إسماعيل امزيان الدار لا تفرض أي خطوط حمراء على الذين يرغبون في نشر أعمالهم التاريخية لدى الدار خارج ما تفرضه المهنة، وهي رفض السب والشتم، مؤكدا أن التخصص في كتاب التاريخ هو خيار تبنته الدار لأنه يرى في ذلك واجبا وطنيا يمنح فرصة للجزائريين سواء كانوا باحثين أم شهود مرحلة من تقديم مساهمتهم في تدوين ذاكرة الجزائر.

مقالات ذات صلة