الرأي

أسماء على‮ ‬غير مسمى

عمار يزلي
  • 2496
  • 1

لم نعد نجد في‮ ‬إحياء مناسباتنا الوطنية وحتى الدينية سوى‮ “‬القشور‮”‬،‮ ‬بعد أن ذهبت الألباب باللب‮.. ‬إحياء الذكرى الستين للثورة التحريرية المظفرة لهذه السنة،‮ ‬ومنذ سنوات خلت،‮ ‬وبعدما‮ “‬خلات‮” ‬البلاد من الحس الوطني‮ ‬والثوري،‮ ‬بسبب تحول أصحاب ثورة الأمس إلى أنخاب ثروة اليوم‭-‬‮ ‬على الأقل في‮ ‬أعين المواطن العادي‭-‬‮ ‬صار إحياء ثورة الشعب الجزائري‮ ‬على المحتل الغاصب،‮ ‬لا‮ ‬يتجاوز رفع علم هنا وهناك‮: ‬على مقابر الشهداء،‮ ‬وعلى بعض الصروح الحكومية،‮ ‬وبعض‮ “‬التماثيل‮” ‬ويوما مدفوع الأجر‮ (‬بلا ثواب‮). ‬هذه السنة،‮ ‬دخلت بدعة أخرى حيز التطبيق‮: ‬الاحتفاء بالمناضل والمجاهد الأكبر فخامة رئيس الجمهورية رمز النضال والثورة‮.. ‬وهذا بعرض‮ ‬1600‮ ‬صورة للسي‮ ‬عبد القادر المالي‮ ‬المجاهد والمناضل والوزير والرئيس،‮ ‬وهذا في‮ ‬شكل اختصار ثورة شعب بأكمله مع مليون ونصف مليون شهيد في‮ ‬1600‮ ‬صورة لفخامة الرئيس‮!‬

ما ميز نوفمبر هذه السنة أيضا،‮ ‬هو إطلاق أسماء على جامعة وهران الأولى بعد التقسيم‮ “‬أحمد بن بلة‮”‬،‮ ‬وجامعة وهران الثانية‮ “‬محمد أحمد عبد الغني‮”. ‬وبعض التسميات هنا وهناك على مجاهدين انتقلوا إلى رحمة الله‮.‬

لست ضد التسميات،‮ ‬لا على الشهداء ولا على المجاهدين،‮ ‬خاصة من صنف الراحل بن بلة والعقيد عبد الغاني،‮ ‬غير أن تسمية جامعة وجامعات على شخصيات سياسية هو ما‮ ‬يضرّ‮ ‬في‮ ‬المخ،‮ ‬بل هو تأكيد لسياسة احتقار المثقف،‮ ‬ألا‮ ‬يوجد مثقفون ومفكرون شهداء ومجاهدون لنسمّي‮ ‬عليهم جامعاتنا التي‮ ‬نريد لها أن تكون صروحا علمية وثقافية؟ أين الشيخ المهدي‮ ‬البوعبدللي،‮ ‬الذي‮ ‬من المفروض أن نسمي‮ ‬عليه إحدى جامعاتنا؟ أين البشير الإبراهيمي؟ الطيب العقبي؟ مالك بن نبي؟ مبارك الميلي؟ محمد الميلي؟ وآخرون كثيرون جدا؟ أحمد بن بلة من المفروض أن نسمي‮ ‬عليه شارعا كبيرا في‮ ‬العاصمة ووهران وقسنطينة وعنابة‮. ‬أن نسمي‮ ‬عليه أوتوروت شرق‮ ‬غرب‮.. ‬مانيش عارف‮.. ‬أن نسمي‮ ‬على عبد الغني‮ ‬ساحات عمومية ضخمة،‮ ‬أحياء جديدة،‮ ‬مطارات،‮ ‬شوارع،‮ ‬حتى مراكز للتكوين المهني‮ ‬وتكوين الشرطة إلخ‮.. ‬لنترك للمثقفين والعلماء الحظ في‮ ‬أن نسمي‮ ‬عليهم على الأقل الجامعات ومراكز البحث والمعاهد العلمية،‮ ‬فغدا،‮ ‬لست أدري‮ ‬كيف وعلى من سنطلق أسامي‮ ‬المسميات؟

نمتُ‮ ‬هذه المرة لدقائق لأجد نفسي‮ ‬في‮ ‬نوفمبر وقد تفطنت لاختفاء العلماء والمثقفين من قائمة التسميات،‮ ‬فقلت‮: ‬والله نسمي‮ ‬عليهم‮ “‬الله‮” ‬ونطلق بعض التسميات على بعض المنجزات‮: ‬مخبزة محفوظ نحناح،‮ ‬قاعة شاي‮ ‬عبد الملك مرتاض،‮ ‬قاعة ألعاب عبد المجيد مزيان،‮ “‬تبرنة‮” ‬وردة الجزائرية،‮ ‬مكتبة الريميتي،‮ “‬صال‭-‬‮ ‬فيت‮” ‬عمار‮ ‬يزلي،‮ ‬ملعب محمد الهادي‮ ‬الحسني،‮ ‬قاعة رقص أحمد حماني،‮ ‬مجزرة عبد الرزاق قسوم،‮ ‬دكان الطاهر وطار،‮ ‬ملبنة خليفي‮ ‬أحمد،‮ ‬معصرة علي‮ ‬معّاشي‮..‬

وأفيق من نومي‮ ‬وأنا أبكي‮ ‬على المثقف وقلة الثقافة بسبب ورم التسييس والسياسية‮.‬

مقالات ذات صلة