الجزائر
"الشروق" تنقل أغرب قضايا التركة

أشقاء يفرّقهم الميراث وأموات يعودون للحياة!

الشروق أونلاين
  • 14297
  • 22
ح.م

تزايدت قضايا النزاع حول العقار والميراث في فك روابط الأسرة الجزائرية، إلى درجة شحن النفوس بالأحقاد وملئها بالضغائن وقطع صلة الرحم، في حين دفعت البعض إلى ارتكاب جرائم شنعاء، من أجل تحقيق هدف الحصول على أكبر حصة ممكنة من الثروة، وتحوّل الأشقاء إلى أعداء بسبب الجشع والطمع.

ارتأت “الشروق” من خلال حضورها الدائم بالمحاكم ومجالس القضاء، نقل أغرب قضايا الميراث بمساعدة محامين وأعضاء نقابة تأسسوا للدفاع عن الطرفين، سواء كمتهمين أو ضحايا، لا سيما أن قضايا الميراث عصفت بصلة الرحم، سرقة أيتام، قتل بأبشع الطرق، استدعاء لأرواح الميت، كل   هذا وغرائب أخرى تحدث فقط من أجل المال والثروة؟؟؟

 

 أموات يعودون إلى الحياة بوكالة وقعت بالمقبرة 

قصة العمة الميتة التي عادت إلى الحياة، بعد أن أخذ عزائها وصنفت ضمن قائمة الموتى، بعد اختفاء مفاجئ دام سنوات، تعود الحياة وتدخل إلى المحكمة بوثائق ثبوتية بحثا عن ميراث اقتسمه شقيقها الأكبر مع إخوته في غيابها، متخذا كافة الإجراءات القانونية، وإسقاط حقها في الميراث للاستحواذ على حصة الأسد.

وتضمنت تفاصيل الحادثة التي سردها أحد المحامين بخصوص أغرب قضية ميراث تمت معالجتها بالمحكمة، حول إعداد الشقيق الأكبر لفريضة قسمة التركة دون إدراج شقيقته المختفية، وبعد تعذر وجودها قام بالتبليغ عن وفاتها في ظروف غامضة، بإجراء عمليات التزوير في محررات إدارية، إلا أنه قبل اختفائها حين توفي شقيقهم الثاني، وبينما كانوا بالمقبرة، استغل الفرصة ليجعلها توّقع على وثيقة بمنحه توكيلا يقضي له بالتصرف في ممتلكاتها، فكان الشهود على توقيعها للوثيقة أمواتا، بعد أن غادر الأحياء قبر المتوفى، وانفرد الشقيق الأكبر بأخته الأمية بعد التأثير عليها والتلاعب بأفكارها، حين أقنعها أن الوثيقة عبارة عن إجراء عادي، هدفه تسهيل مهمة إدارة أمور التركة فقط، وبعد مدة قام بطردها من المنزل العائلي، لتتشرد بالشوارع لسنوات، وتختفي عن الأنظار، إلى أن اعتقد أنها فارقت الحياة بحكم كبر سنها، وشاءت الأقدار أن تعود للمطالبة بحقها في الميراث، حين اقتحمت جلسة علانية وأخبرت القاضي أنها العمة المتوفاة بتدبير من شقيقها الذي دفعه الجشع والطمع إلى اتباع أساليب ملتوية للاستيلاء على التركة، ليتابع الشقيق الأكبر بتهمة التزوير واستعمال المزور في محررات رسمية وإدارية، والاستيلاء على أموال التركة.    

   

وفاة زعيم القبيلة يحرم الأيتام من الميراث 

سرد أحد المحامين وعضو بالنقابة أن بعض العائلات المقيمة بالأرياف والقرى والمداشر يكاد أغلبهم يحمل نفس اللقب، ويتعايش أبناء العمومية داخل عرش واحد يشتركون في الآراء والأفكار والمصير الواحد، خاصة المتعلقة بالارتباط المقدس الزواج بالنسبة لبناتهم ورفضهم تزويجها من غريبة عن المنطقة، بل يكون زواج من الأقارب، والغرض الاحتفاظ بالميراث وتوارثه عبر الأجيال، لذا تنشأ عداوة بين الأشقاء المتنازعين عن الملكيات العقارية والأراضي الفلاحية المنتشرة بكثرة، خاصة سكان الأرياف والقرى، ليشتعل فتيل الفتنة والنزاع بمجرد وفاة الأب، باعتباره زعيم الأسرة والقبيلة، ويحرم الأيتام من حقهم، حين ينشب الخلاف بين الأشقاء وأبناء العم والكل يريد تقسيم التركة على حساب مصلحته الشخصية، لتبقى العدالة الملجأ الوحيد كون القانون يحمي ويحفظ الحقوق.  

 

يغتصب زوجة عمه ويدفنها بحديقة المنزل ويأخذ بصماتها

ولعل أبشع جريمة قتل تلك المرتكبة من طرف عون شبيه بالأمن الوطني، الذي حبك سيناريو وخطط لتصفية زوجة عمه جسديا، باعتبارها عجوز طاعنة في السن مقيمة بمفردها بفيلا بمنطقة بولوغين بالعاصمة، إلا أن الجشع أعمى بصره حين اقترف جريمة قتلها ودفنها بحديقة منزلها بعد الاعتداء عليها جنسيا رفقة شريكه البَناء.

تفاصيل الجريمة الشنعاء بت فيها على مستوى محكمة الجنايات بالعاصمة، حين تبين أن المتهم قام بخنق زوجة عمه من أجل أخذ بصماتها على مستندات ووثائق رسمية متعلقة بالتنازل على عقد ملكيتها، إلا أن المستور كشف حين تم تأنيب ضمير أحد الجناة، الذي لم تغمض عيناه منذ ارتكاب الجريمة ليفضح السر لدى أحد أقارب الضحية، وتم التبليغ عن الجريمة بعد حفر القبر الذي أنشأ بحديقة منزل العجوز، ليخلص تقرير الطب الشرعي إلى أن جثة الضحية تعرضت إلى عملية الخنق، وكانت السبب المباشر للوفاة، مع التداول على اغتصابها جنسيا، من أجل الميراث وتقاسم الثروة.

 

الشقيق الأكبر يجبر والده على التوقيع على مستندات التركة

قصة أشقاء وزوجة الأخ بمنطقة حسين داي بالعاصمة، فرّق بينهم الميراث، حين استعمل الأخ الأكبر، باعتباره مسير محلات تجارية لوالده العجوز البالغ من العمر 85 سنة، أرقده فراش المرض وأتلف ذاكرته، ليستغل الابن الأكبر الموقف بطريقة احتيالية للظفر بالمحلين، ويجبر والده على توقيع مستندات التنازل عنهما، وهو على فراش الموت، ليحصل بها على عقد هبة بعد تزوير شهادة طبية لوالده المريض، على أنه في كامل قواه العقلية.

وبمجرد وفاة الأب اكتشف الأشقاء أن الأخ الأكبر قام بالاستيلاء على التركة بطرق احتيالية والتصريح الكاذب، حين توجهوا للموثق من أجل مباشرة إجراءات طلب الفريضة، وبتتبع الإجراءات القانونية وطلب شهادة طبية، وجدوا أنها تحمل عقد هبة استحوذ عليه الشقيق الأكبر بالاستعانة بموثق، حرر له الوثائق الرسمية بحكم الثقة وقرابته بالعائلة.

 

المحامي”مهدي عمر” في تصريح لـ”الشروق”

رفض إجراءات قسمة التركة تخوّل لأحد المتنازعين عرض العقار أمام المزاد العلني

اعتبر المحامي المعتمد لدى المحكمة العليا “مهدي عمر” في اتصال هاتفي بالشروق أن قضايا النزاع حول التركة والعقار تفاقمت بشكل ملف للانتباه في الآونة الأخيرة، بدليل طرحها يوميا أمام المحاكم، لينجم عنها نزاعات وانشقاقات بين أفراد الأسرة الواحدة، مؤكدا أن الإجراءات الخاصة بالعقارات والأراضي الفلاحية تقتضي تعيين خبير لحصر التركة وإعداد مشروع القسمة.

خاصة في ظل الجشع والطمع للظفر بأكبر حصة ممكنة دون اللجوء إلى الشريعة الإسلامية، حين يتوفى شخص، مشيرا في سياق حديثه إلى الإجراءات الواجب اتباعها بدءا من طلب الفريضة وتوثيق الطلب ليتمكن كل طرف من أخذ حصته، عن طريق الخبرة في حال وجود عقار الذي لا يمكن تجزئته، وفي حال الامتناع عن قسمته أو ظهور نزاع قانوني، يملك كل واحد الحق في عرضه بالمزاد العلني.

وأضاف المحامي”مهدي” أن قانون العقوبات في المادة 363 ينص على:”أنه يعاقب بالحبس من شهرين إلى ثلاث سنوات، الشريك في الميراث أو المدعي الذي استولى بطريقة الغش على كامل الإرث، أو جزء منه قبل اقتسامه، وتكون عقوبات صارمة ضد مرتكبي الجرائم والتجاوزات غير القانونية.

مقالات ذات صلة