أصوات الموتى “لتسويط” الأحياء
عندما يصوِّت “مجلس الشعب”، ضد الشعب، وعندما يصرح بن فليس من وهران أن الانتخابات المحلية والتشريعية مزوّرة بفعل 3 ملايين صوت مسروقة من قوائم الأموات، فهذا يجعلنا نفهم لماذا “مجلس الشعب” يجلس على الشعب، ولماذا تتحكم الأقلية في الأغلبية باسم الأغلبية على الأقلية، ولماذا نجد الحكومة غير الشعبية والبرلمان غير الشعبي يقرُّ قانونا غير شعبي، الذي هو قانون الزبر والحش والقص والنتف وترييش الشعب المريّش أصلا لصالح كمشة من أهل “الريش” ومن الذي ارتشوا برشاوي النظام على كاهل أجساد الشعب المنتوف ريشه؟!
لم أعرف “بغل ـ مان” أشدّ قسوة حتى من بغل الحكومة فيما يتعلق برفس الشعب المرفوس، البرلمان الذي من المفترض أن يدافع عن الشعب، صار هو من يمثّل بجثته وهو شبه ميت أقسى بما مثل بجثته الجهاز التنفيذي، والدليل أن البرلمان زاد في بعض الزيادات التي زادها المشروع الحكومي في قانون مالية 2016، ومنها إعصار الوقود، كيف يعقل أن يصبح البرلمان أكثر ملكية من الملك؟ سؤالٌ يطرح إذا كنا نجهل أن البرلمان والأجهزة التنفيذية برمّتها لا تمثل الشعب إلا من حيث أنها تمثل به عوض أن تمثله أو تمتثل له، وعندما نعرف السبب، يبطل العجب: فهذه المؤسسات “المنتخبة” إنما هي ممثلة لأغلبية موتى هذا البلد الذين لا يزالون أحياء في القوائم الانتخابية. وعليه، يُفهم لماذا الأموات يقتلون الأحياء، لأنهم يرون من الحياء أن يبقى الناس أحياء فيما هم أموات!
هكذا، وجدتموني لا أنام هذه الليلة الكئيبة، بل أعيش كابوسا مروعا: الأموات قد خرجوا في شكل جيش من “ليزومبي” يطالبون بعودة أصواتهم إليهم من الذين سرقوها ليسرقوا المال والكراسي والقرارات؛ 3 ملايين زومبي ومليون ونصف مليون شهيد، كلهم خرجوا من الأجداث إلى أنصاب وأزلام يوفدون! كانوا كسواد الليل، وكان القتل الفظيع وسفك الدم يتمّ بطريقة وحشية من هؤلاء “ليزومبي” وكأنما كنت أتفرّج على فيلم رعب من نوع “نهاية العالم.. وولد أكس”، وكان بالمقابل الرصاص والنار تحرق وتخرق الآلاف منهم، لكن تعاظم هذه المخلوقات التي سُرقت منها حقوقها، بما فيها حق الكلام وزُوِّرت المحاضر باسمهم ووقع على السجلات الانتخابية باسمهم، و”خبط” السياسيون خطبهم البتراء المصنوعة من خشب الفلين، باسمهم: باسم الشعب وباسم الشهداء الأبرار! كانوا فظيعين، تحولوا إلى مخلوقات مرعبة ينقضّون ويمزقون لحوم بني آدم ويسفكون دماهم ببرودة دم: عطشى للانتقام الدموي المرعب.. قوات مكافحة الشغب والإرهاب، لم تتمكن من صد هذا العدوان الإرهابي المتوحش على الشعب، الشعب الميت يفتك بالشعب الحي! أي بلاء هذا؟ الأموات لا يفرّقون بين الأحياء الأموات وبين الأموات الأحياء، الكل في الموت سواسية.. رائحة الدم البشري وحدها كانت تقود هذه الجموع الغاضبة القائمة من القبور ترمي التراب من على وجوهها وتخرج نهارا جهارا لتحوّل الليل إلى نهار والنهار إلى ليل..
قلت لزميل لي كان يهم بالهروب: لا تخف، هؤلاء منا وأعرف الكثير منهم.. قال لي: أهرب، لا تقل عن أحد منهم إنهم لك، كانوا من أقاربك ومعارفك سابقا، إنما “السيستام” “فورماطا” عقولهم! إنهم مثل البرلمانيين يمزِّقون الحبل السري مع الشعب بعد أول 40 مليون سنتيم يقبضونها، لقد تغيروا، لم يعودا ما كانوا.. أهرب بجلدك قبل أن يلحقوا بك وتتحول بدورك إلى “زومبي” جزائري.. من زامبيا!
وأفيق! يا إلهي ماذا فعل “المج ـ لص” الشعبي بالشعب؟!