الجزائر
غزوا الشواطئ والطرقات والأسواق

أطفال تحت درجات حرارة قياسية لتأمين مصاريف الدخول المدرسي

زهيرة مجراب
  • 970
  • 4
ح.م

يعتبر فصل الصيف فرصة للراحة والاستجمام لدى الكثيرين ممن يسافرون لقضاء عطلة مميزة، كما يشكل في الوقت ذاته فرصة ثمينة لبعض الأطفال الباحثين عن الرزق الحلال، حيث يغتنمون أيامه الحارة في التجوال بين الأسواق، الشواطئ ومحطات الحافلات عارضين سلعتهم البسيطة لعلهم يظفرون ببضع دنانير تؤمن احتياجاتهم ومتطلبات أسرتهم خلال الدخول المدرسي.

خروج الأطفال للعمل وانتشارهم على طول أرصفة الطرقات السريعة وشواطئ البحر، وكذا الأسواق هي صورة تتكرر كل فصل صيف فلا درجات الحرارة المرتفعة، ولا أجسادهم النحيلة المتعبة من الدراسة طوال العام تحول دون ذلك. يعملون طوال ساعات النهار وبعضهم يستمر دون انقطاع حتى المغرب كي يتمكنوا من توفير مستلزمات العودة لمقاعد الدراسة، بعدما أصبح الغلاء وقلة الحيلة سببين يجبران الأهل على الدفع بأبنائهم وبناتهم الصغار للخروج إلى العمل.

الأطفال الباعة يكتسحون أسواق العاصمة

فخلال جولة قادتنا لسوق ساحة الشهداء بالعاصمة، شاهدنا عشرات الأطفال وقد بسطوا أفرشة على الأرض يعرضون عليها مختلف البضائع من مناشف للوجه “سرابت”، لأغطية أسرة صيفية “إزارات”، وآخرين يبيعون دبابيس وأكياس بلاستيكية وقارورات مياه مجمدة. يحكي لنا أحد الأطفال الذي كان برفقة شقيقه وعمرهما لا يتجاوز 12 سنة، يقول: “أنا من حي باب الوادي وقد تعوّدت منذ سنوات على بيع المياه المعدنية هنا، أشتري من الحي مجموعة كبيرة من القارورات صغيرة الحجم وأضعها في الليل داخل المجمّد، وفي الصباح أحملها داخل هذه القفة وأعرضها للبيع بـ 30 دج للقارورة الواحدة، ليضيف لقد اكتسبت الكثير من الخبرة فبعض الناس يحاولون استغلال صغر سني لأخذ الماء دون تسديد ثمنه، وسائقي الحافلات ينزعجون منا لكن الله غالب مواصلا نعمل هكذا كل صيف حتى نشتري ثيابا جديدة للمدرسة”.

أما طفل آخر يبيع الأكياس بـ 10 دج، فأكد لنا بأن الفائدة التي يجنيها قليلة جدا فالأكياس ملك لأحد أبناء حيه يمنحها له ليبيعها ثم يعطيه نصيبه، لكنه أفضل من البقاء في المنزل فهو لا يسافر ولا يخرج أثناء العطلة، لذا فالبيع وتأمين مبلغ بسيط للدخول المدرسي يخفف الحمل عن والدته المطلقة يخفف الكثير عنها.

محطات البنزين وجهة بعض الأطفال للبيع

وتختلف النشاطات التجارية التي يمارسها الأطفال خلال فصل الصيف باختلاف الأماكن التي يتواجدون فيها، فعلى مستوى محطات البنزين في الجهة الغربية من العاصمة يكثر الأطفال الذين يحملون قففا، يعرضون بداخلها ما جادت به أنامل والدتهن من محاجب وعندما تستفسر أيا منهم إذا كان يدرس؟، يرد بغضب وكأنه سئم من سماع هذا السؤال فيرد عليك بحزم “نعم أدرس ونحن الآن في عطلة لذا أنا أعمل أفضل من الجلوس هي مشاهد باتت تتكرر هناك بكثرة”.

أطفال المطلوع ظاهرة تتكرّر كل صيف في الطرقات والشواطئ

على الطرقات المؤدية لشواطئ ولاية تيبازة، هناك تصادف العشرات من أطفال المطلوع يضعون قفتهم ويقفون بجانبها تحت أشعة الشمس الحارقة، وبالقرب منهم آخرون يعرضون البيض المغلي أو المحاجب، ويطالعون بأعينهم البريئة السائقين تارة ويتضرعون للسماء حتى يأتيهم الفرج تارة أخرى. يخبرنا أحد الأطفال، بأن غالبية الزبائن في هذه المنطقة من المصطافين، فالبعض يتوقف لشراء وجبة غذائه، وآخرون يشترون فقط لإشفاقهم عليه لكن الظروف هي التي ترغمه على المخاطرة والوقوف، ليكمل تعرضت عدة مرات لضربات الشمس تصوّري عندما تكون الحرارة مرتفعة وتقفين هنا طوال اليوم وكنت أفقد الوعي، لكن مع مرور الوقت اكتسب جسمي مناعة وصرت أعرف كيف أتفادى المرض.

ولأن الحاجة هي السمة البارزة التي تجمع هؤلاء الأطفال تصادفهم على الشواطئ أيضا يعرضون “لي بينيي”، المحاجب، الماء، وبعض قطع البيتزا أو “المونشون”، فيتنقلون بين مصطاف لآخر ويمرون بك عدة مرات منادين على ما يحملونه وعندما ينادي عليهم أحد المصطافين يهرولون صوبه راكضين والسعادة تغمرهم وكأنهم يقولون إنه الفرج قد جاء.

مقالات ذات صلة