-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

أفيون الشعوب… الجديد

الشروق أونلاين
  • 1811
  • 0
أفيون الشعوب… الجديد

عندما تنسى الأمة همومها وتنسى أنها تئن بأوجاع شبابها الضائع الذي تخلّف عن الركب العالمي تعتصره البطالة والجوع واليأس من كل جهة، وتنسى أن العدو يطرق بابها ويدخل حجرة نومها ويعيث فسادا في أراضيها في فلسطين والعراق، وتنسى أنها متخلفة عن ركب الدول المتطورة التي امتلكت زمام الأكل والعلم والأوكسجين، وتعيش همّ الكرة فقط، عندها يجب البحث في المادة “الكيميائية” المكونة لهذا “الأفيون” الجديد الذي يخدّر الناس ونسميه مجازا رياضة.

  • لقد صارعت الكاتبة الجزائرية آسيا جبار لوحدها منذ أيام من أجل أن تحصل على جائزة نوبل للآداب أمام لوبي صهيوني حاول تمريرالجائزة الكبرى للإسرائيلي  “عاموس عوز” وعندما فشل حوّلها نحو الأديبة الألمانية من أصل روماني “هيرتا ميلر” من أجل أن لا تحصل “آسيا” على الجائزة العالمية، وسافر في المقابل صاحب نوبل في الكيمياء المصري الأصل أحمد الزويل في ذات الوقت إلى فيينا عاصمة النمسا، حيث حاضر أمام العالم في قاعة مخصصة فقط لعظماء المعمورة دون أن يكون مرفوقا بإعلام وأعلام بلده، فقدّم زبدة أعماله كالعادة لغيرنا.. والسبب أننا جميعا منشغلون فقط بمباراة في كرة القدم، وكأن الفوز فيها سيمنحنا صكوك الغفران، والخسارة فيها ستبعدنا عن الجنة، نتفلسف جميعا في وصف هذه الهستيريا التي جعلتنا مثل السكارى الذين شربوا من الكأس – وليس من كأس العالم – حتى الثمالة فنقول مرة أنه حب الوطن وأخرى سحر الرياضة، ولا أحد اعترف أن الأمر تجاوز كل الحدود وصار أشبه بالمخدّر الذي لا يمكن الإستغناء عنه، وهو الذي أنسانا قضايانا الشخصية المادية والمعنوية الحقيقية وقضايانا الكبرى والكثير منها مصيرية..
  •  نحن الآن نعيش على مشارف مباراة كرة سيتقاذف خلالها أحد عشر لاعبا من كل جهة كرة مطاطية طوال تسعين دقيقة لأجل أن يسافر أحدهما إلى جنوب إفريقيا بالتأكيد ليس من أجل المنافسة على التاج العالمي وإنما من أجل المشاركة الرمزية كالعادة، ومع ذلك لا حديث عن أي شيء هذه الأيام في مصر وفي الجزائر إلا عن الكرة، وليته كان كلاما رياضيا عابرا، وإنما تشعب ودخل باب الفتنة وصار ينذر بحدوث تجاوزات إن لم تكن قد حصلت ومنها قول إعلامي مصري أن آباءه هم الذين علمونا اللغة العربية وعلمونا الحضارة والثورة التي طردنا بها الاستعمار.. أما في المنتديات الإلكترونية التي اخترعها الغرب من أجل تواصل الشعوب فقد تحولت إلى حروب إلكترونية لا شيء فيها ممنوع وكل شيء فيها مباح، وهي أصلا ليست ممنوعة على القصّر وإنما على كل ابن آدم محترم.. الأفيون عادة يتمكن من فقراء المجتمع وصغار السن والفكر، لكنه هذه المرة تمكن من رجال يسمون أنفسهم “كباتنة ونقاد ومحللين ومختصين”.. الفرق بين الأفيون النباتي وهذا الأفيون الجديد أن الأول يضر بالفرد الذي يتعاطاه وحده، والأخير يضر بالمجتمع قاطبة.     
أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!