-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

أليس فيكم رجلٌ رشيد؟!

أليس فيكم رجلٌ رشيد؟!

هل وصل انحطاط أمّة العرب إلى منح الأولوية للفصل في نزاعاتٍ هامشية بين دولها المتخلّفة على أولوية إنقاذ جزءٍ منها من إبادة الإرهاب الصهيوني؟

هذا الوضع لا يمكن فهمه أو تفسيره إلّا بوجه واحد وهو أولوية إنقاذ الأمّة من هذا الدّرك الأسفل بالتغيير الجذري لوضعها الوجودي وأُسُس نُظمها كلها.

إنّنا نعيش تناقضا فظيعا بين معتقداتنا وتصرفاتنا، وتناقضا رهيبا بين شعاراتنا وواقع تصرفاتنا الرّسمية والشّعبية.

نحن أمّة نمارس ما نستهجنه من سلوكات وتصرّفات غيرنا.

نستهجن الاستبداد ولكنّنا نُقعِّد له ونُمارسه باسم المصلحة العليا.

نستهجن الاعتداء على ثوابت الأمّة، ونُكرِّس كل سياساتنا لنجعل من هذه الثّوابت علامات تخلّف وجب تجاوزها وإعادة النّظر فيها.

نتغنّى بسيادة شعوبنا ونحتقر خياراتها، بدعوى أنّ ما يعرفه وُلّاةُ الأمور لا تُدرِكه الجماهير الغوغائية التي لا تستطيع أن تتحكم في عواطفها.

ندَّعي شرف الانتساب إلى نقاء شريعتنا وعدالتها ولكنّنا نُغيِّبها في كل تشريعاتنا وشؤون حياتنا.

نتباهى بقيم التّضامن والإيثار وإغاثة المظلوم ونُصرته وإنكار الذّات، لكنّنا نعيش في أغلبنا مقدِّمين مصالحنا المعيشية بل وأحيانا التّرفيهية على حق إخوان لنا في الوجود والكرامة والحياة.

ننتمي إلى تكتّل هو الأقدم على مستوى التكتلات الدولية بدعوى توحيد المصير وتكامل المصالح وتكاتف الجهود للصّمود في وجه موجات أعدائنا، ولكنّنا نعيش تآمر بعضنا على بعض لمصالح أعدائنا وتمكينهم من رِقابنا وثرواتنا ومصائرنا.

نُنفق أموالا ضخمة بإسراف سفيه على الترفيه والغواية وتوافه المناسبات ولصوص المهرجانات وتنظيم فضاءات اللهو والعبث وإحياء مناسبات تاريخية لا وفاء لنا بها إلّا بالخطاب والشّعار دون التزام بمضامينها.

نتّخذ من مناسبات الانتخابات فرصا للتزلُّف والثّراء واستغلال الفرص بعيدا عن معاني التعبير الإرادي السّيد لمن يتولّى الشّؤون العامّة بعلم وكفاءة واقتدار.

نقوم بكل هذا وأكثر ثمّ نتساءل: لماذا لم يُمَكِّن لنا الله في الأرض؟!

ثرواتنا كثيرة ومتنوعة ومتزايدة، ولكنّ شعوبنا تعيش الفقر والتّشرد والهجرة والأمراض.

أوطاننا فسيحة ورائعة، وطقسها مُغرٍ للأجانب، وآثارها وتُراثها من أغنى ما عرفت الأمم، ولكنّها أوطان عديمة التّنظيم، كثيرة الأوساخ، مُهمَلة على مرِّ فصول السّنة.

أمّا عن أنظمتنا التّعليمية وواقع إداراتنا ومؤسساتنا الاستشفائية وتلك المُكلَّفة بقضاء حوائجنا اليومية والمعيشية فقد أصيب جميعها بجرثومة حديثة من اللّامبالاة وضياع الأمانة.

هذه بعض مظاهر واقعنا المأساوي الذي يجب على الأمّة أن تجعل معالجته أولوية قصوى ليتسنّى لها أن تتنفس بملء رئتيها، وتنزع من على صدرها هذه الأرجل التي ظلّت تدوسها وتضيِّق نفَسها.

إنّ الأمّة في أمسِّ الحاجة إلى تأطير قادة من العلماء والشّرفاء والأكفاء والمُصلحين الذين يتّسمون بإنكار الذّات، ويسترخصون حياتهم في سبيل إحياء شعوبهم وأمّتهم، ويعيدون لدولنا مجدها وسيادتها واستقلال قرارها.

وإذا صدقت النّيات، وعُقدت العزائم على ذلك، فإنّ في الأمّة خيرا كبيرا من الرجال والنساء، وكم ولدت أرحامُها من أبطال وعلماء هم نبراس لمن أراد أن يذّكر أو أراد شكورا.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!