العالم

أما آن لبن غبريط أن تتوقف!

رشيد ولد بوسيافة
  • 1350
  • 3
ح. م

التّحرك الأخير لمجموعة كبيرة من الشّخصيات الثّورية والعلمية والنّقابية ضد ما اصطلح عليه بإصلاحات الجيل الثاني في قطاع التربية يحتم على السلطات العليا في البلاد إعادة النظر في طريقة تعاملها مع هذا الملف الخطير الذي تُرك لوزيرة التربية الوطنية نورية بن غبريط على مدار السنتين الماضيتين لتقرر فيه ما تشاء بعيدا عن الخبراء من أبناء القطاع وبعيدا عن الفاعلين في الميدان من أساتذة ومؤطرين ونقابات.

هذا التّحرك يشير إلى أن معركة الهوية قد بدأت فعلا بين المجتمع بكل فئاته وحساسياته وبين بن غبريط ومجموعة من المستشارين والمسؤولين المركزيين في وزارة التربية، حول التّوجهات الكبرى للمدرسة الجزائرية، بعد أن ظهر جليا للعيان من خلال جملة من القرارات التي ترمي إلى تعزيز حصون اللغة الفرنسية ومحاصرة اللغة العربية وتهميش باقي مواد الهوية مثل التربية الإسلامية والتاريخ. 

هي إذا بوادر صراع إيديولوجي نجحت الوزيرة بن غبريط في إحيائه بعد أن اعتقدنا أنّ الصّراعات الإيديولوجية في الجزائر قد انتهت منذ سنوات، وخاصة في قطاع التربية الذي شهد في عهد الوزير الأسبق أبو بكر بن بوزيد ما يشبه الهدنة بين مختلف التوجهات الإيديولوجية بتحييد المدرسة واستقطاب الكفاءات البيداغوجية بعيدا عن الاعتبارات الإيديولوجية.

غير أنه منذ مجيء بن غبريط وما صاحب ذلك من محاولات متكررة للمس بالهوية بدأت بمشروع التدريس بالعامية تحت مسمى التدريس باللغة الأم، إلى الضجة التي أحدثتها قضية الاستعانة بالخبراء الفرنسيين، إلى كل القرارات والترتيبات التي عمدت إلى تقزيم مواد الهوية وخاصة التربية الإسلامية من خلال استهدافها من زاوية الحجم الساعي والمعامل، ثم الحديث حول إلغائها من امتحانات شهادة البكالوريا… كلها خطوات أدت إلى إحياء معركة الهوية في المدرسة الجزائرية.

الجميع يجمع على أن ما تقوم به الوزيرة خطير على مستقبل أبنائنا، من خلال تخريج جيل فارغ إيديولوجيا يكون عرضة للأفكار المتطرفة سواء كانت عبارة عن تدين متطرف كالفكرة التي يقدمها الدواعش، أو عبارة عن ميوعة وانحراف وانغماس في الطقوس المنحرفة كالفكرة التي يقدمها عبدة الشيطان… هذا ما يتوقعه الخبراء إذا لم يتم تحصين الجيل الجديد في المدرسة. 

واليوم ونحن مقبلون على الدخول المدرسي، أما آن للوزيرة بن غبريط أن تتوقف عن العبث بموضوع الهوية واستدعاء معارك الصراع الأيديولوجي إلى الصفوف الدراسية؟! من خلال تحدّي الجميع بفرض قناعاتها الإيديولوجية على أبنائنا، وتحويل المدرسة إلى حلبة صراع من جديد بدل أن تركز على الجوانب البيداغوجية والتنظيمية!

مقالات ذات صلة