-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

أمطارٌ في تل أبيب ومطاريات في الرباط

أمطارٌ في تل أبيب ومطاريات في الرباط

الذي يستمع للمسمّى ناصر بوريطة، وزير خارجية المغرب، الذي ظهر على قناة فرنسية، وهو يتحدث بألم، لعثم نبرته، عن قضية طرد ممثلة إسرائيل، التي سافرت إلى بلاد الحبشة للمراقبة والتقرُّب من الأفارقة، يُدرك بأن كل الذين قالوا إن المغرب قد تعمّق كثيرا في علاقاته مع إسرائيل، مخطئون على طول الخط، بل إنه صار ناطقا رسميا باسم الكنيست، يبكي كلما تلقى الكيانُ ضربة موجعة، ويبرر أي جريمة يرتكبها أسيادُه. وبقليل من الانتباه والمقارنة، نجد بسهولة بأن بوريطة كان أكثر ألما من الصهاينة أنفسهم، ولن نتحدث هنا عن أزيز ذباب المخزن الذي لم يعترف أصلا بأن الأمر الذي حدث كان طردا، رغم أن إسرائيل نفسها اعتبرته طردا وإهانة.

لم يحلم الكيان الصهيوني في تاريخه الممتد من 1948 بأن يجد توأما في العالم، بأسره مثل توأمه الجديد وهو النظام المغربي، الذي ينوح في مآتمه، يرقص في أفراحه، وسيكون من الصعب على المملكة المغربية التخلص من الاستعمار الجديد في عقود قليلة قادمة لو قُدّر لها الندم، ما دام هذا الاستعمار قد بنى دولته في كل مقاليد الحكم من داخلية وخارجية، وباشر عمليات تلقيح وتهجين مالية واقتصادية وثقافية واجتماعية شاملة وسريعة، لم تحدث بين كيانين لا تجمعهما الجغرافيا ولا الأهداف الواحدة في تاريخ الإنسانية، كما تحدث الآن وكما صار يعلنها مغاربة “القمة” وذبابهم الذي لا يتعب من الأزيز.

تُبنى العلاقاتُ بين الدول والجماعات والأفراد الذين لا ينتمون إلى مِلّة واحدة، على أساس استفادة كل طرف من الآخر، من باب الجوار وطلب السلم والعافية، لكن ما يحدث ما بين الكنيست والمخزن، لا نجد له أي تفسير. وأيُّ مغربي بسيط يمكنه أن يقسم بالله، بأن أمور بلده تنهار من يوم إلى آخر، منذ أن أعلن المخزن نقل العلاقات السرية بينه وبين الكيان المحتل لأرض فلسطين، إلى العلن.

لقد أوهموه مرة بأن هذه العلاقات نابعة من عدد  اليهود الموجودين في أرض المغرب، ولكن الأمور انتقلت إلى علاقات عسكرية واستخباراتية، فأوهموه مرة أخرى بأنها نكاية في الجارة الشرقية التي تقوّت بجيشها وسلاحها، فوجب التقوي حتى بالشيطان، رغم أن هذا الشيطان يبدو مثل الخروف الوديع، في كل صاروخ ينطلق من غزة أو جنين، ثم أوهموه بفتوحات مع بلاد الغرب التي احتضنت إسرائيل، فابتعدت عنهم كل البلدان الغربية في صورة البرلمان الأوروبي الذي لم يحدث أن عاقب وأهان بلدا منذ تأسيسه في سنة 1952، كما يفعل حاليا مع المملكة المغربية، التي لم تتعظ من فضائح “بيغاسوس والرشاوي” ولا تريد أن تعي بأن النسخة الأصلية للإجرام أي الصهيونية مصيرها الفناء، فما بالك بالنسخة المقلدة التي ارتضتها لنفسها؟

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!