الجزائر
عين على الكراس وأخرى على الماشية

“أمين” جمع بين المراجعة ورعي الأغنام وافتك البكالوريا

سمير مخربش
  • 943
  • 1
ح.م

حقق “أمين”، من بلدية بيضاء برج بولاية سطيف النجاح في البكالوريا بعدما كان يجمع بين التحضير لهذا الامتحان ورعي الأغنام متحديا الظروف الصعبة التي تعرفها المناطق الريفية في الجزائر والتي تؤكد أن بكالوريا الفقراء ليست كبكالوريا الأغنياء.
أمين، شاب وسيم لو عاش في المدينة لكان مدمنا على الانترنيت والهاتف النقال واللوحة الإلكترونية، لكن كل هذه الأشياء حُرم منها كرها، ولم يجد أمامه سوى قطيع من الأغنام يسوقه بكرة وعشيا. فسنة التحضير للباك جمع فيها بين الرعي والمراجعة، فكان يخرج في ساعة مبكرة لمرافقة أغنام العائلة ويعود في المساء مجهدا لا يكفيه الوقت إلا لسد الرمق بما جادت به مائدة العائلة المتواضعة، ليخلد بعدها إلى النوم إلى غاية فجر يوم مماثل. وقد اضطر أمين إلى المراجعة وسط الأغنام التي يحرسها حينا ويتصفح كراسه حينا آخر، كل ذلك يتم تحت حرارة شمس ملتهبة ووسط ظروف الراحة فيها متعبة فما بالك بالرعي والمراجعة؟
فحسب أمين، هذه اليوميات الصعبة كانت تبعث فيه الأمل واليأس في آن واحد، فتنتابه أفكار سلبية عن جدوى البكالوريا والعلم والمستقبل الغامض لكن سرعان ما تنقشع هذه الأفكار ليحل محلها الأمل والتحدي وتشريف العائلة. وبين دفتي هذا التجاذب تحول الحلم إلى حقيقة وتمكن أمين من الحصول على شهادة البكالوريا بمعدل مقبول تجاوز العشرة بقليل وكان ذلك بمثابة نصر كبير يفوق في حلاوته ما حققه الناجحون بامتياز من سكان المدينة. فالمعدل لم يكن من اهتمامات أمين بقدر ما كان يعنيه النجاح والظفر بشهادة اسمها البكالوريا التي لازالت لها قيمة علمية واجتماعية وتسمح له برسم البسمة على شفتي أمه التي ترى فيه صورة الأمل ولذة الحياة. من اليوم سيودع أمين الأغنام ليفتك مقعده في الجامعة وحينها سيكون له شأن آخر سيكتشف من خلاله عالما جديدا وهو يأمل أن يعود إلى الريف بشهادات أكبر ومزيد من النجاح.

مقالات ذات صلة