الجزائر
للفقراء ظروفهم في التحضير

“أمين” يجمع بين رعي الأغنام والاستعداد للبكالوريا بسطيف

سمير مخربش
  • 1906
  • 12
ح.م

جمع أمين من بلدية بيضاء برج بولاية سطيف بين رعي الأغنام والاستعداد للبكالوريا، في صورة تعكس تضحيات تلاميذ الجزائر العميقة وكفاحهم وسط ظروف صعبة.

أمين وجدناه خلف قطيع من الأغنام بيمينه عصا يهش بها على غنمه وبيُسراه كراس يطلع عليه استعدادا للبكالوريا التي يشارك فيها كمترشح في اختصاص العلوم الطبيعية. هذا تلميذ الذي نشأ في البادية بعيدا عن ضوضاء السيارات وعالم الأنترنيت وزحمة الهواتف والتكنولوجيا، فهو التلميذ الذي اعتاد في فترة المراجعة على الاستيقاظ باكرا لحلب البقرة الوحيدة التي تملكها العائلة لينطلق بعدها رفقة قطيع الأغنام إلى المرعى دون أن ينسى محفظته لتفقد دروسه وضبط استعداداته للبكالوريا التي تعد بالنسبة إليه أكبر من شهادة، فهي الفرصة المواتية للخروج من هذا الغبن والعزلة وولوج حياة جديدة يكتشف من خلالها العالم الذي يجهل عنه الكثير. أمين يقول بأن تحضيراته “للباك” كانت عادية رغم صعوبة المكان وقسوة الظروف التي أرغمته على تحمّل المسؤولية قبل الأوان، فبين تقنيات الرعي التي لا يعرفها إلا الرعاة وفي زحمة الأغنام يقوم أمين بفك المعادلات من مختلف الدرجات وحل مسائل الرياضيات ودراسة النصوص والإشكاليات.

ويمزج أمين بين تفقد الأغنام وتحديد وجهتها والمراجعة في الهواء الطلق تحت أشعة الشمس الحارقة، تلك المراجعة التي اعتاد عليها أترابه في الغرف المكيفة على الأرائك والطاولات والكراسي الوثيرة لا يعرف منها أمين إلا الاستناد على الشجر والحجر. ورغم هذا الجهد الذي يوشك أن يكون قطعة من العذاب لا يجد أمين ما يسد به رمقه سوى حبات من التمر وقطع الكسرة. هو فخور بمهنة الأنبياء ولا يرى فيها سوى مثال للمسؤولية لكن حلمه الكبير هو النجاح في البكالوريا والتنقل إلى العاصمة لدراسة تخصص رياضة ودخول هذا العالم بحيثياته وفنياته. وهو حلم أفراد عائلته الذين يقدرون مجهوده في العناية بالأغنام والتكفل بلوازم البيت، لكن في نفس الوقت يتمنون له النجاح ودخول الجامعة وتغيير مسار حياته بعيدا عن عيشة أهل البادية وذاك ما يترقبه الجميع حين الإعلان عن نتائج البكالوريا.

مقالات ذات صلة