-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
من بعيد

أهل الثورة .. وفريق الفساد

أهل الثورة .. وفريق الفساد

التغير الحادث اليوم في نظرة العرب لكثير من قضاياهم نابع من محاولات غير واعية للتكيف مع المستجدات والمعطيات الدولية الجديدة، ففي الوقت الذي تتجه فيه دول كثيرة إلى صناعة تاريخها انطلاقا من قيم العمل، لتحافظ على ميراثها التاريخي، يتجه العرب إلى نكران كل القيم الأصيلة ويشككون في أعمال أسلافهم، ويدعون جهارا إلى فساد شامل في كافة مجالات الحياة

  • العرب اليوم، داخل معظم دولنا، فريقان متخاصمان، لكل منهما قناعاته الخاصة بالحياة وبالزمن وبالعلاقات، الأول: يمثل مضامين الفعل التغييري في تجلياته الكبرى خلال فترة الثورات، وما هي منا ببعيد،، حين كان العدو أمامنا والبحر وراءنا، وما كنا نبتغي غير النصر سبيلا وهدفا.
  • والثاني يكشف في حركته عن الفساد وأهله وثقافته، وهو الحاضر سواء في الدول الغنية أو (المستورة) أو حتى الفقيرة.. عربيا نحن إذن نهدم البناء الكلي للقاعدة القائلة: أن الفساد ينتشر في البيئة الغنية، إذ قد يختلف العرب في كل قضاياهم بما فيها التخلص من طاغوت الآخرين، لكنهم لا يختلفون حول مسألة انتشار الفساد، ولكل حظه ونصيبه منه.
  • غير أن هذا التعميم، لا ينفي الخروج عن القاعدة، التي قد تصبح مع الأيام مدخلا للتغيير، لذلك لا يمكن الجزم بخروج مؤسس وهادف وواع لدولنا العربية من مرحلة ما بعد الثورات لجهة تحقيق النصر والأهداف إلى مرحلة الثروات، لأن هذه الأخيرة ليست قائمة إلا لدى فئة من الناس اختارت طرق الفساد منهجا وفعلا وتطلعا، لكن الخطر يكمن في الترويج المتواصل لثقافة الفساد من تلك الفئة القليلة المتمكنة، والمتواجدة في دوائر الحكم والمحيطة بصاحب القرار، وتحويلها من عمل مرفوض ومستهجن من كل الأطراف إلى حالة مقبولة لدى الشركاء الاجتماعيين والسياسيين.
  • أعرف أن المستضعفين من العرب قد ملّوا خطاب الوصف والتحليل، ما يعني انتفاء الحاجة لمثل هذا النوع من الكتابة، لكن التذكير يكشف عن وجود بقّية من خير في قلوب الذين يرفضون الفساد ويعملون من أجل خسارة حزبه في الانتخابات، لأنهم يعرفون أن أهله هم حزب الشيطان، وساء قرينا، مثلما يرون أن دخوله إلى ساحة الانتخابات، يتساوى مع دخول كثير من الرؤساء في الانتخابات وفوزهم المؤكد عبر لثقافة الفساد.
  • القول بالتقسيم السابق ليس لغرض التحليل كما تعودنا، إنما هو دعوة لتوضيح أي النجدين يمكن أن نتخذه طريقاً؟!، واضح أن الانضمام لفريق الفساد سعياً للثروة اليوم أو حتى لتحقيق المتطلبات الضرورية للحياة و العيش أسهل بكثير من إعادة إحياء قيم الثورة التي لم تعد إلا ذكرى عابرة كما هي الحال في الجزائر أو رفضاً لمنجزاتها كما هي في مصر أو عدم قبولها مرجعية كما هي اليوم في اليمن الموحدة، أو كفراً بكل إنجازاتها وعزتها ومجدها، كما هي في التجربة العراقية الراهنة، وذلك يشي برفض قاطع لأي صلة بزمن صنع بفعل لم يكن متوقعاً أن يصل إلى ما وصل إليه.. نحن أقرب بناء على الأمثلة السابقة من القبول بالصفة العامة التي نتجت من أفعال باتت مرفوضة على صعيد العلاقات الدولية.
  • ترى لماذا يسود الفساد بعد زمن غير بعيد من عمر الثورة؟ ولماذا تقوم به نفس العناصر اللتي كانت في يوم ما حاملة لواء التغيير؟.. ليست هناك من إجابة محددة إلا إذا افترضنا أن الذين كانوا بالأمس قادة، ولا يزال بعضهم  حتى اليوم، ما حملوا قناعات صادقة، أو أنهم كانوا تبّعا لقادة فاعلين، لذا لا يمكن وضع الثورات باعتبارها نقيضا للثروات، لأنهما يلتقيان عند فكرة التغيير وإن اختلفتا في النتيجة لجهتي السلب والإيجاب، والأمم لا تبني حضارتها إلا بوجود ثروات، غير أنها لكي تحقق ذلك عليها أن تعتمد التغيير منهج حياة، فتحقق بذلك عالم القيم من خلال الدور الأساسي للمادة، وبما أننا لا نقوم بهذا فإننا أحدثنا تناقضاً في حياتنا ففتح المجال للفساد فأصبح مبتغاً وهدفاً.
  • تبعا لما سبق يمكن القول: أنه في حركة الحياة المتواصلة، وفي عذاب الأيام وعند الشعور بالظلم أو القيام، يتساءل العاملون في كل المجالات، والمحكومين من أنظمة اختارت الفساد سياسة، حول كيفية التعامل مع ما يستجد من ظواهر وأفعال ومواقف كانت من المحرمات، وحين يعييهم السؤال ولا يجدون جوابا يحنون إلى أزمنة العدل في دولهم أو في تاريخ الأمة.
  • لاغرو إذن حين تطغى ذكريات الماضي على حقائق الحاضر، حتى أنه كلما اتّسعت مساحة الفساد، أنقذت الشعوب نفسها بالحديث عن العدل، مضيفة له من وحي خيالها ما يعلو به إلى درجة الفعل الملائكي، مع أن فترات العدل من تاريخ الأمة أيضا محل خلاف.. فمثلا ما نأتي على ذكره من بطولات في الثورة الجزائرية مثلا، هو بالنسبة لبعض من أخذتهم العزة بالإثم، وعاشوا في أمان تضحيات الشهداء، وغرتهم الأماني وزخرفت لهم سنوات الفساد وأهله وثقافته ما يفعلون، يعتبرونه تهورا ما كان يستحق كل التضحيات التي قدمت من أجله، ويروّج المرجفون لمثل هذه الأباطيل بخصوص المقاومة والجهاد في فلسطين والعراق ولبنان، مع أن المقاومين والمجاهدين في كل مكان هم أناس اختاروا الآخرة وتركوا لنا الدنيا بكل ما فيها، ليس هذا فقط بل أن من يبقى بعدهم يحقق مكاسب بناء على تضحياتهم، وجماعات الفساد تتمتع بها، ساعية للثروة على حساب قيم الثروة، التي من أهمها العدل.
أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
3
  • عبد القادر الجزائري

    الثورة الجزائرية قيمة تاريخية ثابتة رغم الظروف الصعبة والقوة الاستعمارية الضخمة لكن صدق وإصرار الشعب الجزائري علي التحرر من نير الاستدمار العاشم أهله لأن يكون بفضل الله عز وجل من المنتصرين علي من كانوا يريدون أن يوقفواعجلة التاريخ. لكن في المقابل بعد الاستقلال عاثت طبقة الفساد عبثا بالبلاد والعباد

  • ابو يونس

    ما نعيشه اليوم في الجزائر يعبر بصدق عن عنوان المقال لانني اختلف في بعض الجوانب التي تطرق اليها المقال .
    عنوان المقال يستحق فعلا وقفة عن بلدنا لأن رجال الثورة بالامس القريب وخاصة من كانوا يتبوءون مراكز هامة في هرم مجلس الثورة هم الرجال الذين حاليا على رئاسة البلد ويعيشون في وسط الفساد ومحيطهم مليء بالمفسيدين.
    يا ليتهم يقومون ولو بحركة صغيرة تجاه التغيير الحقيقي والبداية تبدأ بتنظيف محيطهم وساعة الثورة ستنطلق من جدسد لكن باسلوب حظري يساير العصر اذا بالامس نجحت الثورة التحريرية لوجود شعار الثورة كالقطة تأكل ابناؤها رغم الاخطاء عدد كبير من الابرياء كانوا ضحاياها لا يهم لانها نجحت واستعادت للجزائر استقلالها فاليوم نعلها ثورة لكن بتنحية الكراسي لا بقطع الرؤوس وأظن هذا أضعف الايمان وهذا شيء ليس بالكبير على رجال الثورة بالامس الذين لم يتهاونوا قط في تصفية اقرب الناس اليهم لان ضرورة الثورة ونجاحها يتطلب ذلك فما عليهم الا ان يمارسوا نفس الاسلوب لكن بتنحية اقرب الناس اليهم من الكرس او من منصب الجاه والبداية من القرابة ثم الكتلة ثم الحزب ثم الجهة الخ... سوف ترى النتيجة في الميدان اذ كل واحد يقبض سابع وتتبعها تدابير اخرها ميدانية على المستوى الجهوي والمحلي اي الولائي وتنطلق الثورة المسالمة وباسلوب حضري وفي ظل المحيط الراسمالي العالمي وفضل ديمقراطية حقيقية وعدالة اجتماعية ملموسة الواقع والميدان لا كسياسة لصاص التي ينتهجها ولد عباس وكانه يتصدق على الجزائريين من ماله الخاص او تلك العمليات الاجتماعية التي يقوم بها كلما حلت حملة انتخابية...؟

  • مروان الطيب بشيري

    غزة .. في الصلب والترائب

    أنا إن سقطت فخذ مكاني ..
    يا رفيقي في الكفاح
    - المعركة - / معين بسيسو

    لن أرجع يا جدي
    سأحج إلى منطقة الفولاذ
    سأحمل مهر الحرة قارورة غاز ..
    علبة حناء .. وبضع رصاصات
    وأعبر من تحت الأرض تجاه الأرض الموؤودة
    ناولني المعول وأتركني أحفر نفقي
    وأمر على جثث القمم الموعودة
    وأرى بين الخطوة والخطوة ..
    فسطاط التجار
    تجار حروب خلف المعبر يحمون الكذب العبري
    وتجار سلام قبل المعبر يلغون الوطن العربي
    جدي .. جدي ..
    زوجني غزاوية ياجدي ..
    فإن دم الثوار
    لا يفلح إلا في وطن الثوار
    يا غزة هاشم ما طعم الفسفور ؟
    ما العرب ؟ وما الكرب؟
    ما قلبي وقلبك في جرح العصفور ؟
    جدي.
    ما أقوى اللاءات وما أحرقها
    تشعل برد القلب الحاكم ..تحرجه
    لا تصالح
    لا تفاوض
    لا تعترف ..لا تنجرف ..لا تنحرف
    واصل يا ثائر لاءك في الثورة..
    لا حدود مؤقتة تصنعنا رعم معابرهم
    لا خوف يعيق زواج الحر من الحرة..
    والقصة يا جدي..
    خذ كفين بكفك واقرأ فاتحة القرآن
    واستشهد شهداء الوطنين على الزوجين
    حدث يا جدي عني واروي وصايا حفار الأنفاق..
    " سليل الثورة زفوا إليه غزالا من غزة..
    سيخرج سلطان السلطة من صلبه
    وتبقى الأوطان لها الحرية والعزة"
    خذوه ودكوه وغلوه..
    أو ليس الضوء
    في آخر النفق؟