الجزائر
العدالة جردته من حقوقه المدنية

أويحيى.. نهاية درامية لرجل قضى عليه طموحه!

محمد مسلم
  • 14540
  • 25
الشروق أونلاين

تشكل إدانة الوزير الأول السابق، أحمد أويحيى، بـ15 سنة سجنا نافذا، في أولى القضايا المتابع فيها “تركيب السيارات”، إعلانا رسميا عن نهاية سياسية “مأساوية” لرجل طموح، طبع المشهد السياسي في الجزائر، على مدار ربع قرن من الزمن.

وعوقب أويحيى بـ15 سنة حبسا نافذا ومليوني (2) دينار غرامة مالية، مع مصادرة كافة أملاكه المحجوزة، وأمره برد ما تحصل عليه من منفعة، سواء كانت متواجدة لدى أصوله أو فروعه أو أصهاره، فضلا عن حرمانه من ممارسة حقوقه المدنية.

وبرز في الحكم المسلط على أويحيى “حرمانه من ممارسة حقوقه المدنية والسياسية”، وهو ما يعني أن مشوار الرجل السياسي، انتهى رسميا بالقرار الصادر عن محكمة سيدي محمد، إلا إذا رأى مجلس القضاء المختص أو المحكمة العليا، غير ذلك.

ورغم إدانة أويحيى بالسجن 15 سنة، إلا أن حقوقه المدنية تبقى مصونة، في حال أراد العودة إلى السياسة مجددا بعد نهاية محكوميته، طالما أن التهمة الموجهة إليه في منظور القانون هي “جنحة” فقط.

ومعلوم أن مَن يحكم عليه في قضية مصنفة “جناية” هو الذي تسقط حقوقه المدنية تلقائيا، ولذلك أصر القاضي الذي حكم على أويحيى ومن معه في قضية “تركيب السيارات”، على تذييل الحكم الذي يدين أويحيى بعقوبة تكميلية هي “حرمانه من حقوقه المدنية”، ما ينعي منعه لاحقا من ممارسة أي نشاط سياسي.

وكان أول ظهور لأويحيى أمام الرأي العام، في منتصف تسعينيات القرن الماضي، كمدير لديوان الرئيس الأسبق، اليامين زروال.. ويتذكر الجزائريون إعلانه قرار فشل الحوار بين السلطة وقادة الجبهة الإسلامية للإنقاذ المحلة، في تطور وضع الجزائر في مشهد دموي مخيف.

ولم تكن تلك “الخرجة” سوى ميلاد شخصية سياسية مدفوعة بطموح جامح، حيث بات الحاضر الغائب في كل الحكومات التي تعاقبت على حكم البلاد، منذ عهد الرئيس زروال، وانتهاء بفترة حكم الرئيس السابق، عبد العزيز بوتفليقة، الذي اضطر للاستقالة تحت ضغط الشارع، وأويحيى وزيره الأول.

ومنذ بروز الرجل على الركح السياسي، أظهر طموحات كبيرة وتعطشا لافتا نحو تقلده منصب القاضي الأول في البلاد بعدما مر على كل المسؤوليات التي دونها، وتعاظم دوره بشكل كبير منذ وصول الرئيس السابق إلى سدة الرئاسة، في سياق أفرزته توازنات اقتسام السلطة بين الرئاسة ومديرية دائرة الاستعلام والأمن في عهد مسؤولها السابق، الفريق محمد مدين، المدعو توفيق، المدان هو الآخر بـ15 سنة سجنا نافذا بالمحكمة العسكرية بالبليدة، في قضية التآمر على سلطة الجيش.

ومن سوء حظ أويحيى أن الكثير من الظروف لم تخدمه، حيث تحول منحنى أسهمه في تسلق هرم السلطة نحو الانحسار، منذ الشرخ الذي وقع بين عرابيه، بوتفليقة وحليفه في الحكم، الجنرال توفيق، في العام 2013، وهي السنة التي أزيح فيها أويحيى من الأمانة العام لحزب التجمع الوطني الديمقراطي، وذلك بعد أقل من سنة، من تنحيته من الوزارة الأولى.

وبعد أن خسر أويحيى نفوذ عرابه الأول (الجنرال توفيق)، ارتمى كليا في أحضان الرئيس السابق ومحيطه، وتحول إلى مجرد أداة بيدها ينفذ سياساتها وهو صاغر، مقابل استمراره قريبا من محيط السلطة، وقد وقف الجميع على حادثة إبعاده من الحكومة ومن قيادية الأرندي، ومع ذلك لما تمت مناداته لدعم العهدة الرابعة، انخرط دون تردد.

حالة الضعف والهوان التي مر بها الرجل منذ فقدانه عرابه الأول (الجنرال توفيق)، جعله مجرد منفذ لا يقوى على مناقشة الأوامر، وهو ما يفسر وقوعه في الخروقات التي أنهت مشواره السياسي.

مقالات ذات صلة