الجزائر
اعتاد الخوض في كل المسائل وغاب عن "مبادرة التوافق"

أين اختفى أبو جرة سلطاني؟

محمد مسلم
  • 4496
  • 21
أرشيف

لم يظهر أثر لرئيس حركة مجتمع السلم السابق، ابو جرة سلطاني، في المشهد السياسي منذ أسابيع، وكان هذا الغياب لافتا، لأنه تزامن مع عودة الحركية للمشهد السياسي، بعد إطلاق خلفه في “حمس”، عبد الرزاق مقري مبادرة “التوافق الوطني”.
واعتاد سلطاني الخوض في كل المسائل التي تثار سياسيا وإعلاميا، وكان يحرص على استدراج منابر إعلامية يعبر من خلالها عن مواقفه، بمناسبة او من دونها، غير أنه اختار هذه المرة الابتعاد عن الأضواء، وهو ما خلف جملة من التساؤلات حول هذا “الهروب من المشهد”، من سياسي اعتاد على عدم القدرة على البقاء بعيدا عن المشهد.
وكانت “الشروق”، قد حاولت في وقت سابق “استنطاق” سلطاني على أمل سبر موقفه من مبادرة خلفه وغريمه عبد الرزاق مقري، غير أن الرجل طلب بلباقة إعفاءه من التعليق على المبادرة، وهو ما خلف استغرابا، يحدث هذا في الوقت الذي حسمت فيه كل الأحزاب الفاعلة موقفها من المبادرة.
ومعلوم، أن كلا من حزب جبهة التحرير الوطني، والتجمع الوطني الديمقراطي، وهما الحزبان اللذان يشكلان الواجهة السياسية للسلطة، قد حسما موقفهما من مبادرة مقري، بالرفض، انطلاقا من قناعتهما بأن المبادرة تقحم المؤسسة العسكرية في المشهد السياسي، كما تشكك في شرعية مؤسسات الدولة، من خلال الدعوة لمرحلة انتقالية، في حين أن الانتخابات تجرى في وقتها، وفق تأكيدات كل من جمال ولد عباس وأحمد أويحيى، وبدرجة اقل رئيس الحركة الشعبية، عمارة بن يونس.
وإلى حد الساعة ما زال موقف سلطاني من مبادرة “التوافق الوطني” غير معروف، وهو أمر يُعَدّ سابقة في تاريخ هذا الرجل، الذي لم يتوقف يوما عن انتقاد الخط السياسي للحزب الذي كان يقوده قبل عام 2012، كما لم يتوقف عن الدعوة إلى عودة حركة الراحل نحناح إلى خيار المشاركة، المرفوض من قبل غالبية أعضاء مجلس الشورى المنبثق عن آخر مؤتمرين.
ويمكن قراءة تعاطي أبو جرة مع مبادرة مقري، من عدة جوانب، أولها أن سلطاني يتحاشى الصدام مع خلفه بشأن مبادرة صنعت الجدل وأعادت “حمس” إلى الواجهة بعد سنوات من تراجع حضورها الإعلامي، غير أن الاحتمال يبقى ضعيفا، لأن سلطاني اعتاد القيام بخرجات أغضبت مقري، إلى درجة أن هذا الأخير قرر إحالة كل من يدلي بتصريحات خارج أطر الحركة، من قيادييها السابقين والحاليين، على لجنة الانضباط، وقد فهم حينها هذا التهديد على أنه موجه لسلفه.
وكان سلطاني قد رد على تلك التهديدات، موضحا بأن كل ما يدلي به من تصريحات أو مواقف أو اتصالات، إنما يقوم بها بصفته شخصية سياسية وطنية، وليس بصفته رئيس سابق للحركة أو إطار كبير فيها، وهو التوضيح الذي أحدث إشكالا في التعاطي معه.
أما المقاربة الثانية التي يمكن قراءة صمت سلطاني هذه الأيام من خلالها، فهي أن رئيس “حمس” السابق، لم يتوصل إلى المعطيات التي تمكنه من التعاطي برؤية واضحة مع “مبادرة التوافق الوطني”، لأن سقفها كان عاليا جدا، ولذلك فضل المزيد من التريث إلى غاية اكتمال أجزاء الصورة لديه.

مقالات ذات صلة