الرأي

أُريدُ سَماع الأَذان

لا يُجادل في إسلامية الحركة الوطنية الجزائرية إلاّ الجاهلون أو المغرضون، وقد اعترف أعداؤنا الفرنسيون أنفسهم بهذه الروح الإسلامية التي تطبع وتميّز هذه الحركة عن غيرها من الحركات الوطنية في العالم العربي عامة، وفي المغرب العربي خاصّة، ومن ذلك ما كتبه المؤرخ الفرنسي “لويس آرون” في مجلة “إفريقيا الفرنسية (أفريل 1933م، ص 203)” حيث قال: “بينما طوّرت تونس والمغرب الوطنية السياسية؛ طوّرت الجزائر الوطنية الدينية”، وهو ما أكده المؤرخ الألماني “باول شميتز” في كتابه “الإسلام قوّة الغد العالمية”، حيث قال: “لبست كلّ انتفاضة قومية أو غضبة إقليمية ضدّ المستعمِر ثوبها الإسلامي، فَدَفْعُ الجماهير إلى الثورة ضدَّ المستعمِر يكون دائمًا باسم الدين، لأنّ العربي في الجزائر الذي لا يملك شيئًا يقتات به ــ حتى الخبز الجاف ــ ليس لديه إمكانية للتعبير عمّا يريده، وما يرفضه في المجال السياسي سوى السير وراء ما يعتقد أنّه طبقا لعقيدته الإسلامية”.

وقد شهد الرائد “بورقعة” أنّ العقيد “محند الْحاج” ــ قائد الولاية الثالثة، منطقة زواوة ــ قال: “إنّ العقيدة والوطنية توأم” (الشروق اليومي 25-12 -2001م)، وذكرت ابنة “علي منجلي” أنّ والدها قال: “لولا الإسلام لما كنت ثائرًا” (الشعب 23 ماي 1998م)

وكان أكثر قادة هذه الحركة حريصين على القيام بالشعائر الإسلامية من صلاة وصيام… ومن أشهر المناضلين القادة وأبرزهم “محمد بلوزداد” (1924 -1952) وهو أوّل قائد للمنظمة الخاصّة (O.S ) الذي كان ذا روحٍ إسلامية، وقد حكى المناضل “أحمد حدانو” ــ المدعو الكابة ــ أنّه زار “محمد بلوزداد” في مستشفى بفرنسا، وفي ختام الزيارة سأله: “ماذا تريد أن أحضر لك في الزيارة القادمة؟” فكان جواب بلوزداد: “ما أرغب فيه لا تستطيع إحضاره لي، إنّني أوّدُ سَماع الأَذان…”.

وما كانت الثورات المسلّحة والحركة الوطنية إلاّ إسلامية الرّوح فكرًا وقيادةً، وما يجحد ذلك إلاّ الذين لم يكونوا فيهما (الحركة الوطنية والثورات) لا في عيرهما ولا في نفيرهما، وهم الذين طفوا على السطح بعد استعادة الاستقلال، واستطاعوا سرقة أمجاد الحركة الوطنية والثورة، ولو كانوا وطنيين ومجاهدين على الحقيقة لما رموا جثتي المجاهدين الشهيدين “عميروش” و”الحواس” في دهليز إحدى الثكنات، ونسأل الله ــ عزّ وجلّ ــ أن يتغمّد روح المجاهد “الشاذلي ابن جديد” الذي أنهى هذه الجريمة فأخرج الجثتين من الظلمات إلى النّور، وأعاد دفنهما بما يليق بهما من التكريم والتقدير.

مقالات ذات صلة