-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

إباحة المحرَّمات

عمار يزلي
  • 2446
  • 0
إباحة المحرَّمات

التطبيع الذي يمضي فيه بعض “المسلمين” من عرب وعجم، وصل به الحد أن بدأ في نسخ دينهم وتراثهم المادي والروحي معا، استجابة لمتطلبات العصر المادي والقوانين الدولية التي تسمح له بالانخراط في “العصرنة” ولو على حساب الأصل والفصل والملة والدين.

التطبيع، لا نعني به هنا فقط التطبيع مع الكيان المحتل، لأنه أصلا ليس “تطبيعا”، لأن التطبيع معناه “جعل الأمور طبيعية في العلاقات بين بلدين شعبا وسلطة”، وهذا أصلا لم ولن يحصل مع الكيان الصهيوني ولا مع غيره، كون هذا الشكل من التطبيع إنما هو “بيع” في شكل صفقات بين الأنظمة في العادة، يكون الشعب في حِلٍّ منها.

آخر ما بلغ أسماع الجميع هو محاولة وزارة العدل في المغرب، تحيينَ قانون العقوبات بما يتماشى مع الصيحات والموضة الدولية حاليا، وبما يسمح لهذه الدولة أن تسترزق على موائد الإعانات الدولية والسياحة بكل مفاسدها، والانخراط في تسويات على حساب العرض ببيع الطول بالعرض طمعا في الإبقاء على احتلال الأرض وبقاء سلطة المخزن واقفة على أجساد الشعب المتعاظم في الإفقار والتهميش والظلم الاجتماعي.

الأيادي “الإصلاحية”، في التشريع المغربي، بدأت تمتد إلى نسخ التشريعات المستمد من الدين الإسلامي التي لا تتماشى مع الثقافة و”الأخلاق” الرأسمالية الغربية، وهاهو مشروع يجهّزه وزير العدل لتعديل مواد في التشريعات الجنائية وتحليل الحرام بدعوى أن فعل الأكل في رمضان أمام الناس يجب أن لا يُجرَّم، لأنه يدخل في الحريات الفردية.. هذا في بلد يدعي أنه بلد مسلم، لا، بل أكثر من ذلك، بلد “أمير المؤمنين”، أي أن المغرب هي “إمارة المؤمنين”، دون أن نعرف ما إذا كانت تعتبر الطوائف الدينية اليهودية والمسيحية وغير المتدينين والمثليين والملحدين من ضمن “المؤمنين”؟

أكثر من ذلك، هناك مشروعٌ يحضَّر ليصبح فعل ارتكاب الفواحش بين الأشخاص بالتراضي، فعلا لا يجرِّمه القانون الوضعي المعروض؛ فالزنا، لم يعد حراما في نظر المشرِّع المحتمل، ولم يعد جريمة في نظر القانون المدني بعدما كان جريمة في الشريعة الإسلامية وعاقبتها مدوَّنة في النصوص التشريعية الدينية والفقهية انطلاقا من القرآن الكريم. الزنا، غُيّر له الاسم ليصبح أكثر “لطافة”.. يا لطيف، ويصبح الفعل يكنّى بـ”العلاقة بالتراضي خارج الزواج”، كما لُطفت من قبل أسماء أخرى مثل “أبناء الحبّ” عوض “أبناء الزنا”، و”الأمهات العازبات” بدل الزانيات: هذه العلاقة المسماة “التراضي”، لن يعاقب عليها القانون مستقبلا إن مر التشريع وسيمرّ..

هذا جزءٌ من كلّ، على اعتبار أنَّ هذا الموضوع كثيرا ما أثار جدلا ونقاشا في البرلمان المغربي ودافعت عنه “نائبات” و”نوائب” بدعوى أنه يمسّ “الحريات الفردية” والاقتصاد والسياحة، وخاصَّة بعد الجدل حول ضرورة عدم اشتراط الدفتر العائلي في حجوزات الغرف بالنسبة للسياح، مسلمين كانوا أو غير مسلمين، متزوجين أو غير متزوجين، ذكرانا أو إناثا. كان هذا مطلبا غربيا أوروبيا وأمريكيا، ثم صار صهيونيا مع التقارب الصهيوني المغربي، وهذا معناه مزيدا من الارتماء في أحضان الغرب الليبرالي، الممجِّد لـ”الحريات الفردية” التي لا تعني شيئا آخر عندنا سوى المزيد من التعري والانبطاح والانسلاخ من الهوية الدينية والأخلاقية وتبديل الدين بمتاع الدنيا.

كما أننا سنلاحظ مع مرور الزمن، مزيدا من التنازلات ضمن مشروع “العقد” مع الشيطان، ولن نستغرب أن يتم تحليل جلِّ المحرمات الدينية طمعا في متاع الدنيا السياحي والدخل وتجارة الدعارة التي تزخر بها هذه الدولة الجارة، التي كانت ولا تزال وستبقى بإرادة شعبها قبلة للعلماء الغيورين على مقوِّمات الشعب المغربي المسلم.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!