-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

إحصاء ما لا يُعدّ

عمار يزلي
  • 848
  • 0
إحصاء ما لا يُعدّ

انطلق قبل أيام الإحصاء الفلاحي الثالث في تاريخ الجزائر المستقلة، يحدث هذا بعد أكثر من تجربة “إصلاح” زراعي و”ثورة” في مجال التنمية، كتجارب لم تكتمل أو أجهضت في المهد، للسبب ذاته الذي نخشى منه الآن، ونحن نخوض تجربة إصلاحات ثورية في كل المجالات ومنها تجربة الأمن الغذائي الفلاحي والزراعي.
انطلاق حملة الإحصاء الوطني في مجال الفلاحة، كانت قد سبقته عملية تعداد المواشي عبر الطائرات المسيَّرة، غير أن الإحصاء الأخير الذي انطلق يوم 19 ماي، يوم عيد الطالب، والذي يحمل في طياته مغزى ورمزا على أن تنمية الغد بيد كوادر الغد الحاملين لراية العلم والمعرفة والذكاء بما فيه الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيات العصرية في مواكبة التنمية وتطويرها وتأهيلها.
انطلاق حملة الإحصاء لمدة شهرين على الأقل، ينم عن إرادة إدارة الملف بكل واقعية ومهنية بأرقام دقيقة ومقاربة علمية، خلافا لما سبق. هذا يعني أيضا أن الرقمنة ستُعمَّم لتشمل كل مجالات التسيير وإدارة التنمية بكل دقة وشفافية ولا مجال للتهرب من النتائج، كما أنه لا مجال بعدها للتهرب من المعطيات والتذرع بالأرقام غير الدقيقة أو حتى الظروف والتقلبات والملابسات التي تتحكم في العملية التنموية كلها.
رئيس الجمهورية، الذي دشَّن عهد الإصلاحات بكل جدية ومثابرة ووعي لما يمثله مستقبل التنمية للأجيال القادمة، والتي تبدأ اليوم قبل الغد، مهما كانت مخلفات الحقب السابقة، وطرق التسيير والفوضى التي سادت عدة عشريات سالفة، يريد أن يذهب وبسرعة قصوى إلى ضرورة التحكم في كل آليات التنمية المستدامة، خدمة للأجيال القادمة التي تعوِّل على ثروات البلاد الباطنية والسطحية والبشرية، من نواحي اليد العاملة والعقول والذكاء الصانع لهذه الآليات والآلات والأدوات والطرق التي تثوّر العملية الاقتصادية والتنموية بشكل عامّ.
الإحصاء الفلاحي والسكاني إحصاء الثورة الحيوانية ورقمنة كل القطاعات وتطوير شبكة الأنترنت مع التدفق الآلي بتعميم استعمال الألياف البصرية، والتي أمر رئيس الجمهورية بتعميمها وصناعتها محليا، كل هذا من شأنه أن يسرّع من العملية التنموية الشاملة ويؤسس لنهضة اقتصادية وتطور غير مسبوق، إن نحن واصلنا على النهج نفسه ولم تحدث هناك انتكاساتٌ مستقبلا، كما حصل في السابق، بفعل صراع المصالح بين كتلتي تمكين الإرادة الوطنية المستقلة من استكمال الاستقلال الوطني، من جهة وكتلة اليد العابثة، العاملة بما تهوى أنفس وأطماع القوى التقليدية الاستعمارية في الداخل والخارج.
هذا التحدي، الذي رفعه رئيس الجمهورية، هو تحدي شامل، لكنه يصب كله في مصب الرغبة في تحقيق السيادة الشاملة والمطلقة على القرار الوطني الضامن لمصالح البلد والوطن والشعب، بلا شطط ولا كلل ولا وجل، من دون أن يكون هناك إخلالٌ بالعلاقات والتوازنات المصلحية بين البلدان: والقاعدة التي أطلقها رئيس الجمهورية في التعامل المستقبلي وفي مجال الاستثمارات، أنه لا امتياز فوق العادة لأي دولة إلا ضمن قاعدة “رابح- رابح”.
من هذا المنطق، تأتي هذه الإصلاحات عبر الإحصاء الذي يمثل القاعدة البيانية والمنصة والأرضية الصلبة لكل عملية تنمية وتخطيط ودراسة مستقبلية، علما أن فشل التجارب عندنا، إنما كان يعود في بعض الأحيان، علاوة على ظروف سياسية وأمنية وبنيوية، إلى سوء التقدير في الأرقام، وبالتالي كل ما يُبنى على خطأ، نتيجته ستكون حتما خاطئة: وهذا بالضبط ما كان يشير إليه مرارا وتكرارا رئيس الجمهورية في كل المناسبات وفي لقاءاته الدورية مع ممثلي الصحافة الوطنية: غياب الأرقام الصحيحة، التي كانت دوما تقديرية وليست مبنية على إحصاءات علمية دقيقة.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!