-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
مصالح الطب الشرعي تقحم الذكاء الاصطناعي في تحديد القرائن

إحياء جرائم قديمة والتعرف على جثث متحللة للحراقة

وهيبة. س
  • 1516
  • 0
إحياء جرائم قديمة والتعرف على جثث متحللة للحراقة
أرشيف

يتطلع الطب الشرعي في الجزائر، إلى آفاق مستقبلية، تقوم على أسس علمية، في سياق التحقيقات الجنائية، بجمع الأدلة. فبعد خوضه مرحلة استغلال التكنولوجيا والرقمنة، والاستعداد لتعميمها عبر كل المصالح الاستشفائية، هناك الكثير من التحدّيات لتعزيز التعرف على القرائن، للوصول إلى أسباب وفاة بعض الأشخاص أو معرفة هوياتهم، وتحديد القائم بالجريمة.
قال البروفيسور رشيد بلحاج، لـ”الشروق”، على هامش اليوم التكويني الطبي المتواصل، حول تحرير الوثائق الطبية الشرعية، بقاعة محاضرات مصلحة الاستعجالات الطبية الجراحية بمستشفى “مصطفى باشا”، إن كل حالات الوفاة في الجزائر التي يعيقها عائق طبي، أو تشوبها شكوك، وتخضع للتشريح ستدوّن رقميا، وتكون ضمن ملفات الطب الشرعي والقضائي، وتسجل مصلحة مصطفى باشا سنويا، بحسب البروفيسور بلحاج، من 500 إلى 550 حالة تشريح لوفاة، نسبة 60 بالمائة منها غير طبيعية. وتتعلق هذه الأخيرة بحوادث عمل أو بجرائم استعمال أسلحة بيضاء أو سموم أو غيرها من وسائل القتل.

لا دفن للميت بدون ترخيص.. والرقمنة تتيح معرفة الملف الطبي
وفي ذات السياق، شدّد المختصون في الطب الشرعي، وفي حضور ممثلين للضبطية القضائية، وقطاع العدالة، على ضرورة التحقيق في حالات وفاة الأشخاص، في ظل انتشار بعض الجرائم، وتعقدها، وكذا التحرير الجيّد للشهادة الطبية الشرعية، حتى تكون المدونة الرقمية بيانات قاعدية صحيحة وموثقة، تمهد بحسبهم، لأدلة جنائية، وقرائن سيسهل تداولها بين الجهات القضائية والطبية مع تطور الرقمنة والذكاء الاصطناعي.
وقال الدكتور كمال ياسين، مساعد في الطب الشرعي، أستاذ بكلية الطب، إن المرسوم التنفيذي 2022، الخاص بدفن الجثث ومعاينتها، يوصي، بحسبه، على ضرورة تشخيص حالة الميت، ومعرفة ملفه الطبي، والظروف المحيطة به، قبل التصريح بالدفن.
وأوضح أن حالات الوفاة غير الطبيعية أو التي يشوبها عائق طبي صحي، تكون محل اشتباه، ولوكيل الجمهورية السيادة في طلب التشريح من الطبيب الشرعي، مشيرا إلى أن الرقمنة ستسهل على هذا الأخير، معرفة الملف الطبي للميت، والأطباء الذين كان يتردّد عليهم، والأدوية التي كان يتناولها.
ومن جهته، أفاد الدكتور عزوز جميل، يعمل في مصلحة الطب الشرعي بمستشفى مصطفى باشا، بأن اليوم التكويني الهدف منه التدريب الجيد على تدوين الشهادة الطبية الشرعية، وتدوين الملف الطبي المرقمن، مع إبراز ضرورة استغلال التكنولوجيا الجديدة.. ويرى بأن ذلك يفيد في تدوين الحقائق الطبية الشرعية في ملفات الجزائريين المختفين أو المقتولين أو الذين يموتون في ظروف غامضة، ولديهم وفاة غير طبيعية كحوادث العمل والمرور، وتتيح الرقمنة، بحسب المتحدث، التسيير العقلاني لمتطلبات مصالح الطب الشرعي، مع إبراز القرينة العلمية لرجل القضاء، وإبراز كل المستجدات الرقمية لشهادات الوفاة الطبية.

جهود لاستغلال الرقمنة في تحديد هويات جثث المهاجرين غير الشرعيين
وأكد المختص في الطب الشرعي، الدكتور عزوز جميل، لـ”الشروق”، أن اعتماد الرقمنة مستقبلا في تحديد هوية جثث المهاجرين غير الشرعيين سواء الجزائريين أم غير الجزائريين، والذين يغرقون وتتحلل أجسامهم في المياه، يحتاج إلى مزيد من الاتفاقيات الدولية والقوانين الوطنية، وإرادة سياسية، وعمل جاد في مجال التكنولوجيا والرقمنة.
ونوّه بالدور الذي تلعبه الجزائر في مجال رقمنة كل القطاعات، حيث أشار إلى أن مصلحة الطب الشرعي لمستشفى مصطفى باشا، قامت بتشريح 7 جثث لـ”حراقة” جزائريين.. وهذا بعد تسخيرة وكيل الجمهورية، واجتهدت المصلحة بحسبه، في معرفة هوية أحدهم من خلال استغلال معلومات منصات التواصل الاجتماعي، ومطابقة مواصفات بعض صور المبحوث عنهم من طرف عائلاتهم، وتم التأكد من هويته، فيما بقيت هوية باقي الجثث مجهولة.
وقال إن صعوبة تحديد هوية بعض المهاجرين غير الشرعيين، تتمثل في تحلل جثثهم وتعفنها وتمزقها وسط البحر، لكن مع تطور التقنيات والوسائل، سيصبح ذلك أقل صعوبة، إذ تأسف لمأساة بعض العائلات التي حرمت من أبنائها بدون معرفة أسباب غرقهم في البحر أو وفاتهم أو اختفائهم.

التكنولوجيا تعيد إحياء جرائم قديمة
وبلغة الأرقام، تسجل مصلحة الطب الشرعي بمستشفى “مصطفى باشا” سنويا، بحسب الدكتور محمد ديكاس، مختص في الطب الشرعي بنفس المصلحة، من 5 آلاف إلى 6 آلاف حالة ضرب وجرح عمدي، وجروح ناجمة عن حوادث العمل وحوادث المرور، من بينها 10 بالمائة تتعلق بعنف متبوع باستعمال السلاح، و550 حالة تشريح للجثث، بينما سجلت منذ بداية سنة 2024 إلى يومنا هذا، ما يفوق 1000 شهادة طبية للضرب والجرح العمدي.
وقال الدكتور ديكاس، إن كتابة الوثائق الطبية الشرعية، تتطلب عدة أمور منهجية، تتماشى مع عدة قوانين، من بينها قانون المهنة، والصحة، وقانون العقوبات، وغيرها من القوانين.
وأشار إلى أن بعض الجرائم استدعت إعادة استخراج جثث دفنت ومر عليها مدة زمنية، على غرار جثة تم تشريحها، بحسبه، في مصلحته، بعد دفنها لمدة 3 أشهر.
ويرى بأن من إيجابيات التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، ورقمنة الوثائق، إتاحتها بعض القرائن والأدلة الجنائية، العلمية، التي من شأنها إحياء جرائم قديمة، من خلال المقارنة والمطابقة في مدة زمنية قصيرة، وبدون عناء التنقل، فلا غرابة، بحسب الدكتور محمد ديكاس، أن يعاد مستقبلا التحقيق في جرائم قتل مر عليها الزمن، وجثث دفنت ودفن معها سرها.
للإشارة، فإن مجال الطب الشرعي، عرف مفهوما جديدا يتعلق بالطب الشرعي الرقمي، أي كل تلك الأدلة والقرائن التي تتعلق بالجرائم الإلكترونية المختلفة، كما بدأ اعتماد ما يسمى بالتشريح الإلكتروني، الذي يعني استغلال تقنيات الذكاء الاصطناعي في تشريح الجثث.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!