اقتصاد
حسب ما تضمنه قانون المالية لسنة 2020

إخراج 5 آلاف أورو دون تصريح يدخل حيز التطبيق!

سميرة بلعمري
  • 19788
  • 30
أرشيف

تضمن قانون المالية للسنة الجارية، إجراء غير منسجم تماما مع الوضع المالي الهش الذي تعانيه البلاد، إذ يرخص لكل مواطن يغادر الجزائر إخراج 5 آلاف أورو، دون الحاجة للتصريح بقيمة هذا السقف أو أقل من العملة الصعبة، هذا الإجراء الذي سيخلف نزيفا جديدا في العملة الصعبة دخل حيز التطبيق الخميس الأخير.

ضمنت حكومة الوزير الأول المستقيل نور الدين بدوي قانون المالية للسنة الجارية بـ”مصيدة ” للحكومة الجديدة التي يتحتم عليها الكثير من الحذر في التعامل معه، فالإجراء الذي تضمنته المادة 119 المعدلة للمادة 72، لا يلزم بالتصريح بالعملات الصعبة عند الدخول أو مغادرة الإقليم الجمركي إلا على المبالغ التي تفوق خمسة آلاف أورو أو ما يعادلها من العملات الأجنبية الأخرى، وهو ما يعني أن كل تمرير لمبلغ عند مستوى الـ5 آلاف أورو أو أقل لا يلزم صاحبه بالتصريح.

هذا الإجراء الذي من شأنه أن يفرز هزات ارتدادية على مستوى سوق العملة الصعبة، كما سيزيد من نزيف العملة، إذ بداية من يوم الخميس الماضي أصبح مرخصا للمواطنين الجزائريين المسافرين بأن يصدروا مبالغ مالية أكبر من تلك التي كان مرخصا بإخراجها ضمن إطار أحكام المادة 72 من القانون رقم 15-18 المؤرخ في 30 ديسمبر 2015 والمتضمن قانون المالية لسنة 2016 والذي كان يسمح للمواطنين الجزائريين المقيمين المسافرين بعدم التصريح بما يعادل 1000 أورو أو ما يقابله من العملات الرئيسية فقط.

القرار الذي يعتبر “فخ” للحكومة الحالية، وعامل من عوامل “استنزاف” العملة الصعبة يتزامن دخوله حيز التطبيق مع إجراء آخر يرتقب دخوله حيز التطبيق أيضا يتعلق بقرار الترخيص باستيراد السيارات المستعملة أقل من 3 سنوات والذي يتم عبر موارد مالية خاصة، هذا الإجراء الذي تحكمه مجموعة من الشروط، منها ضرورة فتح حساب مالي بالعملة الصعبة وإخضاع عملية التحويل للقانون.

الإجراء الأول، والمتعلق بإعفاء كل مواطن على سفر من الترخيص لدى الجمارك لكل قيمة مالية من العملة الصعبة لا تتجاوز 5 آلاف أورو أو ما يقابلها بالعملات الأخرى، أن يستقطب قيما معتبرة بالعملة الصعبة وخروجها من التراب الوطني، خاصة وأن المعطيات الرسمية تشير الى أن حركة الأشخاص تحصي ما يعادل 2.5 إلى 3 ملايين مسافر جزائري يتنقل إلى الخارج، وفي حال الاعتماد على المعطى الحالي واعتماد مؤشر مليون مسافر سنويا فقط وبمعدل إمكانية خروج 5 آلاف أورو فالإجراء من شأنه أن يخلف عند نهاية كل سنة خروج ما قيمته 5 ملايير أورو على أقل تقدير، وهو العامل الذي سيخلف المزيد من الاستنزاف للعملة الصعبة في وقت يسجل فيه احتياطي الصرف الجزائري تآكلا وتراجعا دون 60 مليار دولار.

مخزون احتياطي الصرف الوطني من العملة الصعبة الذي عرف انهيارا بشكل متسارع في السنة المنقضية، يجعل مستقبل الجزائر خلال الأشهر القليلة المقبلة مهددا على صعيد التوازنات المالية الكلية للبلاد، هذا المعطى الذي يطرح العديد من علامات الاستفهام في اتجاه التزامات السلطات العمومية وما تعلق بجانب تسديد المستحقات المترتبة على الخزينة العمومية في شكل ديون للمؤسسات وأجور للموظفين في القطاع العمومي على السواء، لاسيما في ظل عدم قدرة أسعار النفط على تسجيل مستويات مقبولة، حتى وإن لامست أمس الأول 70 دولارا بسبب تأثر بورصة النفط بعامل ظرفي يتعلق بمقتل الجنرال الإيراني قاسم سليماني

كما سيؤدي الإجراء الى إنعاش السوق الموازية التي تبقى تشكل المورد الأساسي للصرف بالنسبة للعملة الأجنبية، ويعد الإجراءان دافعا لتسريع نزيف وتشجيع تهريب العملة، ويبدو أن أصحاب الإجراء تحركوا في اتجاه معاكس لاتجاه السلطات التي كانت قد كثفت طيلة السنتين الماضيتين من محاصرة تهريب العملة ومصادرة نواتج العمليات المحبطة، حيث بلغت عمليات الحجز أرقاما قياسية، ويأتي الإجراء في وقت لا تزال السلطات العمومية تعتمد على منحة سياحية سنوية لمرة واحدة لكل مسافر لا تتجاوز 100 أورو وهي القيمة التي ظلت محل انتقادات كبيرة، على خلفية أنها لا تغطي تكلفة المبيت في فندق لتبقى السوق الموازية هي المورد الأساسي للعملة الأجنبية، في ظل غياب كلي لمكاتب صرف رسمية.

مقالات ذات صلة