جواهر
الممثلة التونسية المعروفة فاطمة بن سعيدان في حوار لـ "الشروق":

إذا تحررت المرأة يتحرر الرجل التونسي.. ولابد من المساواة في الميراث

حسان مرابط
  • 3681
  • 53
الشروق
فاطمة بن سعيدان

تتطرق الممثلة التونسية المعروفة فاطمة بن سعيدان إلى عديد القضايا التي عرفتها الساحة التونسية مؤخرا، على رأسها “المساواة في الميراث” بين الرجل والمرأة وتهديد الحريات بعد صعود التيارات الإسلامية عقب ثورة الياسمين، كما تبدي بن سعيدان وجهة نظرها في قضية “زواج التونسية بغير المسلم” ورأيها في الإنتاج المشترك بين الجزائر وتونس وواقع الفن في بلادها…..”الشروق اليومي” التقت مؤخرا بطلة “مجنون ليلى” على هامش مشاركتها في مهرجان الفيلم المتوسطي وكان هذا الحوار.

تطرق فيلم “الجايدة” لسلمى بكار (عرض في عنابة) إلى حقوق المرأة في تونس إبّان الاستعمار الفرنسي، لكن بعد الاستقلال، اكتسبت المرأة حقوقا جديدة، كيف كانت حقوق التونسيات قبيل ثورة الياسمين وبعدها؟

خلال الاستعمار سنة 1956 أغلقت دار “لأجواد”، المؤسسة العقابية أو الإصلاحية التي تدخلها النساء بأمر من المحكمة الدينية عقابا لهن لعصيان أزواجهن، وصدرت مجلة الأحوال الشخصية، فكانت هناك مكاسب منها حق التعليم الإجباري للفتيات وحق الطلاق مضمون، أي المرأة من حقها طلب الطلاق، وحقوق أخرى، ومع مجيء الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي تمسكنا بهذه الحقوق، ولكن بعد الثورة أصبحت حقوق المرأة مهددة، فسمعنا عن تعدد الزوجات وختان البنات.

تقصدين بعد صعود التيار الإسلامي وتوّلي حركة “النهضة” قيادة الحكومة لمرات؟

أجل، حركة “النهضة”، ومنهم أصدقاء دون ذكر الأسماء، حيث جاؤوا بخطابات غريبة علينا، وغريبة على المجتمع والمرأة التونسيين، فتصدينا لهم، وإذا كان صعود تيار “نداء تونس” بمجيء القايد السبسي، فبفضل تصويت 1 مليون امرأة عليه، وخرجنا إلى الشارع واعتصمنا حتى ندافع عن الحقوق والمكتسبات ولكنّنا نطالب أكثر، مثل المساواة بين الجنسين الذي جاء به الدستور، وبالتالي تكون لدينا نفس الحقوق ونفس الواجبات وفي كل شيء، وفي كل ما هو موجود في الحياة الاجتماعية للإنسان.

كيف وقف التيار الإسلامي بعد الثورة ضد حقوق المرأة التونسية؟

لم يوقفها، بل أراد ذلك، لأنّ المرأة والمجتمع ليس في غيبوبة، وهناك نساء قالت لا لتعدد الزوجات، لأنّهم لم يفهموا ما معنى تركيبة الزواج، فالزواج الذي يجمع بين رجل وامرأة هو مؤسسة ومشروع يبني أسرة، وبالتالي ظهرت أمور كثيرة وأصبحت حقوق التونسيات مهددة، وبهذا إذا لم تقم التونسيات برد الفعل والتصدي لأفكارهم سيقع الأمر لا محالة، فكان رد الفعل عنيف جدا من قبل التونسيات، ففي زمن “الترويكا” في 13 أوت 2014 خرجت النساء في أكبر مظاهرة لم تشهدها تونس من قبل، تطالبن فيها بالحريات والمساواة ونطالب اليوم بالمساواة في الميراث؟

المطالبة بـ”المساواة في الميراث” أحدثت جدلا مؤخرا في تونس واستنفرت جميع التيارات وحرّكت المجتمع خاصة الجهات الدينية، هل من تفسير أكثر وما الجديد في القضية؟

حقيقة حدث جدل كبير لوجود من يرفض هذا الطلب، ودون أن أدخل في الاعتبارات الدينية، وحقيقة نحن مسلمون ونعرف الله ورسوله الكريم وهناك قواعد ثابتة جاء بها الإسلام لا تُمس، ولكن هناك عائلات تونسية قبل أن يتوفى الأب يمنح ما يملك بالتساوي لأولاده، وبالتالي هذا نريده أن يكون مقننا، فالمساواة مع الرجل التي حققناها يجب أن تكون في كل شيء ويضمن القانون حق المرأة من خلال مثلا وجود بعض العائلات تجد فيها الذكور لا يمنحون أخواتهم مما تركه والدهم، وأعتقد أنّ هذا الأمر يدفع المرأة إلى الشارع، فالمرأة التونسية تجدها ربة بيت وممرضة ومهندسة وطبيبة وحاضرة في جميع القطاعات وتصرف على عائلتها، فليست “بطالة”.. والرجل يأخذ بـما ورد في القرآن “للذكر مثل حظ الأنثيين” لكونها لا تعمل، وبالتالي لابد من المساواة في الميراث، وحتى نحرر الرجل تتحرر المرأة، فالأسرة تقوم على شخصين (الرجل والمرأة) مثل جسم الإنسان.

من كلامك نفهم أنّه إذا تحررت المرأة يتحرر الرجل؟

صحيح، وإذا تحرر الرجل تتحرر المرأة، وعندما تطالب المرأة التونسية بتحررها يعني يتحرر الرجل من أفكاره وعقليته، فهو مكبل في عقلية تتجاوزه.

السلطات التونسية أصدرت قانونا يلغي حظر زواج المرأة التونسية المسلمة بغير المسلم، ما رأيك؟

نص عليه القانون، ولماذا الرجل المسلم يتزوج غير المسلمة، إن كان بهدف إدخالها إلى الإسلام؟ بالنسبة لي هذا غير صحيح، فأعرف أشخاصا كثيرين تزوجوا بأجنبيات غير مسلمات فلم يصلوا ولم يصوموا، ومنهم من تزوج بأجنبيات ولم يحدث أبدا أن تحدثوا بالعربية أو التونسية، وفي تونس هناك أجنبيات يعيشون منذ 20 سنة ولديهن أولاد ولا يتكلمن العربية، وبالتالي هذا غير صحيح، كما هناك نساء تونسيات تزوجن بأجانب تعلموا العربية حتى يوظفوها في تعاملاتهم ويتحدثون بها مع أولادهم، لذلك لا توجد هناك أشياء ثابتة تقول كذا وكذا، وهذا حق من حقوقها والإنسان يعيش كما يحب ولديه حريته والله يحاسب عباده.

ما هي أقصى الحقوق التي تطالبون بها اليوم، هل المساواة في الميراث فقط؟

المساواة في الميراث هي مرحلة من المراحل، ولكن المرأة لديها واجبات أيضا، وعندما ندافع عن حقوق المرأة لا يعني أننا نسلب حقوق الرجل، فالعلاقة بين الرجل متكاملة وبالتالي بلوغ مجتمع متكامل.

كيف ترين واقع الفن في تونس عقب الثورة وفي ظل صعود التيارات الاسلامية؟

بعد الثورة زالت الرقابة، ولم تعد السلطة تراقب ما ينتج من إبداع سواء في السينما أو المسرح أو الغناء.

الإنتاج المشترك بين الجزائر وتونس يقتصر على بعض الأفلام فقط، لماذا برأيك؟

شاركت في فيلم للراحل الطيب لوحيشي يعد أول إنتاج جزائري تونسي، والإنتاج بيننا قليل جدا صراحة، فلو تنظر إلى الجغرافيا، فنحن قريبين جدا من بعضنا، فمثلا المسافة بين العاصمة تونس وعنابة أقرب من تونس إلى جربة، وأقول إن الفن والثقافة والاحتكاك يقربون بين الشعبين وليس السياسة.

بعد مشاركتك في فيلم “الجايدة”، هل لديك أعمال أخرى؟

لدي مسرحية بعنوان “الخوف” وتتحدث عن الخوف من المستقبل، ونحكي فيها على تونس والقضايا التي تهمنا، وقبل “الخوف” أنتجنا عرض “العنف” بعد تفاقمه في بلادنا بعد الثورة ووصل إلى العائلات والأبناء وإلى الشعب.

مقالات ذات صلة