الشروق العربي
من أهم أسباب الخلافات والنزاعات

إفشاء أسرار بيت الزوجية

نسيبة علال
  • 4863
  • 4
بريشة: فاتح بارة

تبنى أسمى العلاقات الاجتماعية القوية على مبدإ تبادل الثقة، خاصة الزواج، وغياب هذا العامل قد يؤدي إلى مشاكل وانفكاك أسري، متى يصبح الزوج غير قادر على الشعور بالأمان حيال زوجته، ولا يستطيع أن يودعها أسراره، لأنها ببساطة لا تصونها، وكذلك العكس.

إن أقصى ما يرجوه الطرفان اللذان يجمعهما الرباط المتين، هو تقاسم الهموم والمسرات، وأن يكون الطرف الثاني بئر أسرار، لا يفشي تفاصيله إلى أي كان، مهما كانت الظروف، غير أن هذه القاعدة كثيرا ما يتم خرقها، فلا تتوقف الزوجة عن سرد أدق تفاصيل حياتها لصديقاتها وقريباتها، ولا يتحرج الزوج من كشف المستور لأهله، أمه وأخواته، وهذا ما يولد حسب أخصائيين نوعا من الانشقاق في المجتمع الجزائري.

أزواج يتكلمون عن حريمهم في المقاهي

من باب التفاخر، يروي الكثير من الأزواج تفاصيل علاقتهم الجيدة مع زوجاتهم، وحتى رغبة في النصيحة أو الفضفضة، يتجه البعض إلى سرد أسباب الخلافات بينه وبين زوجته أو أهلها، ومن دون أدنى وعي تفشى الأسرار وتعرى البيوت في مجالس اللغو، كالمقاهي والأماكن العامة، ومعها تسقط العديد من القيم الاجتماعية السامية التي عكف الرجال في ما مضى على صيانتها والذود عنها. يقول عبد الباقي، شاب أربعيني: “أحتار من حال رجال اليوم، كيف يشرعون بيوتهم على المقاهي ومجالس “الدومينو”، يروون بلا حرج ولا حياء أسرارهم الزوجية، ويتكلمون في المحظور على الملإ، فلعل زوجة أدركت ما يقوله عنها زوجها في مجالسه لتركته دهرا…”. للإشارة، فإن هذه الظاهرة الخطيرة التي تضرب قيم المجتمع الجزائري في العمق انطلاقا من مقهى، أو قاعة انتظار في صالون الحلاقة، آخذة في الانتشار دونما ضوابط، واستطاعت أن تجرف في طريقها استقرار العديد من الأسر، خاصة حديثة البناء.

رجال يواجهون اقتحام الأقارب لخصوصياتهم

يقول بلال، استعرت هاتف زوجتي. وبالصدفة اكتشفت أنه يسجل جميع المكالمات تلقائيا، استمعت إلى آخر مكاملة، وليتني لم أفعل، فقد صدمت من معرفة أن زوجتي تحكي لصديقاتها عن قيمة راتبي الذي أتقاضاه، وسفرياتي المقبلة، حتى عن خلافاتنا في المنزل وأسبابها”.. بلال، لم يكن يتوقع هذا الأمر، إلا عندما اكتشفه لوحده، يضيف: “الأشد وقعا علي، أن زوجتي كانت تتعامل معي بتوجيهات من قريباتها وصديقاتها عبر الهاتف، لم تكن تتصرف بعفوية حيال ما يحدث معنا، وإنما تشرك أطرافا أخرى حتى في الحميميات وتطبق نصائحهن بحذافيرها”. في هذا الصدد، تشير الأخصائية النفسانية، الخبيرة الاجتماعية، كريمة رويبي، إلى أن الأزواج يمقتون هذا النوع من السلوكيات، وهو ما يفسر كرههم الشديد لأن تفشي زوجاتهم أسرار منازلهم، “لا يحب الرجل أن يعيش مع شريكته حياة موجهة، وإنما هو في حاجة إلى الشعور بالأمان والثقة في معاملاته داخل المنزل، وأن تقابله دائما ردود فعل عفوية، تعكس شخصية زوجته ومشاعرها تجاهه”.

زوجي يتقاسم حياتنا الخاصة مع والدته

في بعض العائلات الجزائرية، على الابن أن يستمر في عاداته القديمة حتى بعد الزواج، إذ يجب أن يحكي تفاصيل حياته كاملة لوالدته، وإلا فإنها تتخذ منه موقفا صارما وربما تقاطعه، هذه الحالات موجودة بكثرة، منها زوج إلهام 41 سنة، الذي لايزال كلما حدث معه أمر اتصل بوالدته أو تنقل إليها ليرويه لها، رغم انفصالهما في السكن، وإقامة أمه بعيدا عنه. تقول إلهام: “أصبحت لا أمتلك خصوصيات، وهذا ما يشعل الخلافات بيننا دائما، إذا اشتريت شيئا ما أو أقبلت على مشروع، أو حدث معي أمر معين، كل هذه التفاصيل الدقيقة التي لا يمكن أن أخفيها عن زوجي، تعلمها أمه بالضرورة، وهذا أمر يزعجني كثيرا، وينغص حياتي، إلى درجة يجعلني دائمة التفكير في الانفصال”.

مقالات ذات صلة