إنجاز طريق رقان – برج باجي مختار مرهون بمراعاة الخصائص الجغرافية

يشكل محور الطريق الوطني رقم 06 الرابط بين برج باجي المختار ورقان على مسافة 600 كلم، لغزا محيرا وهاجسا أمام المسؤولين المحليين، نظرا لصعوبة تضاريسه ومسالكه الصعبة، لكونه يمر بصحراء تنزروفت القاحلة والوعرة ويشل حركة التنمية بالمنطقة، ويعزلها عن العالم الخارجي، التي يتكبد مواطنوها معاناة كبيرة في الخروج منها والوصول إلى رقان، الذي أصبح مصيدة للموت خاصة في فصل الصيف وخطف الأرواح.

هذا الطريق الذي لم يتم تعبيده منذ الاستقلال إلى اليوم، رغم الوعود التي أطلقها المسؤولون منذ عشرين سنة الماضية في كل مرة، إلا أنه لم يتجسد المشروع في أرض الواقع، وهو ما يعتبر وصمة عار في جبين الدولة الجزائرية، لاسيما المرضى والنساء الحوامل الذين يستأجرون سيارة بتكاليف باهظة قد تصل إلى 30 ألف دينار جزائري، لإيصال المرضى إلى مستشفى رقان أو أدرار.

من جهته، الرئيس المدير العام للمؤسسة الوطنية للأشغال العامة سيدي موسى مراد دوكالي في حديثه إلى “الشروق”، الذي هو في زيارة إلى ولاية أدرار لمراقبة مدى تقدم الأشغال بالطريق الرابط بين برج باجي مختار ورقان، حيث تشرف المؤسسة على إنجاز جزء من هذا الطريق، أكد في هذا الصدد أن الشركة الوطنية تشرف على الانتهاء من إنجاز 70 كلم من هذا الطريق، فيما تبقى التحديات قائمة، منها انعدام الماء والحصى الذي يشكل هاجسا كبيرا لدى مؤسسات الإنجاز، حيث يبعد الماء في ذات المكان عن سطح الارض بحوالي 300 كلم، مما يستوجب حفر آبار بعمق كبير من أجل جلب الماء، علما أن هذه الصحراء القاحلة تعد من أصعب الصحاري الجافة وتستهلك كمية كبيرة من الماء أثناء الأشغال، مع العلم أن المؤسسة كانت تقوم بجلبه من مسافات بعيدة، وأمام هذا التحدي الصعب فالمؤسسة سخرت 03 محاجر لتكسير وتفتيت الحصى من أجل توفير هذه المادة التي تعد أساسية كدعامة سفلية لصب الطبقة الزفتية، وفوق الكل، يتم قطع مسافة 120 كلم لجلب الحصى من إقليم تمياوين، حيث يتم تفتيت الحجارة وتكسيرها هناك، باعتبارها تتوفر على الصخور وفي حد ذاتها مبعثرة، مما يضع المؤسسة أمام تحدي احترام الآجال.

كما أشار محدثنا في هذا الصدد، إلى أن المؤسسة تواجدها بالولاية يعود إلى 2002، حيث قامت بإنجاز أرضية مطار برج باجي مختار ومطار العلامة الشيخ بلكبير، ومطار تيميمون إضافة إلى طريق 118 من طريق تينركوك البيض على مسافة 180 كلم، وقيامها بإعادة جزء من مطار برج باجي مختار في ظرف 21 يوما فقط من السنة الفارطة 2019، بعد ما كانت مدة الإنجاز المحددة تفوق شهرين، وفوق كل هذا، تتماطل الجهات المعنية في تسديد مستحقات الشركة نظير الأشغال التي قامت بها، وهو ما يعطل عمل المؤسسة لمواصلة الأشغال وتسديد أجور العمال وتغطية المصاريف والأعباء، وحتى إن شركة نفطال تتحفظ عن تزويدهم بمادة الوقود لإعداد الخلطة الزفتية.

من جهة أخرى، يتطلع سكان ولاية برج باجي مختار من القائمين على القطاع على المستوى الوطني، إلى رفع هذه التحديات وأخذها بعين الاعتبار من أجل إنجاز طرق بكامل المواصفات المطلوبة بدل إعادتها وترميمها كل سنة، لأن المواطن بتلك الجهة مل من انطلاق الأشغال وتوقفها في كل مرة، وتفاديا للترقيع الذي طال بعض الطرقات في عدد من محاور طرقات الولاية.

وفي سياق متصل، أوضح أحد خبراء المتعاملين في مجال إنجاز الطرقات في حديث دار بيننا حول هذا الشأن، أن الظروف التي يتم فيها إنجاز طريق رقان – برج باجي مختار العابر لصحراء تنزروفت تختلف تماما عن ظروف إنجار طرق في أماكن أخرى بالولاية، وهو ما يحتم بالتجربة الميدانية رفع تكلفة إنجاز 01 كلم من هذا الطريق إلى 5 ملايير سنتيم على الأقل، وهذا لضمان احترام نوعية الإنجاز في ظل تلك الظروف والصعوبات الميدانية المشار إليها.

للإشارة، فإن زيارة الوزير السابق للأشغال العمومية خلال شهر أكتوبر الفارط للمنطقة، وحمله بشرى لسكان برج باجي المختار بتخصيص مبلغ 1000 ميار سنتيم لإنجاز الطريق ووضع حد للمعاناة، التي فرح لها المواطنون وهللوا لها، إلا أنها لم تدم طويلا، وسرعان ما تبخر الحلم بعد رفض مؤسسة كوسيدار إنجاز الطريق بسبب سوء التفاهم على المبلغ، الأمر الذي صعب من المهمة، وأطال عمر معاناة سكان ولاية برج باجي مختار في عمر هذا المحور، وجعل السلطات تفكر في مخرج نهائي من الأزمة عن طريق تقسيم هذا الطريق إلى عدة حصص توزع على عدد من مؤسسات وطنية ذات خبرة في الميدان، مما يستوجب أخذ الاقتراحات السابقة بعين الاعتبار، في رصد ميزانية كافية لهذا المشروع لكي لا تصطدم بالواقع وتعود الحال إلى ما كانت عليه.