إنقلاب‮ ‬الوعي‮!‬

محمد‮ ‬يعقوبي

كثير‮ ‬من‮ ‬مفاهيم‮ ‬الوعي‮ ‬الحضاري،‮ ‬أصبحت‮ ‬تعرف‮ ‬انقلابا‮ ‬خطيرا‮ ‬في‮ ‬هرمها،‮ ‬وعندما‮ ‬يتعلق‮ ‬الأمر‮ ‬بالشعوب‮ ‬المضطهدة‮ ‬والمستعمرة،‮ ‬تصبح‮ ‬المصيبة‮ ‬مصيبتان‮ ‬وتتجلى‮ ‬النكبة‮ ‬على‭ ‬أكثر‮ ‬من‮ ‬صعيد‮.‬السلطة الفلسطينية، في حالة استنفار منقطع النظير لإنجاح مؤتمر “بوس” حول السلام المزعوم، ومن حق عباس أبو مازن وفريقه أن يرقصوا على أنغام هذه الأسطوانة المشروخة إلى حين قيام الدولة الموعودة، لكن الجماعة التي لا تتحرج من لقاء رئيس الوزراء الإسرائيلي أولمرت، تشن حربا شعواء ضد حكومة حماس وشعب غزة، فاليد ممدودة إلى أولمرت بالورود والأماني وممدودة على المقاومة بالسيف والحديد والوعيد.. يد تقول للإسرائيليين تعالوا للسلام والتعايش وتقول للفلسطينيين أنتم “إقليم متمرّد” ليس لكم سوى الحصار، وفي قلب الوطن المصادر.
العجيب أن انقلاب الوعي انسحب على كثير من قضايانا القومية العادلة، فأمس فقط ثار المغرب وانتفض ضد زيارة الملك الإسباني إلى مدينتي سبتة ومليلة المحتلتين حتى ظننا أن الحرب ستقوم على مضيق جبل طارق، لكن ساعات فقط بعد نشوب الأزمة، قال المغرب إنه يقيم مناورات عسكرية‮ ‬مع‮ ‬اسبانيا‮ ‬في‮ ‬المتوسط‮!!‬
هذا المنطق المعكوس، والوعي المقلوب، انسحب أيضا على الشعوب المغلوبة على أمرها، حيث أصبح مظهر الدم والدمار في العراق لا يهز شعرة في رؤوس كثيرين ممن تستهويهم مسابقات “الرقص الشرقي” على سبيل المثال ويُدمي أعينهم إقصاء شقراء أو حسناء من مسابقات الجمال أو الغناء‮ ‬أو‮ ‬الطبخ‮!!‬
المفاهيم‮ ‬المقلوبة‮ ‬أصبحت‮ ‬موضة‮ ‬مخيفة،‮ ‬والخوف‮ ‬الأكبر‮ ‬أن‮ ‬تتحول‮ ‬إلى‭ ‬قاعدة‮ ‬استثناؤها‮ ‬الوحيد‮ ‬أننا‮ ‬أصحاب‮ ‬قضية‮ ‬عادلة‮ ‬نفهمها‮ ‬ونعالجها‮ ‬أيضا‮ ‬بالمقلوب‮!‬