جواهر

ابنتي ذات العامين أدمنت الالكترونيات

تسنيم الريدي
  • 21031
  • 10
ح.م

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:

أشكر لكم هذا المنبر المتميز.. بارك الله جهودكم

ابنتي عمرها سنتين و4 شهور تقريباً،  متعلقة كثيرا بالجوال وتحديدا اليوتيوب ومقاطع الفيديو حيث تقضي أوقات طويلة على الجوال وتبكي كثيرا وتكون عصبية إذا أخذنا منها الجوال طبعا المقصود هنا بالجوال هو جوال والدتها، فهي لا تجرؤ كثيرا على جوالي، لأني كنت حازما معها منذ البداية، فأمها تعطيها إياه أحيانا لإسكاتها أو لتلهيها، حتى أصبحت ابنتي متعلقة جداً بالجوال وما يحزنني أكثر خوفي على عقلها وتفكيرها وعينيها ورقبتها حيث تمضي أوقات كثيرة وبعض المقاطع التي تشاهدها قد لا تناسب عمرها فهي تحب الأغاني، وتحب بعض أناشيد طيور الجنة وبعض مقاطع الأطفال وأفلام الكرتون ولا يخلو بعضها من سلبيات في ذاتها وبعض تصرفات الأطفال الخاطئة، الجوال أصبح كالمسكن نعطيها إياه عند اللزوم حتى أصبح من الصعب منعها منه فابنتي وحيده ليس لديها إخوة ولا يوجد أحد الأقارب أو الجيران قريب منا لديه طفل في سنها، وسريعا ما تمل من الألعاب فهي متعطشة دائما للجوال حتى عند بيت أهلي إذا أراد احد أن يتودد إليها أحيانا لا تأتيه إلا من أجل ان يعطيها جواله.

سابقا اشترينا لها لعبه بنفس شكل الجوال لكنها لم تعيره اهتمام كبيرا بل ترميه وتطلب الحقيقي، وحتى أكون منصفا فأنا أحيانا أكون مشاركا لأمها في ذلك فعند اشتداد بكاء البنت استسلم وأقول لأمها أعطيها الجوال كي ننعم بالهدوء.

محفوظ

ـــــــــــــــــــــــــــــــ

الرد

أهلاً وسهلاً بك أخي الكريم على صفحات جواهر الشروق، والله أسأل أن ييسر لك أمرك كله للخير، وأن يديم بينك وبين زوجتك السكن والمودة والرحمة، وأن يعينكما على  تربية ابنتكما، وأن تكون قرة عين لكم، وأن ينبتها الله نباتاً حسناً.

كما ذكرنا مراراً أخي الكريم في استشاراتنا التربوية أن التربية ليست عملية سهلة، ولا تتم بشكل صحيح إلا من خلال الإطلاع والقراءة والسؤال، وتُعد مرحلة الطفولة  المرحلة الأساسية لبناء شخصية الطفل وإكسابه المهارات والخبرات والقيم التربوية الإسلامية الصحيحة، لكي تتبلور شخصيته بما يحقق له التكيف النفسي والاجتماعي على مستوى الذات وعلى مستوى البيئة المحيطة.

ومع التطور العلمي وانشغال الأمهات أصبحت الالكترونيات هي الملاذ الأكبر للأطفال، ورغم معرفتنا بمخاطرها فإننا نستسلم لها، الالكترونيات أخي الكريم أثبت علمياً أنها:

– ذات تأثير سلبي في البناء النفسي والاجتماعي للطفل خاصة في المراحل الأكبر حيث ينعزل الطفل عن العالم المحيط.

– تشير بعض الدراسات العلمية إلى تأثر الجهاز الدماغي بالذبذبات الكهرومغناطيسية الصادرة عن الجوال، وقد رأيت أخي الكريم حالة لطفل في السابعة من العمر في العناية المركزة وقد تأثر دماغه وأصبح عالصريع بسبب هذه الالكترونيات.

– تصيب بعض حالات الأطفال بالتوحد وقد سعت مراكز التوحد للتحذير وبشدة.

– تشير بعض الدراسات العلمية إلى تأثير الوظائف المعرفية وهي الذاكرة والانتباه

وطفلتك أخي الكريم لم ترتبط كما ذكرت بالجوال من تلقاء نفسها، فالطفل للأسف لا يجد البديل من قبل الوالدين في الرعاية واللعب فيلجأ إليها، بالإضافة لعدم تمتع الآباء بالصبر في إشباع حاجات الطفل للتعبير عن ذاته وممارسة نشاطاته، مما يجعلهما يلجآن للحلول السريعة لإشغال الطفل بنفسه، والتخلص من إزعاجه وهذا خطأ كبير يقلل من قوة علاقة الطفل بوالديه خاصة في مرحلة المراهقة.

بالإضافة  لعدم توفير بيئة مناسبة لتفريغ طاقات الطفلة واستنفاذها بطريقة سليمة، والتعامل الخاطئ مع الطفلة المتمثل في استجداء طاعتها واستجابتها من خلال مكافأتها باستخدام الجوال.

طفلتكم أخي الكريم أمانة من الله يجب أن تتعب في تربيتها، لذلك يجب التحلي بالصبر في التعامل مع المشكلة وحلها بهدوء وروية ودون تعصب، وإعداد جدول يومي منظم يلتزم به جميع أفراد الأسرة على أن تشارك الطفلة في وضع برامجه وتنويع الألعاب والأنشطة التي ستقوم بها وهي كثيرة من العاب البازل، والقص واللزق، والتلوين والأنشطة الفنية المتنوعة وقراءة القصص بل وتأليف القصص مع رسمها والصلصال والفخار والتلوين على الجبس والخشب وغيرها الكثير والكثير،  ومراقبة سلوكها خلال تنفيذ تلك الأنشطة وتعديلها بأساليب تربوية سليمة بعيدًا عن التوتر وحدة الغضب، والطفلة في هذه الفترة أخي لا تحتاج لطفل في سنها لتلعب معها، فلعب الوالدين معها يكفي!!

ويجب التحدث بينك وبين زوجتك أمام الطفلة عن مخاطر الجوال واستخداماته وأنكما تعقدان العزم على تقنين استخدامه وكتابة ذلك كاتفاقية يوقع عليها الجميع حتى الطفلة – على الرغم أنها لا تكتب-  وهذا للتعزيز الإيجابي ، وذلك من خلال تحديد مواعيد الاطلاع على الرسائل والرد عليها واستخدام الألعاب، وكذلك تقليل استخدامكم للجوال في غير الرد على الهاتف أمامها.

كما اقترح أخي الفاضل وضع رقم سري للجوالات بحيث لا تستطيع فتحة إلا بعد الرجوع لكما، ويتم فتحه لها في حال كان ذلك متوافقًا مع الجدول الزمني المتفق عليه والذي وقعت عليه الطفلة، والالتزام التام بالجدول الزمني والصبر على ذلك، مع مراعاة أنكما سوف تواجهان صعوبة شديدة في ذلك ونؤكد في ذلك على الصبر، وعدم الركون للحلول السريعة السلبية للتخلص من ضغوط الطفلة عليكما .

تذكر أخي الكريم أن شخصية وسلوك أبنائنا هو حصاد تربيتنا، وليس عيبًا أن نخطئ التقدير ولكن العيب أن نستمر في تأنيب الضمير ومحاسبة الذات والآخر بلا عمل واقعي في طريق حل المشكلة .

تمنياتي لكم بالسعادة وتابعنا بأخباركم

للتواصل معنا:

fadhfadhajawahir@gmail.com

مقالات ذات صلة