اتساع دائرة الحصار على موقف سانشيز تجاه الصحراء الغربية

تعتقد المعارضة الإسبانية أن حكومة بيدرو سانشيز لم تتمكن، رغم تغيير موقفها من القضية الصحراوية، من حماية المصالح الإسبانية في المغرب، كما لم تنجح في استعادة علاقاتها الطبيعية مع الجزائر، وهو ما دفعها إلى مطالبة الحكومة بتصحيح مواقفها، التي جلبت لمدريد الكثير من المتاعب السياسية مع الجيران الجنوبيين.
هذه القراءة السياسية كانت محور تحرك برلماني للمعارضة الإسبانية الأربعاء المنصرم، يطالب الحكومة الائتلافية “بسياسة دولة فيما يتعلق بالصحراء الغربية، بشكل يساعد على استعادة التوافق السياسي حول هذا النزاع وتنفيذ الإرادة التي عبر عنها مجلس النواب”، والذي رفض في أكثر من مرة التحول المفاجئ وغير المبرر لحكومة سانشيز بخصوص القضية الصحراوية.
ويتهم الخصوم السياسيين لحكومة سانشيز بارتمائها في أحضان النظام المغربي، لكن من دون أن تحقق مصالح الشعب الإسباني، ولاسيما ما تعلق بالوضع في جيبي سبتة ومليلية ومسألة الهجرة غير الشرعية التي لم تتوقف، بسبب عدم التزام الطرف الآخر (المملكة العلوية) بالبنود المتفق عليها بين سانشيز والعاهل المغربي، محمد السادس، في ربيع 2022.
وبعد مرور عامين لا تزال التساؤلات قائمة بشأن الرسالة التي وجهها سانشيز للعاهل المغربي، تقول صحيفة “إل إندبانديانت”، إنه “من غير المعروف من كان المحرر ومن كان المبعوث، نظراً للأخطاء العديدة التي تحتوي عليها، من بين أمور أخرى، اسم وزارة الخارجية نفسها”، وهي الرسالة التي ترى المعارضة أن رئيس الحكومة الإسبانية “حطم أكثر من أربعة عقود من مواقف الحكومات الإسبانية المتعاقبة، حزب الشعب وحزب العمال الاشتراكي، فيما يتعلق بهذا النزاع”، في إشارة إلى دعم مخطط الحكم الذاتي الذي قدمه النظام المغربي لحل قضية الصحراء الغربية.
كل هذه المعطيات جعلت الظروف مواتية لتوجيه ضربة سياسية لرئيس الحكومة بيدرو سانشيز وحزبه الاشتراكي العمالي، الذي تعرض لهزيمة أخرى في مجلس النواب، وهي الأولى خلال هذه الفترة التشريعية، فيما يتعلق بنزاع الصحراء الغربية، بسبب علاقاته المشبوهة مع النظام المغربي.
فقد وافقت لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان الإسباني، الأربعاء الأخير، على الاقتراح الذي قدمه الحزب الشعبي المعارض، والذي يدعو الحكومة الائتلافية إلى “استعادة الإجماع السياسي حول هذا الخلاف والامتثال للإرادة التي عبر عنها مجلس النواب”، طوال عام 2022، مع موافقة صريحة على ذلك بالدفاع عن حق الشعب الصحراوي في تقرير المصير، يقول المصدر ذاته.
وحصل المقترح على 24 نعم و13 لا. بعد الدعم الذي حصل عليه من قبل حزب “سومار” و”بيلدو” و”PNV”، وهم شركاء بيدرو سانشيز في الائتلاف الحاكم، ما يمكن اعتباره ضربة سياسية موجعة لسياسة الحكومة التي يقودها سانشيز للمرة الثانية تواليا، التي باتت مهددة بمواجهة أزمات سياسية في المستقبل إذا لم تتدارك الانشغالات التي يرفعها شركاؤه وخصومه السياسيين.
النائب عن الحزب الشعبي المعارض، بابلو هيسبان، خرج موضحا بعد تبني المقترح: “الأمر يتعلق باستعادة الإجماع حول إحدى القضايا الرئيسية في السياسة الخارجية الإسبانية”، وبالنسبة إليه، فإن ما قام به سانشيز بخصوص موقف مدريد من القضية الصحراوية، “لقد انتهك التوافق.. هذه حقيقة لم يتم شرحها حتى للشعب الإسباني وقد تنصل منها هذا البرلمان في ثلاث مناسبات خلال الدورة التشريعية السابقة”.
ويشدد المقترح أيضا على ضرورة “إبلاغ مجلس النواب الإسباني بالجدول الزمني المتفق عليه مع النظام المغربي لإعادة فتح الجمارك التجارية والذي يظل سراً حتى يومنا هذا، مع تقديم تقرير حول الأنشطة والمقترحات التي صاغها مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة إلى الصحراء الغربية، ستافان دي ميستورا، وكذلك الوضع في الصحراء الغربية وعمل بعثة المينورسو”.
وفي السياق، أكد مسؤول العلاقات السياسية بمكتب جبهة البوليساريو باسبانيا، سلامو حمودي بشري، في تصريح لـ”وأج” أن ظهور مثل هذه المبادرات الحزبية وخاصة من طرف حزب الشعب الفائز في الانتخابات التشريعية الأخيرة والذي يتوفر على أكبر قاعدة جماهيرية في اسبانيا ودعوته الحكومة الائتلافية بقيادة بيدرو سانشيز إلى الامتثال للإرادة التي عبر عنها مجلس النواب عام 2022 دفاعا عن حق تقرير مصير الشعب الصحراوي، ما هو “الا دليل على انتصار القضية الصحراوية والشرعية الدولية”.