الجزائر
الداعية السورية رفيدة الحبش لـ"جواهر الشروق"

اتهمت بإفساد المرأة وخلق خلافات في الأسرة

جواهر الشروق
  • 11648
  • 1
ح.م
الداعية السورية رفيدة الحبش

تطل علينا هذه الأيام من شهر رمضان من بين الصخور الضخمة والرمال الكثيفة، لتأخذنا في رحلة عبر قناة “إقرأ”إلى زمن الصحابيات اللواتي حملن لواء الإسلام، ولكنهن ظللن مجهولات عند الكثير من المسلمين، لتأتي الداعية السورية رفيدة الحبش وتنفض الغبار عن حياتهن المليئة بالعبر والإخلاص لله، وهي الداعية التي سبق لها وأن دخلت بيوتنا من خلال برامج هادفة من بينها برنامج” أدبني ربي”الذي يقتبس روح الأخلاق الربانية التي تحلى بها الرسول صلى الله عليه وسلم، وكيف يمكن تطبيقها في مجتمعاتنا ليعم الوئام والأمن، وبرنامج”يابني”الذي يعرض منهج التربية الصحيح.

وقبل أن تصبح الدكتورة رفيدة من الوجوه البارزة في مجال الدعوة، قطعت أشواطا بعيدة في تعليم بنات جنسها القرآن الكريم والأحاديث و السيرة النبوية، وتمكنت بفضل اجتهادها وعزيمتها من افتتاح 13 معهدا للقرآن الكريم في سوريا رغم ما كانت تتعرض له من مضايقات أمنية بسبب نشاطها الديني، في الوقت الذي كانت عرضة للانتقادات الشديدة من طرف بعض المتشددين الذين اتهموها بتشجيع المرأة على التمرد على زوجها وأسرتها، عن هذه التفاصيل وتفاصيل أخرى، تحدثت “جواهر الشروق”مع الداعية رفيدة الحبش، فكان هذا الحوار.                          

ماهي النشاطات الدينية التي كنت تقومين بها في سوريا وجعلتك تخضعين للمساءلة الأمينة؟

بسم الله الرحمن الرحيم

كنت بعون الله اجتمع مع فتيات في بيتي أو أحد بيوت الأصدقاء أعلمهن القرآن والحديث الشريف والسيرة النبوية، كان هذا هو السبب في استدعائي وتوقيفي، ثم عملت جاهدة على افتتاح معهد نظامي لتعليم القرآن الكريم بموافقة مديرية الأوقاف والجهات الأمنية، فكان أول معهد أفتتحه في مدينة حماة.

 وماهي الإنتقادات التي تعرضت لها من بعض المتشددين بسبب موقفك من إحدى القضايا الدينية؟

  كانت الإنتقادات حول موقفي من موضوع حقوق المرأة وخروجها من أجل التعلم سواء في الجامعات أو حتى في المساجد، ولباس المرأة وغيرها .. وكان رأيهم أن المرأة خلقت للبيت فقط، وفي عملي هذا لتنوير المرأة إنما هو إفساد للمرأة وتعليمها التمرد على زوجها وأسرتها، فاتهمت بإفساد المرأة وخلق خلافات في الأسرة لأن المرأة بدأت تطالب بحقها وتطالب بالخروج من أجل التعلم في حين يرفض ذلك المتشددون. 

كيف استطعت أن تفتتحي 13 معهدا لعلوم القرآن في بلدك بمفردك؟

  لم أكن بمفردي .. نعم أنا بدأت لوحدي، فأسست أول معهد وفي ذلك المعهد درست وربيت جيلا من الفتيات المنتسبات للمعهد، والحمد لله كان فيهن كل الخير من الهمة الصادقة والعزيمة والإيمان والإخلاص، فكنّ دوما معي حتى تعلمن القرآن الكريم وسيرة رسول الله وأحكام الفقه وأصول التربية الأخلاقية الإسلامية وبعض الأحاديث وفنون الدعوة إلى الله تعالى، حتى أصبحن قادرات على التدريس وعلى إدارة المعاهد، توجهت عندها لافتتاح المعاهد، فافتتحت المعهد الثاني وسلمته لإحداهن ثم افتتحت المعهد الثالث ثم الرابع وهكذا، وتتابعت الطالبات في افتتاح المعاهد حتى بعد خروجي من بلدي، فقد أصبح عدد المعاهد التي تديرها طالباتي 20 معهدا ولله الحمد. 

  ماهي المفاهيم الخاطئة التي تسود في مجتمعاتنا العربية والإسلامية واستطعت تصححيها من خلال برامجك التي تبث على قناة” اقرأ”؟

  أهم تلك المفاهيم خضوع المرأة للرجل، خروج المرأة من بيتها، سفر المرأة بلا محرم، لباس المرأة، عمل المرأة داخل البيت وخارجه، وأهم من كل ذلك أن تتكلم المرأة في أمور الدين.. وتصبح مرجعا للفقه والعلم.. وأرجو أن أكون قد أثرت في المجتمع بذلك. 

 من موقعك كداعية إسلامية تحيط بالكثير من علوم الدين، هل ترين أن المرأة المسلمة حصلت على كل حقوقها، أم أن هناك بعض الحقوق التي تحتاج إلى المزيد من للكفاح للظفر بها؟

  أكيد لم تحصل على كل حقوقها، وأنت لوعرفت كيف كانت المرأة المسلمة تعيش في عصر الرسول لعلمت كم هي مظلومة المرأة في زماننا. 

اعتدنا أن نرى النساء الداعيات على المحطات الفضائية بدون نقاب، فهل النقاب ضرورة شرعية مثلما يرى كثير من السلفيين، أم أنه مغالاة في الدين على رأي بعض المعتدلين؟

 النقاب ليس فرضا ولا سنة، ولو قرأت كل أحاديث النبي، لما رأيته يأمر امرأة بالنقاب ولو مرة واحدة، بل كان يأمر المنقبات أن يكشفن وجوههن في الإحرام، ولوكان النقاب فرضا أو سنة لما أمر النبي النساء بكشف وجوههن، والشيخ الألباني ألّف ثلاثة كتب في حجاب المرأة الأول اسمه: حجاب المرأة والثاني اسمه: الرد المفحم، والثالث اسمه: جلباب المرأة المسلمة. وفي كل كتبه أكد أن النقاب ليس فرضا، بل اعتبره برأيه سنة مستحبة.     

المرأة المسلمة في شهر رمضان مشتتة بين المطبخ والبرامج التلفزيونية، لو أردتي أن تسدي لها النصح، فماذا تقولين لها؟

  أقول لها: إن أيام وساعات رمضان معدودة وهي محسوبة من عمرك عندما قال تعالى عن الذي ضيّع وقته “يا ليتني قدمت لحياتي” يعلمنا أن الحياة هي حياة الآخرة وليست هذه الحياة الدنيا، وكل عمل يعمله الإنسان فهو يقدمه لآخرته للحياة الأبدية الخالدة، فكلامي للمرأة المسلمة في رمضان أن تجعل مخططا ليومها، بضع ساعات للمطبخ وبضع ساعات للشغل وتكرس أكثر وقتها للعبادة، نحن نحتاج للعبادة لنطهر أرواحنا ونسمو بأخلاقنا وهذا لا يتيسر لنا في وقت مثل وقت رمضان المبارك، أما التلفزيون فسمعت مرة كلمة من سيدة أعجبتني، قالت لي أنا في رمضان أتابع القنوات الدينية، أما المسلسلات فلا أضيع وقت رمضان فيها لأنها ستعاد كلها بعد انقضاء الشهر، فإن كنت يا أختي من الذين يتابعون المسلسلات فعلى الأقل استحيي من ربك وأجليها لبعد رمضان. 

لماذا اخترت “ديكورا” طبيعيا بين الصخور لتقديم برنامج “والذاكرات ” الذي يتحدث عن تاريخ الصحابيات؟

  الحقيقة أنا لم أختره، لكن فريق التصوير هو من اختار ذلك، وقد أعجبني كثيرا سيما وأنني أتحدث عن تاريخ صحابيات باقية قصصهن شامخة مثل الآثار العريقة.

لماذا ظلت بعض الصحابيات مغمورات رغم ما قدمنه للإسلام من تضحيات؟

  هذا هو السؤال الذي يحيرني، لكني أظن أن السبب في ذلك هو قلة الداعيات من النساء، القصص موجودة في كتب التاريخ، لكن تحتاج من يظهرها وينفض غبار الإهمال عنها.

بعض الدعاة والمتشددين ينكرون على المرأة تقديمها برامج دينية، خاصة تلك البرامج التي تتولى فيها أمر الفتوى، كيف تردين على هؤلاء؟

  سبحان الله، كيف ينكرون على المرأة تعليمها ورواياتها للعلم والحديث، ونصف الدين وصلنا عن طريق النساء؟، ألم تروِ السيدة عائشة رضي الله عنها 2210 حديثا عن رسول الله؟ ألم ترو الصحابيات للرجال والنساء على حد سواء أحاديث وسنة رسول الله، كان الصحابة والتابعون يأتون إلى نساء النبي وإلى الصحابيات ويسألونهن عن الدين وعن الفقه وعن الحديث وعن سيرة رسول الله، كانت أم الدرداء تلقي دروسها في المسجد الأموي في دمشق، وكان الخليفة عبد الملك بن مروان يحضر هو وحاشيته دروسها .      

لو أردنا أن نخرج جيلا جديدا من النساء الصالحات، ما الذي يجب أن نفعله؟

سؤال كبير جدا وإجابته أكبر، يجب أن تتضافر جهود الأسرة والمدرسة والمجتمع

جميعا لإخراج مثل ذلك الجيل علينا أن نأخذ من سيرة النبيّ، وسيرة الصالحات في زمن النبي وفي زماننا، وأنا متفائلة في خلق جيل جديد، لأن الصحوة الإسلامية بدأت والعلماء ظهروا على الإعلام وهذا يساعد في نشر الوعي، لكن أحب أن أؤكد على اتخاذ الصحابيات قدوة لكل فتاة، نتعلم منهن كيف صنعوا جيلا عظيما وكيف نصنع نحن جيلا عظيما مثلهن.   

الخيانة الزوجية الإلكترونية شتت الكثير من الأسر المسلمة، كيف يمكن علاج هذا الوباء؟

  في كل زمان نوع من الفتن، والإنترنت الآن هو فتنة هذا الزمن، ولا يملك أحد أن يمنع الزوج أو الزوجة من الإنشغال بالنت أو من الدخول للمواقع والصفحات المحرمة التي تهدم رابطة الأسرة إلا نفس الإنسان، فبيده الحل وبيده التغيير كما قال الإمام علي رضي الله عنه:

دواؤك فيك وما تشعر   وداؤك منك وما تبصر

وتحسب أنك جرم صغير   وفيك انطوى العالم الأكبر

لا أجد حلاً سوى التوعية لمخاطر هذه الخيانات وانعكاسها على الأسرة وعلى الأمة الإسلامية كاملة، وآثارها السلبية والسيئة على دين الإنسان وعلى إيمانه وإخلاصه وعلى آخرته … لا أجد حلاً سوى التوعية من قبل العلماء والدعاة والمصلحين في المجتمع، وسقاية بذرة الإيمان ورعايتها في قلب الزوج والزوجة.

نسبة الطلاق في مجتمعاتنا المسلمة في ارتفاع مضطرد، وأحيانا يتم الطلاق لأسباب تافهة، هل تؤيدين رأي أحد علماء الأزهر الذي اقترح أن لا يعتبر الطلاق طلاقا إلاّ إذا تم إيقاعه أمام قاض؟

  نعم أنا مع هذا الرأي، لأن الكثير من حوادث الطلاق تتم بسبب الغضب والتسرع بلفظ هذه الكلمة ثم يتبعها ندم كبير من الطرفين. 

كيف تنظرين للزواج السري بكل أنواعه، وهل هو حل لمشكلة العنوسة؟

  لا أبداً، هو يزيد المشلكة تعقيدا ويوقع الزوجين في مآزق هائلة وغالبا تكون المرأة هي الضحية.

ماهي المواقف الطريفة والصعبة التي تعرضت لها وأنت تقدمين برامجك على القنوات الفضائية؟

في آخر برنامج “والذاكرات” الذي يبث الآن على قناة “اقرأ” كان التصوير في البتراء في الأردن، وهي منطقة أثرية كلها صخور ورمال كثيفة، فكنت لا أستطيع أن أمشي على هذه الصخور أو الرمال بالحذاء الذي سأصور به، فكنت أضطر أن أمشي حافية على تلك الصخور وأغوص في الرمال حافية وأحمل حذائي بيدي حتى إذا بدأ التصوير لبست الحذاء.

بعد زيارتك للجزائر منذ نحو 4 سنوات، ما الفكرة التي تغيّرت في ذهنك عن هذا البلد؟

 للأسف، أعترف أننا نحن في بلاد المشرق العربي مقصرون في حق إخواننا من المغرب العربي، عندما زرت الجزائر عرفت هذه الحقيقة، لأني وجدت شعبا مؤمنا حريصا على دينه وعلى نصرة إخوانه العرب المسلمين في المشرق، وجدت شعبا طيباً مضيافاً محبا للتعلم وللتطوير، وأنا أحمد الله أن قدر لي فرصة التعرف على شعب الجزائر الحبيب مرتين، وأحمد الله أن أوصلني لجريدة الشروق وللأخت سمية شخصيا، لكم شكري ومحبتي. 

مقالات ذات صلة