-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

اجتماع الثلاثية ومشاورات الإصلاح الاقتصادي بدأت …

بشير مصيطفى
  • 4117
  • 1
اجتماع الثلاثية ومشاورات الإصلاح الاقتصادي بدأت …

تعقد الثلاثية بعد غد السبت جولة أولى من المشاورات، تمهيدا لقرارات قد يسفر عنها اجتماع ثان لهذا العام يعقد شهر سبتمبر القادم.

  • ويأتي هذا اللقاء على خلفية الاحتجاجات المتواصلة داخل مجتمع العاملين والموظفين، ولكن بعد عام ونصف من تاريخ آخر لقاء أسفر عن الرفع من الحد الوطني الأدنى للأجور، تحسين بعض التعويضات، والحسم في ملف التقاعد والمنح الاجتماعية. وكانت -يومها- جميع أطراف الحوار رحبت بتلك النتائج وقالت الحكومة بأنها حققت نجاحا في اتجاه تلبية المطالب الاجتماعية، خاصة مع حرص الخطاب الرسمي للدولة على مواكبة الظروف الاجتماعية التي كانت تمر بها الشريحة المعنية. وبعد سنة بالضبط من انعقاد اللقاء الأخير بين أطراف العملية؛ أي أواخر 2010 بعثت الجبهة الاجتماعية برسائل واضحة للسلطات في شكل احتجاجات عنيفة شهدتها أغلب مناطق البلاد، وأسفرت عن خسائر مادية مست أساسا المؤسسات من القطاعين العام والخاص قدرتها شركات التأمين بـ 5 ملايير دينار، وأدخلت الحكومة في دوامة أخرى من الوعود والوعود المضادة عن كيفية تسيير أزمة الأسعار والقدرة الشرائية.
  • فماذا ينتظر من اللقاء الجاري الإعداد له بين الحكومة وشركائها الاجتماعيين؟ وما الواجب عمله حتى تسير المحادثات في اتجاه “الاصلاحات العميقة” التي وعد بها الرئيس؟
  • موعد جديد ومواضيع مختلفة
  • يجري لقاء الثلاثية الجديد بعد أقل من شهر من إعلان رئيس الجمهورية عن “إصلاحات عميقة” في خطابه الأخير، وفي نفس التوقيت الذي تباشر فيه هيئة تنسيق الاصلاحات استماعها للأحزاب والمنظمات والشخصيات الوطنية، ويعني ذلك أن السلطات التي أمرت بتعجيل موعد الثلاثية تكون تفطنت الى أهمية المتغير الاقتصادي في دعم الاصلاح السياسي، وأنه من غير الملائم اعتماد مقترحات جيدة في تحقيق الديمقراطية الكاملة دون الاتكاء على رؤية ناجعة لحفز المؤسسة وتوزيع الدخل، وربما يكون من صلب الاصلاح السياسي ضبط السياسة الاقتصادية، محاربة الاحتكار، استكمال شفافية الانفاق العام وإعادة النظر في موقف الحكومة من القطاع الخاص.
  • ويأتي الاجتماع أيضا تحسبا لأية احتجاجات أخرى قد تشهدها البلاد بداية الدخول الاجتماعي القادم عندما تستنزف مطالب السكان جميع الأوراق التي ما تزال الحكومة توظفها في تعاطيها مع مطلبي الشغل والسكن وإلى حد ما مطلب الأجور وحفز المؤسسة الخاصة وتسوية وضعية بعض الفئات الاجتماعية. احتجاجات إن اندلعت على نفس وتيرة الاحتجاجات التي تمر بها دول أخرى تشبهنا في الظروف الاقتصادية ستشوش لا محالة على مسعى المراجعة السياسة -إن هي أبدت مؤشرات نجاحها- كما أنها ستعمق الأزمة في البناء الوطني -إن هي فشلت- لأنها في الحالة الأخيرة ستحمل مدلولات سياسية وربما تستغلها أطراف خارجية لاختراق جدي للبناء الداخلي.
  • مشاورات اقتصادية ومدعوون جدد
  • ينتظر أن تشارك في الثلاثية القادمة أطراف جديدة تمثل المؤسسة الخاصة، ليس أقلها أهمية “منتدى رؤساء المؤسسات” الذي يعتبر المدافع الشرس عن مصالح “رأس المال الخاص” وهو جهة تحمل رؤية مغايرة لمسار الاجراءات الاقتصادية في الجزائر، وربما تقدم جديدا للحوار الثلاثي. وفي ظل فشل الحكومات السابقة في إطلاق سياسة صناعية توفر الشغل، أو إطلاق مخطط استثماري يرفع نسبة المكون الوطني في سوق السلع والخدمات، سيجد أرباب العمل الخواص أنفسهم أمام هامش مناورة واسع لإرسال رسائل قوية للسلطات، وأن لا بديل عن حفز الاستثمار من خارج آليات الدولة المتبعة لحد الآن، وأن الخزينة لا يمكنها الاستمرار في تمويل أسواق العمل والسلع والنقود بالشكل الحالي، أي بضخ السيولة، أو إدارة الاقتصاد بالأوامر، وأن على البنوك أن تستقل عن الخزينة في حساب مخاطر التمويل، وأن رهانات الاقتصاد تتجاوز الجباية والتحويلات الاجتماعية وشبكات الأجور الى تأهيل المؤسسة وتحسين مناخ الاستثمار وعدم التمييز بين رأس المال العمومي ونظيره الخاص .
  • وربما يرفع أرباب العمل أصواتهم عاليا ويقولون بأن التسيب في التجارة الخارجية قد أضر بالمؤسسة الوطنية وقضى على قطاعات واحدة ليس أقلها أهمية في التشغيل قطاعات النسيج والجلود والصناعات الغذائية والمؤسسات متوسطة الحجم، وأن فشل الحكومة في احتواء الاقتصاد غير الرسمي أي الأسواق الموازية قد أثر سلبا على مردودية الاقتصاد الشرعي وأثر سلبا في درجة تنافسيتها. وربما رافعت المؤسسات من أجل إلغاء التدابير التي جاءت في قانون مالية 2009 فيما له علاقة بالمؤسسة مثل تمويل الواردات عن طريق “رسائل القرض المستندي” التي أدت منذ تطبيقها الى خسائر مست المؤسسات الانتاجية لامست سقف 400 مليون دولار، دون أن يؤدي ذلك الى أي خفض للواردات مثلما توقعت الحكومة، بل على العكس من ذلك تماما حيث أفادت مصالح الجمارك ارتفاع سلة واردات الجزائر خلال الثلاثي الأول من العام الجاري بنسبة 10 بالمائة عن السداسي الأول من 2010.
  • وستجد منظمات الباترونا نفسها في وضع جيد وهي تحمل الحكومة فشل سياستها الصناعية التي أدت في آخر الأرقام التي نشرها الديوان الوطني للاحصاء الى تراجع إنتاج جميع فروع الصناعة -عدا فرعي الخشب والورق- بنسبة وصلت في المعدل الى 2.6 بالمائة العام 2010، وفي القطاع العام الى تراجع بنسبة 10 بالمائة، أي بتراجع أكبر عما سجل العام 2009 حيث كان النمو ايجابيا بنسبة 0.4 بالمائة.
  • نحو رؤية حقيقية للنمو
  • وربما سترافع المركزية النقابية لصالح المؤسسات العمومية التي ما زالت حبيسة ملف الخصخصة، ومعروف أن على طاولة الحكومة مشروع خوصصة 1200 مؤسسة عمومية لا أحد يعرف شيئا عن مصيره، وعندما تحسم المشاورات العميقة في هذا الملف سيكون على المركزية بذل جهد أكبر في الدفاع عن مصالح عمال القطاع أمام المستثمر الخاص، وربما عاد الى الأذهان صراع النقابة مع مالكي شركة “أرسيلو -ميتال” في عنابة، وأيضا الحركة الاحتجاجية التي تعني 18 ألف عامل في المنطقة الصناعية بالرويبة. وسيكون من مصلحة المركزية النقابية التحالف مع ممثلي النقابات الخاصة في مطلبها المتعلق بحماية المنتوج الوطني وتطهير مناخ الأعمال ومكافحة لوبيات التجارة الخارجية، لأن ذلك وحده الكفيل بالتوسع في الانتاج وبالتالي خفض تكاليف النشاط الصناعي والتوزيع عن طريق نتائج المؤسسة بدلا عن دعم الخزينة.
  • حقيقة، يحتاج رهان النمو في الجزائر الى رؤية تخص الاختيارات الكبرى للسياسة الاقتصادية الوطنية، أولويات الاستثمار والتوجه نحو المؤسسة دون تمييز، الاعتماد على الموارد المحلية في التصنيع والتحكم أكثر في الانفاق العمومي . لو تتمكن أطراف الثلاثية في لقائها الأول من الحسم في خطة جديدة للاقتصاد الجزائري تتجاوز تدابير التهدئة الاجتماعية ومطالب التعويضات ضمن فضاء الاصلاحات العميقة المعول عليها يكون جيدا، أما إذا اكتفت الثلاثية بالاقتراحات قصيرة المدى خارج رهانات المستقبل فلن تقدم شيئا لاقتصاد يعيش على الجباية النفطية بنسبة لا تقل عن 55 بالمائة، وعلى نسيج صناعي لا يساهم بأكثر من 5 بالمائة في الناتج الداخلي الخام.
أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
1
  • foufou341619

    كيف يكون مصير اعوان الامن و الوقاية بعد مرور 17 سنة عمل تعاقد والله امر غير منطقي