وسط تجاذبات حول أهلية البرلمان في التشريع للإصلاحات
اختتام الدورة البرلمانية على وقع حرب صامتة بين بن صالح وزياري
يختتم البرلمان اليوم واحدة من أحلك دوراته، التي تزامنت وربيع الثورات العربية، ميّزها شبه إجماع وطني من قبل الطبقة السياسية على حل البرلمان الحالي، ومطالب بحرمانه من صلاحية التشريع للإصلاحات التي أعلن عنها رئيس الجمهورية في أفريل المنصرم.
-
ولم تشهد الدورة المنقضية أي إنجاز يذكر باستثناء واحد ووحيد، لكنه لم يكتمل بعد، وهو المتمثل في لجنة التحقيق البرلمانية حول أحداث الزيت والسكر التي عاشتها البلاد مطلع العام الجاري، وهي اللجنة التي لم تقدم تقريرها بعد أن غرقت في التحقيق مع جهات اعتبرتها كتل برلمانية ليست لها مسؤولية في تلك الأحداث، فيما شكلت الكيفية التي تمت بها المصادقة على القانون المتعلق بالبلدية، بؤرة للجدل، زادت من حدة الشكوك حول جدية السلطة في الذهاب إلى إصلاحات سياسية حقيقية، وفق ما جاء في خطاب الرئيس.
-
ولم تكن مراسلة مكتب الغرفة السفلى التي وجهت لمجلس الأمة، من أجل استدراك الأخطاء التي وصفت بـ “المطبعية” في القانون المتعلق بالبلدية، سوى مجرد حلقة في صراع لم يلبث أن طفا على السطح، بعد تسريب “وثيقة المراسلة” للصحافة، وما رافقها من تحليلات أكدت في مجملها على وقوع أخطاء منهجية وإجرائية، تَحمّل مسؤوليتها في الأخير، مدير التشريع بالغرفة السفلى، توفيق قادري، الذي أقيل من طرف زياري.
-
وتبرز خصوصية الدورة الربيعية أيضا من خلال الحرب التي اندلعت بين رئيسي الغرفة السفلى والعليا، على خلفية رئاسة هيئة الحوار، التي قرر رئيس الجمهورية إسنادها لمجلس الأمة، عبد القادر بن صالح، وهو الأمر الذي لم يهضمه غريمه عبد العزيز زياري، انطلاقا من اعتقاده بأنه الأجدر بقيادة هذه اللجنة، التي كلفت باستقصاء وجمع مقترحات ورؤى الطبقة السياسية حول الإصلاحات، للاستئناس بها.
-
وقد وصلت شظايا هذه الحرب الصامتة أحيانا والعلنية أحيانا أخرى، حد مطالبة رئيس المجلس الشعبي الوطني بإلغاء العمل بنظام الغرفتين، ومن ثم حل مجلس الأمة، في محاولة للتقليل من حدة الضغط المسلط على الغرفة السفلى، والسعي لإبراز الغرفة العليا كعنصر من عناصر الأزمة التي تمر بها البلاد، غير أن اللافت في هذه المعركة، كان الصمت الذي واجه به عبد القادر بن صالح تصريحات غريمه.
-
وقد انعكس هذا الصراع عند المصادقة على بعض القوانين، منها القانون المتعلق بالبلدية، ولا سيما المادة 69، التي تم تعديلها في الجلسة، ما اعتبر مخالفا للنظام الداخلي، وكذا قانون المالية التكميلي 2001، من خلال المادة السابعة مكرر، التي تجيز استيراد الألبسة المستعملة، وهما القانونان اللذان كان مصيرهما قريبا من العرض على اللجنة متساوية الأعضاء، قبل أن تتدخل جهات عليا لفض الاحتقان، مقترحة حلول وسطى يتم تفعيلها على مستوى النصوص التطبيقية.
-
ومع اختتام الدورة الربيعية واقتراب موعد الدورة الخريفية، يعود مجددا السؤال المحوري المتعلق بمدى أهلية البرلمان الحالي في التشريع للإصلاحات، وما إن كان رئيس الجمهورية، لا زال مصرا على إشراكه في التشريع للإصلاحات.