الشروق العربي
الفنان التشكيلي علي يماني:

اخترت الشارع فضاء للإبداع

صالح عزوز
  • 682
  • 0
ح.م
الفنان التشكيلي علي يماني

عندما تكون لديك القدرة على الإبداع، لا يهم مكان ترجمته، سواء تحت سقف بيت أو تحت السماء مباشرة، هو ما ينطبق على الفنان التشكيلي “علي يماني”، شاب احتضنه الشارع من أجل البوح بما تحمله قريحته وما يعلق في جراره، هو كغيره ممن لم يجدوا الدعم والمساعدة من أجل تطوير ملكاته الإبداعية، غير أن الإرادة حملته على جناحيها من ولاية “تيارت” لتحط به الرحال في الجزائر العاصمة، هذه المدينة الدافئة التي تفتح يديها بكل فخر لمن يريد أن يدخلها مبدعا، يحمل في يده ما يزيد في جمالها وبهائها فكان هو واحدا منهم، ضيف خفيف يحمل ماعدا حقيبة الظهر التي تحتوي على أدوات بسيطة ورمزية، لكنها لا تقدر بثمن لمن يعرف قيمتها، كيف لا، وقد نفخت الروح في تحف جميلة تحكي كل واحدة منها، قصة حب أو حكاية تحد وصمود، أو تحمل في طياتها ملامح بعض من الزوار ممن أحبوا الظهور في لوحة من الأبيض والأسود.

ابداع مند الصغر…

“اكتشفت نفسي مند الصغر، وآمنت بقدراتي في الإبداع، كان نشاطي الأول في دار الثقافة بولاية الجلفة، ثم اتجهت إلى مدرسة الفنون الجميلة بولاية باتنة لمدة ثلاث سنوات، لم يشأ القدر أن أكمل دراستي هناك، وتحولت إلى مدرسة مستغانم لمدة سنتين، أكملت السنة الدراسية، ونتيجة لعدة مشاكل كانت تلاحقني، اتجهت إلى الحياة العملية، ومنه كانت البداية على خوض تجربة العمل في الشارع”.

بين استغراب ودهشة المارة يواصل “علي” إبداعه

كانت نتيجة حتمية، لأن يكون الشارع ملاذه، فمن لا يملك الإمكانيات المادية من أجل تطوير ما يقدمه في شتى المجالات، لا يبقى له إلا دفء الشارع أو برودته، وهو ما حصل مع “علي يماني” حين استقر في العاصمة وبالضبط عند البريد المركزي: “اخترت هذا المكان لجماله ولحركيته طوال النهار، وما يشدني وأنا أقوم بعملي حين ترى الكثير من المارة ينظرون إليك بتعجب واستغراب، شاب في مقتبل العمر يحمل قلما وأوراقا يبتسم لها في كل مرة، ويخط عليها بعض الخطوط لتنتهي في الأخير، صورا تذكارية للكثير من الأشخاص الذين مروا من هنا، فزائر العاصمة لابد أن يحمل إلى بلده تذكارا، لذا اختار الكثير منهم صورة مباشرة يأخذها معه في الحين، أنا أتفهم شعور الكثير منهم، فلسنا في أوروبا، أو حين أصبح الشارع ملاذا للكثير من المبدعين والفنانين، نحن في الجزائر، وهذه المبادرة لا تزال تقف على استحياء من نظرة المجتمع لها”.

ابداع حقق الترحيب في الجزائر وخارج حدودها…

“لي الكثير من الجوائز تحصلت عليها هنا في الجزائر، وشاركت في العديد من المعارض  والمسابقات، أما خارج الجزائر فقد كان لي شرف تمثيل الجزائر في الصين في الفن التشكيلي، اختصاصي هو النحت، ما قدمته هناك في الصين كان عبارة عن أعمال من اختصاصي، ومواضيعي تمس خاصة العنصر البشري بصفة عامة”.

ابداع يعتمد على الخفة والقدرة على التخيل، ويتطلب أنامل سريعة قادرة على التراقص من دون ملل، تكفي 40 دقيقة ليضع لك شبيها تفوقه آنت في الحياة فقط، أما هو فجماد، غير أنها تحفة فنية وعمل متقن من مبدع آخر قذفته يد التهميش، لكن الشارع احتضنه رغم برودته، تركناه يغازل مخيلته لعلها تجنب له إبداعا آخر حسن المنظر، على أمل أن يجد مكانا بين كبار هذا الفن وهو ليس ببعيد عن ذلك.

مقالات ذات صلة