ارتكبوا مجزرة في بعلبك واختطفوا مدنيين,, فشل اول عملية استعراضية يقوم بها الجيش
فشل الجيش الإسرائيلي في أول عملية استعراض على الطريقة الهوليودية عندما قام بعملية الإنزال على مستشفى الحكمة الواقع على أطراف مدينة بعلبك بالبقاع اللبناني، وقد تنقلت “الشروق اليومي” فور ورود أنباء الإنزال إلى منطقة الإنزال ووقفت على آثار الجريمة التي ارتكبتها إسرائيل والتي غطت بها على الفشل الذريع لعمليتها. مبعوث “الشروق اليومي” إلى بعلبك: رشيد ولد بوسيافة
كانت الساعة السابعة مساء من يوم الثلاثاء عندما ملأت سماء بعلبك أسرابا من الطائرات الإسرائيلية المقاتلة وطائرات الهيلوكوبتر، ولم يكن أحد يدرك أن الأمر يتعلق بعملية إنزال إسرائيلية مباغتة كان الهدف منها حسبما أبلغنا به مسؤول العلاقات العامة بحزب الله اختطاف القيادي البارز في حزب الله محمد يازبك، وهو فشل استخباراتي كبير ـ يقول ذات المسؤول ـ لأن يازبك لم يكن موجودا في المنطقة والمستشفى كان خال تماما.
في البداية أنزلت المروحيات الإسرائيلية قواتها في باحة المستشفى، ولم تتمكن “الشروق اليومي” من معرفة عدد الجنود الذين تم إنزالهم رغم العديد من الاتصالات مع المسؤولين في حزب الله في بيروت وفي البقاع، ومباشرة قام مقاومو حزب الله بمحاصرة المبنى ودخلوا في اشتباكات مطولة وعنيفة استخدمت فيها الأسلحة الخفيفة، وقد أشار “حسام” مساعد مبعوث “الشروق اليومي” الخبير في الأسلحة، إلى أن الأسلحة التي استخدمت هي بندقيات m16، كما استخدمت قذائف متوسطة معيار 106، وذلك من خلال الخراطيش الفارغة التي كانت مبعثرة في محيط المستشفى.
الاشتباكات وفق ما أكده مسؤول الإعلام في حزب الله في منطقة البقاع، استمرت لساعات طويلة وكاد المقاومون ينقضون على وحدة الكومندوس التي تم إنزالها لولا تدخل الطائرات والمروحيات الإسرائيلية التي بدأت تضرب عشوائيا في محيط المستشفى، ومع ذلك تصدى لها المقاومون واستمرت المواجهة طيلة ليلة أول أمس.
وكانت حصيلة المواجهة التي تحصلت عليها “الشروق اليومي” من مسؤولي حزب الله بالبقاع سقوط ثمانية عشر شهيدا من بينهم أربعة من المقاومين الذين كانوا في ساحة المعركة، وتفسر هذه الحصيلة في صفوف حزب الله بكون المنطقة مكشوفة ولا توجد بها أحراش، وقد تبين ذلك من خلال زيارتنا لها، حيث وصلت “الشروق” إلى المكان الذي كان يحتمي به أحد المقاومين، وفي المكان كميات كبيرة من الذخيرة الفارغة، وكان المكان مكشوفا جدا يسهل استهدافه بالطائرات.
سلاح الجو الإسرائيلي الذي حضر بقوة للمنطقة، وجد صعوبة بالغة في إنقاذ جنوده الذين كانوا داخل المستشفى، ولم يتمكن من ذلك إلا بعد ساعات من الاشتباك وعندما خلصهم من حصار المقاومين، انتقل إلى بيت ليس بعيد واختطف خمسة من المدنيين كلهم شيوخ وأطفال وادعى فيما بعد أنه اختطف أعضاء في المقاومة اللبنانية.
إسرائيل أرادت أن تغطي على هزائمها في الجنوب
أما المسؤولون في حزب الله فقد نفوا لـ “الشروق اليومي” نفيا قاطعا الإدعاءات الإسرائيلية وقال المكلف بالإعلام في الحزب في البقاع، إن العدو الصهيوني أراد أن يعطي الانطباع للعالم من خلال عملية بعلبك بأن يحقق نصرا في المعركة، ويحيل الأنظاء إزاء ما يحدث في الجنوب حيث يتصدى المقاومون بشراسة، غير أن العملية كللت بالفشل الذريع وتحول الجيش الإسرائيلي إلى موقع الدفاع عن فرقة الكومندوس التي رمى بها بين أحضان المقاومة.
الالتحام بين الطرفين بدأ في العاشرة ليلا وانتهى في ساعة متأخرة من صباح أمس الأربعاء، وكانت أجواء المعركة لا زالت تخيم على المدينة لحظة وصول “الشروق اليومي” إلى عين المكان، وانسحب الغزاة بعد أن اختطفوا خمسة مدنيين من بيوتهم، وخلفوا وراءهم مآسي كثيرة، وقفت عليها “الشروق اليومي” عندما زارت مستشفى الريان المجاور والذي لا يبعد عن مستشفى الحكمة الذي وقع فيه الإنزال إلا بـ 300 متر… دخلت “الشروق اليومي” مستشفى الريان أولا من أجل الاستشفاء، لأن مبعوث “الشروق اليومي” تعرض لحادث بسيط حين سقط من جدار مستشفى الحكمة وأصيب بجرح على مستوى الرجل اليمنى، وبعد عملية الإسعاف من قبل أحد أطباء مستشفى الريان والذي رفض استلام المقابل المالي، لأن المستشفى خاص وليس حكوميا، بعد ذلك توجهت “الشروق اليومي” إلى الجرحى الذين كان بعضهم داخل غرفة العمليات والبعض الآخر في الانتظار، وكانت أخطر حالة للطفل الذي يظهر في الصورة والذي لم نتحصل على اسمه، غير أننا علمنا من الدكتور هاني عبد الساتر المدير الطبي بالمستشفى أن كل أفراد عائلته استشهدوا، وهو لا يسكن في بعلبك وإنما جاء فارا من منطقة أخرى، الطفل الجريح عاينته “الشروق” مباشرة قبل إدخاله إلى غرفة العمليات لإنقاذه، حيث أن الإصابات غطت كل أجزاء جسمه، وكان فاقدا تماما للوعي عندما زارته “الشروق”.
كما تحدثت “الشروق” إلى مصاب طاعن في السن اسمه عوض جمال الدين، وهو مصاب بجروح خطيرة حيث كان متواجدا قرب مستشفى الحكمة عند بدء الاشتباك، ولم يصب أحد من أفراد عائلته لأنه يسكن بعيدا عن المكان.
الشهيد الذي لم يولد بعد!
أما أكثر حالة تأثيرا والتي تكشف الهمجية الإسرائيلية في أقبح صورها فتتعلق بسيدة حامل كانت على وشك الولادة، وقد أصابت القاذفات الإسرائيلية السيارة التي كانت تقلها، مما أدى إلى استشهادها هي والجنين الذي كان سيولد بعد ساعات. وبذلك تسلب الهمجية الإسرائيلية الحياة من أولئك الذين لم يتمتعوا بها بعد.
إن الشرق والشمال اللبناني لا يشهدان نفس أجواء الحرب كما يحدث في الضاحية الجنوبية لبيروت وفي الجنوب اللبناني، ومع ذلك فإن مدينة بعلبك خرجت عن هذه القاعدة، لقد ذكرتنا بالأجواء المرعبة لقانا وصور حيث غادرها أهلها، وتحولت إلى مدينة أشباح، أما العائلات القليلة جدا التي لم ترحل من بعلبك فهي تعيش تحت رحمة الطيران الإسرائيلي الذي يكرر غاراته على المنطقة.
إن العملية الهوليودية التي تحولت إلى أجواء رعب لنخبة الجيش الإسرائيلي جاءت في ظل تطورات كثيرة على صعيد المواجهة، فهي جاءت قبل ساعات من انتهاء المهلة التي حددتها إسرائيل لوقف القصف الجوي، مما يعني أن المهلة في حد ذاتها كانت تحضيرا لهذه العملية الجبانة، والتي ارتكبت فيها مجزرة أخرى تضاف إلى قائمة المجازر في قانا وصور ومروحين وعيترون ومناطق أخرى.
كما أكدت العملية فطنة المقاومة اللبنانية واستعدادها لكل المفاجآت، وهو ما يفسر تحول السحر على الساحر، حيث تحول المهاجمون إلى رهائن في قبضة المقاومين الأشاوس…. هي صفحة مشرقة من صفحات المقاومة اللبنانية الباسلة وصفحة مظلمة من تاريخ إسرائيل المليء بالمجازر والدماء، والجبن والخبث والنذالة…. ولتعلم إسرائيل أن النهايات السعيدة لعمليات الكومندوس توجد في هوليود فقط.