-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

استطلاعات الرأي: كشف الواقع واكتشاف القيادة!

استطلاعات الرأي: كشف الواقع واكتشاف القيادة!

أجرت أكثر من جهة دولية استطلاعات رأي عن الجزائر في نهاية السنة الماضية، وبدا لي من المفيد مقارنة بعض نتائجها اليوم.

قدّم كل من “الاتحاد الأوروبي” و”البارومتر العربي”، في استطلاعات رأي ـجريت في نفس الفترة الزمنية تقريبا (الثلاثي الثالث من سنة 2020)، مؤشرات عدة علينا التمعن فيها دون إفراط ولا تفريط، آخذين بعين الاعتبار أنها ليست علما دقيقا ولا مُسلَّمات غير قابلة للنقاش؟

ذَكَر تقرير “البارومتر العربي” أن 66 بالمائة من الجزائريين راضون على العمل الحكومي (مقابل 76 بالمائة في المغرب و78 بالمائة في الأردن، و39 بالمائة في تونس، و11 بالمائة في لبنان)، بما يشير إلى مفارقة كبيرة، حيث أن الرضا غير مرتبط بدرجة الانفتاح السياسي ولا بدرجة انتشار التعددية السياسية.

وجاء في مذكرة الاتحاد الأوروبي، الذي مافتئ ينتقد الوضع الداخلي في الجزائر، استطلاعا للرأي عن دول الجوار الجنوبية ما يلي: “الجزائريون راضون بشكل عام عن حياتهم (63٪، بما يتماشى مع المتوسط الإقليمي)، وهم متفائلون بشكل عام للأشهر الـ12 المقبلة، (التقرير صدر في نوفمبر 2020)، حيث يتوقع 59٪ أن تكون حياتهم بشكل عام أفضل (مقابل 12٪ يتوقعون أن تكون أسوأ) و67٪ يعتقدون أن الوضع المالي الحالي لأسرهم جيد (مقابل 32٪ يعتقدون أنه سيء)”، بما يعني أنه علينا الانتباه إلى ثلاث مسائل على الأقل بشأن استطلاعات الرأي:

الأولى: برغم ما تحمل مثل هذه النسب من إيجابيات، إلا أنه علينا ألا نستهين بسلبياتها آخذين بعين الاعتبار دلالة الأرقام الحقيقية. فعدم رضا نحو 34 بالمائة من الجزائريين أو رضاهم النسبي على أداء حكومتهم رقم كبير، وما نسبته 12 بالمائة الذين يتوقعون أن تكون حياتهم أسوأ إنما تعني أكثر من 4 ملايين مواطن…

 الثانية: أنه علينا تعميم استعمال استطلاعات الرأي في بلادنا وتعزيز موقعها حتى تُمكّننا من إجراء مقارنات مع ما يجريه غيرنا لعلنا نتمكن ذات يوم من النظر إلى واقعنا بموضوعية بعيدا عن حملات التأييد الأعمى ولا التشكيك القاتلة…

ثالثا: علينا نشر نتائج مثل هذه الاستطلاعات على نطاق واسع لتنوير الرأي العام والمساعدة على رسم السياسات العامة واتخاذ القرار واختيار القيادات المناسبة لتنفيذه.

لا يكفي انتظار استطلاعات الرأي التي يقدّمها آخرون رغم أهميتها.

لقد وثقت كثير من الدول في مؤسساتها البحثية في هذا المجال وتمكنت من رصد وتوجيه تطوراتها بدقة واختارت لذلك القيادة الأفضل. لِمَ لا نحن؟

بعد سقوط الاتحاد السوفياتي، أجرت روسيا أكثر من استطلاع رأي حول ما إذا كانت دولة تنتمي إلى الشرق، أم إلى الغرب لترسم سياساتها وتعد استراتيجيتها المستقبلية. وكانت النتيجة في عهدي “غورباتشوف” و”يلتسين” تكاد تكون متطابقة. ما بين 71 و73 بالمائة اعتبروا روسيا جزء من الشرق… ولم يبق للرئيس بوتين سوى أن يحكم البلاد ويقود الدولة بهذا الاتجاه…

يبدو لي أننا اليوم في حاجة إلى طرح أكثر من مسألة على استطلاعات الرأي، ومن دون شك سنحصل على نتائج من شأنها مساعدتنا ليس فقط على تصحيح السياسات لعامة إنما على رسم استراتيجية شاملة للمستقبل، وقبل ذلك على معرفة كيف ومَن ينبغي أن يقود البلاد.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!