-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

اضربوهم بالأحذية

حسين لقرع
  • 897
  • 0
اضربوهم بالأحذية

لم تُخطئ الفنانة الأردنية جولييت عوّاد حينما طالبت بإنزال العقاب الذي نالته شجرةُ الدُّرِّ قبل قرون، وهو الضرب بالأحذية حتى الموت، بحقّ كل من شارك في فيلم “أميرة”، تمثيلا وإنتاجا وإخراجا وتمويلا…

الفيلم هو حلقة جديدة من مسلسل تسخير الدراما العربية لدول التطبيع في خدمة الاحتلال، وقد بدأ قبل نحو سنتين بمسلسل “أمّ هارون” الذي اشترك فيه عددٌ من دول الخليج، ويواصل حلقاتِه الخطيرة اليوم بفيلم “أميرة”، من إنتاجٍ مشترك أردنيّ – فلسطيني – مصري، وهو فيلمٌ مشين يسيء بشدّة إلى الأسرى الفلسطينيين ويستهين بنضالهم ومعاناتهم في غياهب سجون الاحتلال ويطعن في شرف زوجاتهم الصابرات المحتسِبات ونسبِ أبنائهن؛ إذ يزعم أنّ طفلةً فلسطينية مولودة من نطفةٍ مُهرَّبة من سجون الاحتلال هي ابنةُ سجّانٍ صهيوني وليست ابنة مسجون فلسطيني كما قيل لها؟!

لو كان منتجو الفليم الحقير يملكون ذرّة كرامة وعزّة وغيرة على فلسطين وشعبها المضطهَد، لأنتجوا أفلاما تصوِّر معاناة آلاف الأسرى والأسيرات في سجون الاحتلال، وبعضهم محكومٌ عليه بالمؤبّد عدّة مرات لقيامه بعمليات فدائية بطولية ضدّ الاحتلال، وكيف يتعرضون في هذه السجون المظلِمة إلى التعذيب والتنكيل لكسر إرادتهم، ولو كان هؤلاء المنتجون يعقلون لأنتجوا فيلما عن عملية هروب الأبطال الستة من سجن جلبوع قبل أسابيع، أو الإضرابات الأسطورية عن الطعام للعديد من الأسرى الذين انتصروا على الجلادين الصهاينة بأمعائهم الخاوية، أو لأنتجوا أفلاما كثيرة عن معاناة الشعب الفلسطيني يوميا في الضفة من قمع وتشريد وتنكيل وفي غزة من حصارٍ جائر متواصل منذ 2006 إلى الآن، فصورُ ظلم الاحتلال ومستوطنيه وكذا مقاومة الفلسطينيين كثيرةٌ ويمكن استلهامُ مئات الأفلام منها سنويا.. ولكنّ حينما تطغى النذالة والحقارة والخيانة على النفوس، فلا تنتظر غير أفلام تخدم الاحتلال وتبيّض وجهه الدموي القبيح، بهدف الاستعداد لترشيحها لاحقا لقائمة الأوسكار، في زمن أصبحت فيه الجوائزُ العالمية المتصَهْينة في شتى المجالات، ومنها الأفلام، لا تُمنَح إلا لمن يتطاول على مقدّسات الأمة، أو يخون فلسطين والأقصى ويخدم الأجندة الصهيونية بكلّ وقاحة وبلا حدود.

في كلّ يوم تسقط الأقنعة عن المزيد من الخونة في الساحة العربية الذين أصبحوا يخرجون من جحورهم تِباعا ويُبدون وقاحة لا سابق لها، ولم يعودوا يجدون أيّ حرج في التعبير بكل سفالةٍ وانحطاط عن خيانتهم وحقارة نفوسهم، فنحن في زمن التطبيع والاستقواء بالاحتلال على الأشقّاء، والخيانة فيه أصبحت “حدثا تاريخيا كبيرا” كما قال وزيرُ الخارجية المغربي ناصر بوريطة في واشنطن قبل أسابيع، وقبله مسؤولون إماراتيون وبحرينيون.. لقد تغيّرت المفاهيم وانقلبت القيم، وآن للمحتلّين الصهاينة أن يحتفلوا ويمدّوا أرجلهم ويطمئنّوا إلى رسوخ أقدامهم في فلسطين المحتلة وهم يرون كلّ يوم من يتطوّع لخدمة مشروعهم، ويهتدي إلى أفكار لم يهتدِ إليها إبليسُ نفسَه؛ إذ لم يُنتج الصهاينة أنفسُهم فيلما يشوِّه الأسرى ويشكّك في خيانة زوجاتهم ونَسب أبنائهم، فجاء “عربٌ” من ثلاث دول ونابوا عنهم في هذه المَهمَّة القذرة!

وبرغم كلّ هذه الطعنات المتتالية في الظهر، يبقى الشعبُ الفلسطيني مستميتا في نضاله من أجل تحرير بلده ومقدّسات المسلمين دون أن يضرّه من خذله وخانه وأساء إليه وطعن في كرامته واستخفّ بنضاله وتضحياته.. ومن أساليب هذا النضال المشرِّف أن يقوم مئاتُ الأسرى بتهريب نُطفهم إلى زوجاتهم لضمان ولادة المزيد من الأطفال الذين سيحملون مشعل المقاومة ضدّ الاحتلال حينما يكبرون ويواصلون رسالة آبائهم المسجونين.. ولا نامت أعينُ الاحتلال والمنبطحين والخونةِ السّفلة.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!