-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

اقتصاد الجزائر في خطاب الرئيس: أين الخلل؟

بشير مصيطفى
  • 6682
  • 0
اقتصاد الجزائر في خطاب الرئيس: أين الخلل؟

انتقد فخامة رئيس الجمهورية أداء الحكومة في مجال الاستثمار بمناسبة لقائه برؤساء البلديات بداية هذا الأسبوع، والجديد في ذلك هو الصبغة السياسية التي لبستها ملاحظات الرئيس، إذ سبق للخبراء والمهتمين بالشأن الاقتصادي الجزائري أن لاحظوا ـ من المنظور التقني ـ حالة الركود التي ماتزال تميّز الصناعة الجزائرية والعجز عن مواكبة الطفرة الكبرى التي تجتازها أسواق النفط من جهة والكتلة النقدية المعتبرة التي سخرتها الدولة للاستثمار منذ العام 2000. فهل تعتبر ملاحظات الرئيس متأخرة عما قاله الخبراء؟ ولماذا لا تأخذ السلطات برأي هؤلاء ـ عادة ـ إلا بعد فوات الأوان؟

  • أين الخلل في منظومتنا الاقتصادية؟
  •  
  •  
  • عندما عقدت الحكومة جلسات »الاستراتيحية الصناعية الجديدة« شهر فيفري 2007 تساءلنا عن إمكانية الخروج بأفكار سليمة وملموسة تواكب أهداف برنامج دعم النمو (2005-2009) واختتمت الجلسات وبقيت الورشات مفتوحة على اقتراحات غامضة وبقيت ملفات كثيرة معلقة على تردد السلطات في الحسم فيها: الخوصصة ـ الاستثمار الأجنبي ـ سياسة الفروع ـ المناطق الصناعية ـ الصفقات العمومية ـ القطاع الخاص ـ إدارة شركات القطاع العام. هذه الأخيرة التي ماتزال إلى اليوم حائرة في الشكل المناسب للوصاية عليها.
  •  
  • وفي أكثر من مناسبة واحدة، أشار الخبراء إلى ظاهرة التثاقل في التعامل مع الاستثمارات العربية والخليجية وإلى مستوى التفضيلات التي حظيت بها استثمارات من دول أخرى لم تكن تفضل المجازفة في القطاعات الاستراتيجية، بل أكثر من ذلك مارست على اقتصادنا معادلة تسويق الدراسات وإعادة نقل الأرباح ليس أكثر. وعن تأهيل المؤسسات لم يتأخر أحد منّا في التنبيه إلى خطورة فشل العملية في رسم صورة غير مشجعة عن أداء الجهة الوصية على هذا الملف الحساس والتي هي الأخرى تعرضت لتجاذبات بين وزارة وأخرى. وظلت الانتقادات تلاحق الحكومة من طرف مقدمي برامج التمويل. ونفس الكلام ينطبق على إدماج البحث العلمي في مساعي النهوض بالصناعة الوطنية، حيث لا أحد يبدو راضيا عن موقف واضعي السياسات الاقتصادية في البلاد من مخرجات البحث العلمي ونتائجه على مستوى اختيارات المؤسسة وأنماط التسيير.
  •  
  • ولم يسلم ملف خوصصة المؤسسات العمومية من النقص، تتحمل الوصاية جزءا من المسؤولية عنه وليس المسؤولية كلها. فكم من جلسات عقدت حول الموضوع وكم من تجارب للدول ناقشها المسؤولون ولكن لا أحد تمكن من أن يصدع بما أوصى به الخبراء وأن الخوصصة لا تعني فقط التنازل عن أصول الشركات العامة، وأن فتح رأسمال القطاع العام قد يعني الجمهور بالدرجة الأولى أو رأس المال الوطني ثم لا يمكن الحديث عن الخوصصة في غياب سوق مالية تتصف بالإفصاح والشفافية.
  •  
  •  
  •  
  • الصناعة الوطنية ضحية التنظير العقيم
  •  
  • لم تكن مسألة النمو الاقتصادي تحتاج لكثير من التفكير والنقاش للإجابة عن إشكالية تحقيق الثروة وحفز التشغيل، فكل النظريات الاقتصادية تجمع على أن الاستثمار يعني الادارة الجيدة للمتاح من الدخل وتتكفل الحكومة باقتراح النصوص التشريعية المناسبة على ضوء استراتيجية اقتصادية تقررها المجموعة الوطنية. وتبقى آليات التنفيذ في شقيها: المادي والبشري، خاضعة لمبدإ الإدارة الراشدة أو الحكم الصالح وهو مبدأ أصبح اليوم من أبجديات التطور الاقتصادي. وفي حالة الجزائر لم تسمح الادارة الحالية للثروة من تحقيق أمثلية القرار الاقتصادي وظل هذا الأخير مبعثرا بين مراكز عديدة وفي أكثر من حالة ضحية للتنظير العقيم بعيدا عن المشكلة الحقيقية.
  •  
  • لا يمكننا الحديث عن نجاعة اقتصادية دون سياسة واضحة واختيارات دقيقة ومقترحات عملية وكما في حالة الاستثمار يشكل المناخ القانوني والمؤسساتي صلب الإقلاع في مجال تحقيق الثروة والتشغيل. ولذا يبدو من الضروري الآن توحيد مراكز القرار الاقتصادي في وصاية واحدة وإعادة النظر في البناء المؤسساتي الخاص بالاستثمار.
  •  
  •  
  • الخبرة أساس آخر للتنمية
  •  عندما تفشل سياسة الحكومة في تحقيق أهداف الدولة بما يستدعي تدخل رئيس الجمهورية على الشكل الذي حدث بداية الأسبوع، فإن الأعراف الديمقراطية تقتضي تعديلا حكوميا يسمح بانسياب خبرات جديدة للجهاز التنفيذي. هذا ما نشهده في كل الدول التي تستهدف النجاعة والنمو. فالخبرة هي أساس آخر من أسس التنمية وهي تعني القدرة على اكتشاف الأفكار الجيدة وتحويلها إلى برامج عمل ناجحة بأقل التكاليف الاجتماعية والاستفادة من الأخطاء المحتملة في الوقت المناسب، ليس في مجال الاستثمار وحده بل وفي جميع دواليب الآلة الاقتصادية، خاصة وأن ميدان الإدارة الاقتصادية مايزال يكشف يوميا عن إبداعات في إدارة الثروة والمؤسسات. وعدا ذلك تكرار للأخطاء وهدر للموارد.
  •  
  •    كلام الرئيس عن أداء قطاع وزاري من القطاعات يحمل مدلولات سياسية أكثر منها فنية، وقد سبقته تحليلات الخبرة على مدار السنوات الخمس السابقة دون أن تنتبه لها آذان صاغية. وعندما تبلغ الملاحظات المدى السياسي من أعلى سلطة في البلاد، فإن ذلك يعني شيئا واحدا: احتمال التغيير في الاتجاه الأصوب 
أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!