الجزائر
باريس الغائب الأكبر في المباحثات الأخيرة

الأزمة الليبية تعيد الدبلوماسية الجزائرية إلى الواجهة وتعزل فرنسا!

محمد مسلم
  • 6771
  • 18
الشروق أونلاين

كشفت الحركية الدبلوماسية التي شهدتها الجزائر خلال الأسبوع المنصرم، بشأن الأزمة الليبية، أن العلاقات الجزائرية الفرنسية لا تزال تمر بأزمة غير مسبوقة، وذلك رغم التهنئة التي قدمها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، لنظيره الجزائري عبد المجيد تبون، بعد فوزه بالانتخابات الرئاسية الأخيرة.

وتعتبر فرنسا من الدول المتورطة في الأزمة الليبية، فهي من الداعمين الرئيسيين للميليشيا التي يقودها أسير الحرب السابق، خليفة حفتر، ورغم تحول الجزائر، باعتبارها قوة إقليمية وجارة، إلى قبلة للداعمين للفرقاء في ليبيا، إلا أن باريس لم تتجرأ على التواصل مع “حليفتها” السابقة.

ومعلوم أن كلا من وزير الشؤون الخارجية التركي جاويش أوغلو، ووزير الخارجية الإيطالي لويجي دي مايو، ووزير الخارجية المصري سامح شكري، ورئيس الحكومة الليبية المعترف بها دوليا فايز السراج، قد زاروا الجزائر بحر الأسبوع المنصرم، وكان محور تلك الزيارات الأزمة الليبية.

واللافت في هذه الحركية الدبلوماسية، هو غياب موفد فرنسا، وهو أمر غير معهود في العلاقة بين البلدين في الفترة التي سبقت 22 فبراير 2019، وخاصة عندما يتعلق الأمر بقضية وضعتها السلطات الفرنسية في صلب انشغالاتها على مدار سنوات طويلة، وهي الأزمة الليبية التي يتحمل قسط كبير من مسؤوليتها، الرئيس الفرنسي الأسبق، نيكولا ساركوزي.

الموقفان الجزائري والفرنسي من القضية الليبية مختلفان هذا أكيد، لكن عندما كانت العلاقة بين الجزائر وباريس على ما يرام، تمكن الرئيس الفرنسي الأسبق، فرانسوا هولاند، من إقناع نظيره الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، باتخاذ قرار يتعارض والسيادة الوطنية، وهو السماح بمرور الطائرات الحربية الفرنسية في الأجواء الجزائرية لضرب مقاتلي الطوارق في شمال مالي.

وبينما كانت الجزائر محطة لإنزال دبلوماسي ليبي تركي إيطالي ومصري، كان وزير الخارجية الفرنسي، جون إيف لودريان، يجتمع في العاصمة المصرية القاهرة مع نظرائه من قبرص واليونان، وهو الاجتماع الذي حضره رئيس الدبلوماسية الإيطالي، لكنه رفض التوقيع على بيانه الختامي، وفق ما جاء في الحوار الذي أدلى به للصحيفة الإيطالية “كورييري ديلا سيرا”.

ويبدو أن الأزمة الليبية خلقت اصطفافا غير مسبوق بين الدول المعنية بهذه الأزمة، وفي مقدمتها الجزائر ومصر، اللتان يقفان على طرفي نقيض بشأن تصورهما لحل الأزمة، فبينما تصر الجزائر على ضرورة انتهاج الحل السياسي بعيدا عن لغة الرصاص، تحاول مصر فرض الحل العسكري على الأرض، من خلال دعمها المباشر لميليشيا أسير الحرب السابق، حفتر.

ويكون هذا التباين في المواقف قد خلق حالة من البرودة في العلاقات بين الجزائر والقاهرة، ويؤشر على هذا تنزيل مستوى استقبال وزير الخارجية المصري، سامح شكري، في المطار إلى كاتب الدولة للجالية، فضلا عن عدم حدوث مقابلة على انفراد بين وزيري خارجية البلدين.

وليست العلاقات الجزائرية المصرية هي الوحيدة التي تضررت بسبب الأزمة الليبية، فإيطاليا بدورها وعلى الرغم من حضورها اجتماع القاهرة حول ليبيا رفقة مصر واليونان وقبرص وفرنسا، إلا أنها رفضت التوقيع على البيان الختامي، لأنها اعتبرته انحيازا ضد حلفائها تركيا والحكومة المعترف بها في ليبيا.

وعلق وزير الخارجية الإيطالي على البيان الختامي لاجتماع القاهرة بقوله: “كان الإعلان الختامي غير متوازن للغاية ضد (حكومة فائز) السراج وتركيا، التي لا تزال حليفا رئيسيا لنا”.

مقالات ذات صلة