-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
من بعيد

الأزمة المالية العالمية.. كما يراها “محمد مهاتير”

الأزمة المالية العالمية.. كما يراها “محمد مهاتير”

تحدّث الدكتور”مهاتير محمد”، رئيس وزراء ماليزيا الأسبق، الرئيس الفخري لمؤسسة “بيردانا للقيادة”، مساء الخامس من مايو الجاري عن “الأزمة المالية العالمية: الدروس المستفادة والفرص المتاحة”، في محاضرة خاصة وسط حشد كبير زاد على الألف شخص، من بينهم مسؤولون، وعدد من أعضاء السلك الدبلوماسي المعتمد في دولة الإمارات العربية المتحدة، وباحثون واقتصاديون، وذلك في قاعة الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان في مقر مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، وهو من أهم المراكز البحثية في الوطن العربي, إن لم يكن أهمها على الإطلاق

وينفرد هذا المركز بثلاث ميّزات في نظري، أولها: البحث في القضايا الكبرى للوطن والأمة، خصوصا على المستوى الخليجي، والعالم، حتى أنه حين يتعذر على السياسيين الغوص في مشكلات الوطن وقضايا الجوار، يتولى إنارة الطريق لهم في القضايا الشائكة، كما هي الحال في موضوع الجزر الإماراتية المحتلة من طرف إيران التي أصدر في شأنها كتابا مرجعيا في العام 2005 يعدّ من أهم المراجع التي يمكن العودة إليها لمعرفة الجانب التاريخي والحقوقي لموضوع الجزر، لمن أراد أن يولي هذا الموضوع حقه أو لمن يعتبرها قضية عربية جديرة بالاهتمام والمتابعة في ظل تكالب أمم شتى على الأرض العربية، ولكل منها أسلوبها الخاص ومدخلها الاستعماري.

وثانيها: أن المركز يحاول إدخال الإمارات والدول الخليجية وباقي الدول العربية في حوار ندي مع الغرب، حول مجمل القضايا المشتركة بين بني البشر اعتمادا على تجربة ثرية متراكمة، أثبتت جدواها وفاعليتها مع السنوات، لا تقف عند حدود المؤتمرات والندوات، وإنما تتعداها إلى إثراء المكتبة العربية.

وثالثها: منهج النقاش والحوار داخل المركز، وما يترتب على ذلك من أمان، لدرجة أن من دخل المركز كان آمنا لجهة طرح أفكاره حتى لو اختلفت مع رؤية المركز أو الموقف السياسي لدولة الإمارات العربية المتحدة.        

بعدها لنعد إلى موضوع محاضرة مهاتير، فقد ذكر أن “الأزمة المالية” التي شهدها العالم مؤخرا ما كان لها أن تكون لو أن السياسيين والاقتصاديين والباحثين، على اختلاف دولهم، بحثوا في أسباب “الأزمة المالية” التي عصفت بالبلدان الآسيوية، ومنها ماليزيا في التسعينيات من القرن الماضي، واستلهموا الدروس والعبر، مشيرا إلى أن من أبرز أسباب “الأزمة المالية العالمية”، ابتعاد الحكومات عن التدخل في ما يجري في السوق، وهذا يعدّ في حد ذاته من الأخطاء الفادحة، فالسوق يجب ألا تترك لأولئك الذين لا يهمهم الرّفاه الاقتصادي للمجتمع بقدر ما يتسابقون إلى جني الأرباح الضخمة التي تهمّهم، خاصة من خلال سوء استخدام قوانين السوق المالية والنقدية التي أتيحت لهم، متسائلا بقوله: إذن لماذا تدخّل عدد من الحكومات الأمريكية والأوروبية في السوق، لو ظل السوق يعتمد على القاعدة الخطأ “دع السوق ينظم نفسه”؟.

يقدم مهاتير الإجابة من خلال تجربة النمور الآسيوية، مشيرا إلى أن تلك الدول خلال “الأزمة المالية” في التسعينيات من القرن الماضي راحت تطبق نصائح “البنك الدولي” و”صندوق النقد الدولي”، ولم تنجح أي منها في تجاوز الأزمة، باستثناء ماليزيا التي تركت هذه النصائح على جانب وذهبت تتدخل في آليات السوق وتضخّ مليارات الدولارات للشركات والمؤسسات الإنتاجية الصغيرة والمتوسطة، وتشرف على آليات إقراض البنوك والمصارف للشركات والمؤسسات وللأفراد وأسعار صرف العملات، وبشكل مباشر وبتحديدات شرعتها لهذا الغرض أيضا.

من ناحية أخرى، يرى مهاتير أنه من غير المعقول أن تمنح البنوك والمصارف المالية القروض لأفراد وشركات بشكل مفتوح يفوق طاقة المستثمرين على سداد الديون، ومن دون وجود ضوابط تؤكد قدرة الأفراد والشركات على السداد، وأن المعضلة الكبرى في هذه الأزمة أيضا نجمت عن عدم وجود شفافية كافية توفر قدرا من المعلومات الدقيقة عن رؤوس الأموال العاملة في الاستثمار وإخفاء الحقائق والكشوفات عن الصناديق لديهم ورساميل الاستثمار الحقيقية، لأسباب عديدة، من أبرزها: التهرب من دفع الضرائب، بل إنهم اليوم ما زالوا يمارسون أعمالهم من أجل كسب مزيد من الأرباح.

وأكد أن أسواق الأسهم أسهمت أيضا وبدرجة كبيرة في هذه “الأزمة المالية”، بسبب فتح أبوابها لجميع المستثمرين من دون تحديدات وضوابط، تعتمد على المضاربة فقط، وكان هدف النخبة المسيطرة على أسواق المال والأسهم هو الأرباح على حساب صغار المستثمرين الذين كانوا أكثر الشرائح تضرّرا من هذه “الأزمة المالية”.

وأكد أن الوقت قد حان لأن نعيد التفكير جميعا في سوء استخدام القوانين والتشريعات الخاصة بالأنظمة المالية والنقدية الذي يمارس في السوق، وفي قوانين التجارة العالمية الحرة، التي كشفت عن أن الدول الفقيرة تتضرّر دائما وبشكل أكثر بكثير من البلدان الغنية، مشيرا إلى أن كثيرا من الغش والمضاربة يتمّ باسم هذه القوانين وباسم المنافسة، وباسم “دع السوق يعمل”.

ليؤكد الفكرة السابقة يتساءل مهاتير: لماذا تدخّلت الحكومة الأمريكية في منع الملياردير المعروف “روكي فيلر” قبل عقود عدة من الاستحواذ على شركات النفط؟

يجيب: بسهولة كان ذلك لمنعه من الاحتكار والتحكم في الأسعار، ثم لماذا لجأت الحكومات الأمريكية والأوروبية إلى تطبيق قوانين الاشتراكية الآن؟ إذن علينا ألا نسمح للشركات أن تكون أكبر من حجمها في السوق.

لهذا كلّه يدعو مهاتير الدول إلى التفكير جديا في ضرورة الاعتماد على الذهب في تحديد صرف العملات وفق معايير أسعار الصرف للذهب، بدلا من العملات المعروفة في العالم، مثل الدولار واليورو، التي تتزايد أخطار التعامل بها أكثر فأكثر، داعيا في الوقت نفسه أيضا الحكومات الوطنية إلى أن تولي اهتماما خاصا بأصحاب المشروعات صغيرة ومتوسطة الإنتاجية، ودعمهم من دون تردّد، لتحقيق عدالة في توزيع الاستثمارات وإيجاد فرص عمل، وزيادة معدلات الناتج المحلي الإجمالي لدولهم وتعزيز الرفاه الاجتماعي.

يبقى أن نشير إلى أمرين، الأول: أن أزمة اليونانية قياسا بما ذكره مهاتير هي أزمة العالم الرأسمالي المعاصر، ونحن المسلمين جزء منه، وكثيرون في مختلف مواقعهم تجربة صغرى للتجربة اليونانية، والثاني: أن المعلومات الواردة في هذا المقال تم الاعتماد عليها من مصدرين، هما حضوري للمحاضرة، وملخص المحاضرة التي أرسلها إليّ القسم الإعلامي في مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية في أبوظبي. 

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
7
  • imed

    Mahatir mohammed est le plus important et le plus competent des economistes mondiaux et surtout le plus honnete qui a evite a son pays la Malaisie de tomber entre les griffes de la banque mondiale ei du FMI.lors de la crise des annees 90
    C est grace a sa competence et sa franchise dans le traitement des situations economiques et ses analyses precieuses que le monde arabe en general et a L ALGERIE en particulier doit prendre exemple et de suivre ses directives et son exemple .

  • أبو أصيل

    ماهاتير شخصية محترمة ورؤيته نافعة جدا كون كلامه عن تجربة ناجحة ورائدة في إقتصاد الدول النامية أو السائرة في طريق النمو، لكن نريد أن نفهم قبل كل شيء العقلية الماليزية والأسياوية عامة ... والعوامل التي ساعدتهم في تجاوز كثير من الأزمات.

    نطلب منكم مواضيع أكثر من هذا النوع أساتذتنا الكرام- مع الشكر-

  • imad

    je suis fan de mehatir mouhamed c l homme qui a fait sorti la malisi des payé dévlopé

  • SERAG ELDIN

    تحية الى الكاتب المحترم السيد / خالد عمر وأنا متابع باستمرار لمقالاتك الدسمة فى القيمة والمعنى وأنا يا استاذ خالد بصفتى دارسا لعلم الاقتصاد والادارة المالية واخطو فيها خطواتى الاولى أرجو أن يتسع صدرك وصدر القارئين لتعليقى على مقالتك :

    الرأسمالية يا سيد خالد على مدى العقود السابقة أثبتت فشلا ذريعا كنظام اقتصادى قائم على التحرير الكامل للسوق من اى رقابة وترك السوق ينظم نفسه طبقا لألياته القائمة على العرض والطلب , ولا يخفى على أحد أن النفوس تحكمها الهوى ( الا من رحم ربى وقليلا ما هم ) وفى الغالب النفس الانسانية تنظر للمصلحة الضيقة دون الصالح العام لذلك فى ظل هذا النظام الذى يصفونه بانه محررا من اى مؤثرات توجهه لم يحقق الهدف منه بل ما حدث أن الحكومات رفعت يدها تماما عن السوق فى نفس الوقت الذى يعمل فيه المستثمرون وارباب السوق والعمل على التحكم فيه والتأثير على وجهته بطريقة غير مباشرة وباليات معروفة للجميع منها الاحتكار أو تقليل المعروض وغير ذلك , فمن هنا حدث الخلل فى كفة الميزان ومال السوق بشدة لصالح طبقة معينة على حساب طبقة أخرى مما نجم عنه هوة وفجوة عميقة وغير مسبوقة فى التاريخ العالمى بين الاغنياء والفقراء .

    ثانيا : النظام الرأسمالى قائم أساسا على المعاملات الربوية لان قاعدة ارتكازه ان جاز لنا التعبير هى البنوك , والربا توعدها الله سبحانه وتعالى أشد الوعيد ويكفى أن الله توعد الذين لن ينتهوا من الربى بالحرب , ولكم أن تتخيلوا من توعده الله جل جلاه بالحرب هل له من محيص !!؟
    ففى ظل الربا يتكاسل صاحب رأس المال فى الدخول لعالم الاستثمار لانه يرى فرصة أن يودع أمواله فى بنك ربوى وياخذ فائدة محددة سلفا وغير متعرض لمخاطر الاستثمار الطبيعة من ربح أو خسارة هى فرصة مريحة ولا يخفى عن الجميع أن البنوك تاخذ اموال المودعين ليس للمشاريع الاقتصادية كما هو معلوم لا , بل تقوم هى ايضا باقراضها لاناس أخرين يحتاجون لها بفائدة ضعف الفائدة التى تمنحها للمودع وبالتالى لا تخاطر فى مشاريع اقتصادية تتحمل الربح او الخسارة وهذا الوضع يترتب عليه امرين فى غاية الخطورة :
    أولا : ينشأ عنه مع مرور الوقت اقتصاد راكد غير قائم على ضخ مشاريع جديدة توفر فرص عمل للشباب وتضيف قيمة مضافة فى شراين الاقتصاد الوطنى وهذا من الاسباب التى حارب الاسلام بسببها الربا , لأن الاسلام يريد اقتصاد حركى , قوى وعفى يتميز بالدموية والحراك اقتصاد نشط و ليس كما الرأسمالية قائم على الاقراض والاقتراض فقط كما هو الوضع الحالى !!؟
    ثانيا : فى ظل الاقراض الربوى يزداد الفقير فقرا ويزداد الغنى غنا , لأن المقترض يكون شخص فى حاجة لذلك المال فأنت تقرضه ثم تسترد منه المبلغ مضافا اليه الفائدة !!؟ أى أنك حتى ما حققه من ربح تأخذه منه , فيحدث فى ظل هذا النظام ما حذر منه الدين الحنيف من أن الأموال تظل دولة بين الأغنياء منا , اى أنها تدور فى فلك الاغنياء , ويوصد الباب أمام الفقير المجتهد من ان يصعد ويرتقى .

    باختصار هذا هو النظام الرأسمالى المتعفن الذى أودى بنا الى ما نحن فيه من مصائب ولا حل للنظام العالمى الا النظام الاقتصادى الاسلامى , القائم فعلا ( وليس قولا !!!؟) على حيادية الفرص أمام الجميع , والقائم على الوسطية فى تحرير السوق لا افرط ولا تفريط , أى أنه اقتصاد حر ولكنه تحت رقابة وسيطرة ولى الأمر ليس لخنقه ولكن لضبط ورصد أى تلاعب فيه متن ذوى الاغراض ممكن ان تلحق الضرر بالعامة , ولا أريد ان اطيل على القارئين للتعليق فى سرد أليات النظام الاقتصادى الاسلامى عسى أن تكون هناك فرصة اخرى لذلك .

    والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

  • أضلاهلا

    كنا نعيب على المصريين "الشيتة" و إذا بالجزائريين تجاوزا حد الانبهار بالأجنبي إلى التشييت من أجل الرضا. لماذا بالله عليك الخلط بين الإشهار المجاني لمنتجات و مواقف سياسية خطيرة و في هذا الوقت بالذات، أم أنت كذلك فتنت بالبيترو دولار و بعت ضميرك إن كان لك شيء من هذا القبيل...

  • saoudi omar

    thanks, this is what we need to know from a very famous & valuable opinion from one of most important leader in the world & sincere person like great Mahater Mohamed

  • ABDEL

    بسم الله الرحمن الرحيم. السلام عليكم، أما بعد أشكر الأخ كاتب المقال الذي لمح إلى الأزمة المالية العالمية من منظور مفكراقتصادي عربي عالمي "محمد مهاتير" الغني عن كل تعريف، والذي أبان عن مركز زلزال معظم الأزمات الاقتصادية ألا وهو غياب آليات رقابة الدولة كمنظم للسوق وقمع احتكار وشجع المستثمرين عن طريق مجموعة من السياسات المالية والنقدية .المهمه أن تكون يد الدولة مبسوطة وحاضرة لا مبتورة وغائبة بحجة حرية الأسواق وعولمة الأسواق المالية العالمية وغياب الشفافية في الافصاح عن المعلومات في الزمكان المناسبين....إلخ
    شكرا لكم والسلام عليكم