الجزائر
اعتاد احتضان الرؤساء السابقين قبل سنة من ترشحهم

الأفلان يفقد صوته في الانتخابات الرئاسية!

الشروق أونلاين
  • 2971
  • 9
ح.م

على غير العادة، وعلى بعد نحو أسبوعين من انتهاء آجال سحب استمارات الترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة، لم ترسُ سفينة حزب جبهة التحرير الوطني، على مرشح من بين العشرات من المترشحين الذين تقدموا، كما لم تحسم أمرها فيما إذا كانت ستقدم مرشحا عنها لاحقا.

ويعتبر هذا المعطى الأول من نوعه في تاريخ الحزب العتيد، إذ لأول مرة يبدو “الحزب الجهاز”، كما يحلو للبعض نعته، تائها في كيفية التعاطي مع موعد الثاني عشر من ديسمبر المقبل، وهو الذي اعتاد أن يكون أول المحتضنين لكل الذين مروا على كرسي المرادية منذ الاستقلال.

وإلى غاية الأربعاء، اجتمع المكتب السياسي برئاسة الأمين العام بالنيابة، علي صديقي، في أكثر من مرة لبحث مسألة التعاطي مع الانتخابات الرئاسية، غير أن هذه الهيئة القيادية لم تخرج بموقف واضح، وكل ما استطاعت استصداره من قرارات لا يتعدى توسيع الاستشارة إلى المستوى المحلي، وهو الأمر الذي زاد الموقف غموضا، بالنظر لعامل الوقت.

واعتاد الحزب العتيد أن يستبق “التطبيل” للانتخابات الرئاسية بنحو سنة، كما حصل في العهدات الأربع للرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، رغم اختلاف الأمناء العامين المتعاقبين عليه، غير أن هذه المرة، الأمر يبدو مختلفا تماما، وهو ما يرجح أن يكون الرئيس المقبل من غير الملتحفين لبرنوس “الأفلان”، مثلما جرت العادة.

والغريب في الأمر هو أن هناك مرشحا ينتمي إلى “الجبهة”، بل عضو في لجنتها المركزية، ممثلا في الوزير الأول الأسبق، عبد المجيد تبون، ومع ذلك لم ينل تزكية هذا الحزب، في مشهد غير مألوف، طالما أنه ليس لديه مرشح لحد الآن.

ما يدفع للتساؤل أكثر، هو أن تبون ذاته، خرج بالأمس في أول ظهور إعلامي له منذ سحب استمارات ترشحه للانتخابات الرئاسية، ليؤكد بأنه لا يعتبر نفسه مرشح السلطة، ولا ممثلا لأي حزب أو طرف آخر، ما يعني أن الرجل تقدم بصفته الشخصية ولم يكن يأمل في دعم حزب يعتبر الأكثر تمثيلا في المجالس الشعبية الوطنية والمحلية في الظرف الراهن.

والواقع أن “الحزب العتيد” يمر بمرحلة مخاض غير مسبوقة، وهي تبدو أعقد من تلك التي عاشها في نهاية الثمانينيات وبداية تسعينيات القرن الماضي، لأن هذا الحزب في تلك المرحلة، وجد شخصا حكيما مثل الراحل عبد الحميد مهري، لينتشله من حالة الضياع التي كان يعيشها ويعيده إلى الواجهة، في حين أنه (الأفلان) في الوقت الراهن، لم يتمكن حتى من إيجاد شخص قادر على إدارة دفته ليخرجه بنجاح من الوضع الذي يعيشه، فضلا عن التعاطي بحكمة مع الاستحقاق المقبل.

ما يعيشه الأفلان اليوم من أزمات، لم يكن سوى نتاج للدور الذي أداه على مدار العقدين الأخيرين وربما أكثر، كواجهة لنظام فشل في تحقيق التنمية وتوفير الرفاه للجزائريين، رغم الوفرة المالية التي كانت تتوفر عليها البلاد، ولم يتوقف هذا الفشل عند توظيف المال في تحقيق الإقلاع الاقتصادي، بل تعداه إلى إفساد الممارسة السياسية، وتعميم الفساد والرشوة، والتلاعب بالمال العام واحتقار مؤسسات الدولة، وهي من بين الأسباب التي كانت وراء خروج الملايين من الجزائريين إلى الشارع للمطالبة برحيل الرئيس السابق ورموز نظامه، وكذا الأحزاب التي كانت توفر له الغطاء السياسي، والتي يوجد كل رؤساؤها خلف قضبان سجن الحراش.

عدم اندفاع الحزب العتيد نحو العملية الانتخابية المقبلة، لم يكن ليحدث لولا أن هذا الحزب، بات رحيله مطلبا شعبيا منذ الثاني والعشرين من فبراير المنصرم، وهو ربما السبب الرئيسي الذي يقف خلف عدم تحمّس السلطة للزج به في سباق الرئاسيات المقبلة.

مقالات ذات صلة