-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

الأندلس تفتحنا..

الشروق أونلاين
  • 4968
  • 6
الأندلس تفتحنا..

هي فعلا الأيام دواليك، ولكنها بالنسبة لنا، يوم قديم جدا لنا، وأيام حاضرة مستقبلية علينا، فقد كان لنا ذات يوم طارق بن زياد، حمل جيوش المسلمين من عرب وبربر فاتحا، وعلى سواحل إسبانيا خطب في جنوده: “أين المفر..؟ العدو أمامكم والبحر من خلفكم..”

  • ولكننا الآن ـ وفي سهرات كروية ـ صاحت الأندلس في شعوبنا: أين المفر؟ مدريد من أمامكم وبرشلونة من خلفكم، وهوس الكرة من تحتكم ومن فوقكم وفيكم. أندلس تصدّر لنا حضارة فيها قليل من الكرة، وكثير من الثقافة ومن السياسة ومن الأخلاق، ونصرّ على أن نستهلك هاته الصور التي ندفع من مالنا وأعصابنا ووقتنا لأجل أن نشاهدها، تماما كما نستهلك الكيوي والموز والفطريات المعلبة، تلك التي تسافر من البلعوم إلى غاية العضو الأخير من الجهاز الهضمي.. الإسبان أخذوا عن طارق روح خطابه التاريخي، ففتحونا بلعبة ساحرة، ولم يتركوا أحد عشر لاعبا فقط يتقاذفون الكرة فيما بينهم، وإنما شعب بأكمله ساهم في رسم لوحة بديعة، فيها فن التصوير وفن التشجيع وفن احترام الآخر، رغم أن كل الأديان وكل الأجناس وكل الأمم واللغات والقوميات والحساسيات، كانت تتقاذف الكرة، ونحن مازلنا نعجز عن تقديم مباراة سلمية آمنة واحدة، بين فريقين من مدينة واحدة، واكتفينا بتذكر السبيل والوسيلة التي استعملها طارق في رحلته من شواطئنا إلى شواطئ إسبانيا، فصار لنا مهاجرون قارب تعدادهم المئة ألف، وحراڤة قارب تعدادهم الألفين، في بلد لا بترول فيه ولا غاز، ومساحته أقل من مساحة ولايتي أدرار وتمنراست.. مهاجرون حفظوا من أفعال طارق حرق سفنهم، ومن أقوال طارق: البحر من خلفنا، فصرنا نأكل العسل الإسباني والعنب الإسباني، ونعزف الفلامينكو الإسباني، ونسكر من منافسة كأس ملك إسبانيا، ونثمل من كأس رابطة أوروبا بنكهة الإسبان، ونقول هل من مزيد؟
  • إلى غاية السبعينات من القرن الماضي، لم تكن إسبانيا أحسن منا، كانت ديكتاتورية نظام فرانكو تمشي في الأسواق، كان القمّل يسكن رؤوس التلاميذ الإسبان، والسل والكوليرا تقتل الفقراء والأغنياء، كان الجوع والتشرد علامة إسبانية خالصة، كان الإسبان “يحرڤون” شمالا نحو فرنسا وألمانيا، وحتى نحو الجزائر جنوبا من أجل الحرية ولقمة العيش، كانت مباريات الكرة عندهم لا تختلف عن مصارعة الثيران، فيها دائما ركل ونطح وضحايا، والآن صرنا نحلم بديموقراطيتهم وبتقدمهم وبجدّهم وبلهوهم.. وأنت تتجول في شوارعنا وفي دور الحضانة وفي جامعاتنا وحتى في جوامعنا، ستشاهد صور الكلاسيكو وتسمع أخبار الكلاسيكو، في وجوه شبابنا وأطفالنا وطلبتنا وشيوخنا.. حتى القنوات العربية التي أسكرتنا حد الثمالة من كأس الكلاسيكو الأندلسي، نسيت ـ وأنستنا مع سبق الإصرار والترصد ـ الألم السوري والنزيف الليبي والضياع السوداني والمصيبة الفلسطينية، أو كما قال نزار قباني:
  • عرب اليوم أضاعوا اللغة الأم
  • أضاعوا السيف في قرطبة
  • وصهيل الخيل في غرناطة
  • وأضاعونا جميعا وأضاعوا الوطنا…
أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
6
  • عبدو

    بارك الله فيك و في الشروق.

  • homocus algérianicus

    لمن تقرأ زبورك ياداوود

  • احمد-العاصمة

    بارك الله فيك صاحب الافتتاحية اجدادنا ذهبوا الى اسيانيا فاتحين وابناؤنا يذهبون اليها اليوم حارقين ولاعبين فاعتبروا يا اولي الابصار. احمد الجزائري

  • رويس - ع

    وكما قال نفس الشاعر نزار : شعب أمي بامتياز

  • alger

    يستعملون الذاكرة أكثر من الفكر لهاذا مزالو يتخبطون في المضارع بي سبب الماضي و نسو أن هناك مستقبل - على الأقل يرجعون إلى الماضي من باب الحكمة لا من باب الإفتخار .

  • djaber

    Salam
    Malgré tout $, il faut pas perdre l'espoire,
    Elhamdoullah que nous sommes musulmans,