الشروق العربي

الأهل والأقارب يوصدون أبوابهم في وجه المغتربين العائدين بعد فتح الحدود

نسيبة علال
  • 3854
  • 5
بريشة: فاتح بارة

فتحت الحدود الجوية أمام الجالية الجزائرية المغتربة. ورغم الارتفاع الجنوني في تذاكر الطائرات، وكل تلك القوانين والتدابير الوقائية التي فرضتها الدولة للحد من انتشار وباء كورونا، أصر أبناء الوطن على العودة إلى أحضان عائلاتهم، بعد أكثر من سنة حرمانا.. لكن، ما لم يكن متوقعا، ولا في الحسبان، أن يغلق الأهل أبوابهم بينما فتح الوطن بابه. فقد اصطدم الكثير من المغتربين برفض الأقارب والأحبة استقبالهم ولقاءهم، خوفا من أن يحملوا إليهم الفيروس اللعين.

الجزائريون لا يعترفون بتحاليل pcr ولا يقتنعون باللقاح

تلقى كل المغتربين، دون استثناء، الذين دخلوا أرض الوطن مؤخرا، اللقاح الخاص بمحاربة وباء كرونا. كما أنهم خضعوا لتحاليل الكشف عن الفيروس كشرط أساسي للسماح لهم بالعبور عبر المطار. ومع هذا، أجبرتهم القوانين على الالتزام بحجر صحي مدته خمسة أيام. كل هذه التدابير لم تشفع لهم أمام أهاليهم، ولا تعتبر إثباتا كافيا لعدم إصابتهم أو حملهم فيروس كوفيد 19، رغم الشوق الكبير لدى البعض، يقول سمير: “قضيت فترة الحجر، واتجهت إلى شقتي، لاحظت أن أصدقائي وجيراني الذين اعتادوا معانقتي بحرارة، يبتعدون عند سؤالهم عني، ولم تصلني أي دعوة منهم، بعدما كنت لا أجد الوقت لعائلتي عند العودة إلى الوطن.. لا أفهم لم يتصرفون بهذا الشكل، رغم أنني مثل كل العائدين، خضعت لكل الإجراءات التي تثبت عدم إصابتي بكورونا”. من جهة أخرى، تصف السيدة نرجس معاناة عائلتها مع الاتهامات: “أجبرت بناتي الثلاث على ارتداء قناع الوجه عند الخروج للعب، وطلاء المعقمات وقاية لهن، فقد تعودن على ذلك في فرنسا. ومع أن أطفال الحي، وأبناء عمومتهن لا يقومون بأي إجراء وقائي، يسخرون من بناتي ويتهمونهن بالمرض..” تضيف السيدة نرجس: “أصيب عمهن وزوجته بالفيروس، فاتجهت كل أصابع الاتهام نحونا، لكوننا المغتربين الذين نقيم معهم، رغم أننا عرضنا على الجميع تحاليلنا وخضوعنا للقاح قبل العودة”.

مغتربون يواجهون اتهام نقل العدوى

تقول فلة من العاصمة: “بينما كنت أقضي فترة الحجر البغيضة، اتصل بي إخوتي، وطلبوا مني عدم زيارة والديّ المريضين، أو على الأقل عدم تقبيلهما وعناقهما. أصبت بصدمة واكتئاب شديد، علما أنني اشتريت تذكرة بجميع مدخراتي، واقترضت من صديقة مغربية لاقتناء أدوية وهدايا، وعدت إلى الجزائر من أجلهما، فلم أتحمل شوقهما..”. تضيف فلة بمرارة: “حملني إخوتي مسؤولية أي مكروه يصيب العائلة، حتى إنني فكرت في أن أعود أدراجي أنا وزوجي، لكنني زرتهما كغريبة أراعي التباعد، وأقضي عطلتي حاليا في بيت حماتي”.

المغتربون أكثر التزاما بإجراءات الوقاية من أهاليهم في الوطن

قد يعد الفتح الجزئي للمجال الجوي كأول إنذار توجهه السلطات إلى المواطنين الجزائريين، على أن العدد القليل للعائدين يمكن أن يضاعف نسب الإصابات في البلاد. ففي حين أكد السيد مدير مطار الجزائر، هواري بومدين، أن جهازه قادر على استقبال أضعاف المسموح لهم بالعودة، لا تزال الرحلات محددة جدا، ثم إن إجبار الجميع على الالتزام بالحجر الصحي في الفنادق التي خصصتها الدولة، هو إنذار من نوع آخر، ويؤجج شكوك العائلات والأقارب، ما يدفعهم إلى الحيطة والحذر.. غير أن الملاحظ في أرض الواقع، حرص شديد من قبل المغتربين على إجراءات الوقاية وإحاطتهم بكل المعلومات الوافية حول الوباء وطرق الوقاية منه، في حين، حتى أهاليهم الذين يرفضون استقبالهم في بيوتهم، لا يلتزمون حتى بوضع الكمامة في الأيام العادية في الأماكن العامة، ما دفع بهؤلاء إلى البحث عن منازل صيفية للكراء، أو التزام منازلهم الخاصة، بعيدا عن الاحتكاك بالأقربين، إلى غاية التأكد من عدم إصابتهم بفيروس كورونا.

مقالات ذات صلة