الرأي

“الإيمان الميّت”

هذه الكلمة “الإيمان الميّت” ذكرها الدكتور الأمريكي هنري لنك (Henry Link)، الذي وصف في الولايات المتحدة الأمريكية بأنه أحد فرسان علم النفس التجريبي. وقد نسب الدكتور لنك هذه الكلمة إلى سيدنا عيسى – عليه، وعلى نبينا، وعلى جميع أنبياء الله ورسله – السلام..

وقد أورد الدكتور لنك هذه الكلمة في كتابه الذائع الصيت، الطائر الشهرة، الذي سماه “العودة إلى الإيمان”، الذي طبع عدة مرات، كانت كل طبعة منه تنفد في أقل من ستة أشهر (ص8). وقد نقل الكتاب وعلّق عليه إلى اللسان العربي الدكتور ثروت عكاشة، ونشرته الهيئة المصرية العامة للكتاب في القاهرة. 

ولسائل أن يسأل: ماهو هذا الإيمان الميت؟. وهل يوجد إيمان “حي” وآخر “ميت؟”.

ويأتي الجواب على لسان سيدنا عيسى نفسه فيما نسب إليه وهو إن الإيمان الميت هو الإيمان بدون أعمال، كما جاء في كتاب النصارى “المقدس”، الذي يسمّونه “العهد الجديد”، أي ما يعتبرونه “إنجيلا”. (ص 35. و38)، الذي يؤمن لنك نفسه أن رجال دينهم “الواحد تلو الآخر قد أخذوا يعبثون (به)، فيعيدون كتابة بعض أجزائه، مضيفين إليه ما يعنّ لهم”. (ص22). وهو ما نبّه إليه القرآن الكريم، وشنّع عليه من ذِكره بأن بعض القسيسين والرهبان “يكتبون الكتاب بأيديهم، ثم يقولون هذا من عند الله ليشتروا به ثمنا قليلا”. ولهذا فإن الدكتور لنك نفسه يصف ما حلّ بكتابهم “المقدس” بـ “الطريقة الفاسدة التي اكتمل بها”. (ص22). 

إن هذا الوصف “الإيمان الميت”، الذي هو “إيمان” بدون أعمال، ينطبق على أكثر مسلمي هذا العصر.. سواء من حيث العقيدة أو من حيث العمل..

فمن حيث العقيدة نرى كثيرا من البدع قد اعتنقها كثير من “المسلمين” واعتبروها إسلاما، وما هي من الإسلام في شيء، وقد أبلى المصلحون بلاء حسنا لتنقيه الإسلام من هذه البدع التي هي من “مظاهر الشرك” كما قال الشيخ مبارك الميلي، رحمه الله..

ومن حيث العمل فكثير من “المؤمنين” ليس لهم من الإيمان إلا الاسم.. وهو ما يمكن تسميته “الإيمان اللساني” أو “الإيمان القولي”.. لأنه مجرد من “العمل”. وهو ما شنّع عليه القرآن الكريم في قوله لمن يزعمون أنهم مؤمنون: “لم تقولون مالا تفعلون؟”. 

فكل ما يحرمه الإسلام الصحيح، وما يتنافى والإيمان الحقيقي من بدع، وكذب، ورشوة، وغش، وعري، وتزوير، وأكل للربا، وإدلاء بالأموال إلى الحكام، وظلم، وفساد، وتبذير… كل أولئك يمارسه “أدعياء الإيمان”، و”أدعياء الإسلام”، وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا.. ويجدون من “العلماء” من يزين لهم ذلك، ويعطونهم “صكوك غفران”، بل ويزكونهم… كل ذلك من أجل دراهم معدودات.. هي السحت بعينه، وإزهاق للمروءة، والرجولة، والكرامة. ولو كان إيماننا “حيّا” لما كنّا في هذه الحال. 

مقالات ذات صلة