الجزائر
أئمة وعلماء يؤكدون لـ"الشروق":

الاحتفال بـ”يناير” مباح وتحريمه فتوى شاذة!

كريمة خلاص
  • 22502
  • 54
ح.م

لهذه الأسباب يشجع الإسلام على الاحتفال بيناير

في كلّ مرّة يقترب فيها الاحتفال بمناسبة دينية أو وطنية تتعالى الأصوات بفتاوى تحريم الاحتفال على الجزائريين، ومن بين ما صنع الحدث في الأيام الأخيرة فتوى تحريم الاحتفال بيناير رأس السنة الأمازيغية في أوّل عطلة رسمية مدفوعة الأجر تقرّها الدّولة الجزائرية بعد ترسيم الأمازيغية لغة وطنية.

فتوى التحريم التي جددتها وسائط التواصل الاجتماعي وعدد من وسائل الإعلام صادرة عن الشيخ بن حنفية في كتاب سابق له قبل التحاقه بجمعية العلماء المسلمين، حيث قال: “لا يجوز الاحتفال برأس السنة الأمازيغية الذي يوافق 12 جانفي، ويسمونه يناير”، مضيفا أن “الاحتفال به غير جائز… وأنه يضار بأعياد المسلمين، عيدي الفطر وعيد الأضحى”.

واستند المتحدث في فتواه على آيات وأحاديث شريفة تؤكد على ضرورة اعتماد الحساب القمري. ويعد يناير الشهر الأول من السنة الأمازيغية، ويتزامن حلوله مع اليوم الثاني عشر من بداية السنة الميلادية، ذكرى انتصار الملك الأمازيغي شيشناق على فرعون مصر.

جمعية العلماء المسلمين تتبرأ من فتوى التحريم

وفي تصريح خص به جريدة “الشروق” أكد عبد الرزاق قسّوم رئيس جمعية العلماء المسلمين أنّ الفتوى الصادرة عن الشيخ لا تلزم إلا صاحبها ولا علاقة للجمعية بها، فهي براء من أي فتوى في هذا السياق.

وأفاد المتحدث بأن صدور أي فتوى عن الجمعية لا يكون إلا بإجماع أعضائها وصدور بيان موقع ومختوم عن الجمعية يلزمها بها، وذلك ما لم يحدث أبدا، فالفتوى موقف شخصي وقناعات تخص صاحبها. وذكّر قسوم بأن الفتوى التي استند إليها الإعلاميون ورواد مواقع التواصل الاجتماعي للشيخ بن حنفية صدرت في كتاب سابق له أصدره قبل انضمامه إلى الجمعية.

وأضاف أن المعني لا يشغل منصب رئيس لجنة الفتوى في الجمعية منذ مدّة وليس عضوا في مكتبها الوطني وذلك عقب انعقاد الجمعية العامة للجمعية نهاية السنة الفارطة. وأجاز قسوم الاحتفال برأس السنة الأمازيغية حيث قال: “بالنسبة إلينا من حق أي عائلة الاحتفال بالكيفية الملائمة التي لا تخدش الحياء ولا الأخلاق ولا الهوية والوحدة الوطنية”.

ممثل وزارة الشؤون الدينية: المحرِّمون للاحتفال يشوّشون على توريث العادات والتقاليد

من جهته، أوضح الدكتور نور الدين محمّدي مدير التوجيه الديني والتعليم القرآني بوزارة الشؤون الدينية والأوقاف أن من يحرّم على الجزائريين احتفالاتهم الوطنية أو الدينية يسعى إلى التشويش على عملية توريث العادات والتقاليد للأجيال في المجتمع الجزائري. وأضاف الدكتور محمدي أن هؤلاء “لا يفهمون الحركية الثقافية للمجتمعات البشرية في تنصيب أعيادها” موضحا أن الأعياد نوعان:
أولا أعياد دينية وهي قسمان:
أعياد دينية مرتبطة بأداء الفرائض، وهي عيدان فقط: عيد الفطر الذي يأتي بعد عبادة الصوم، وعيد الأضحى الذي يأتي بعد وقفة عرفة في ركن الحج.

وأعياد دينية مناسباتية وهي تتمثل في أول محرم وعاشوراء، وذكرى المولد النبوي الشريف، وهي جائزة شرعا، ولا يوجد أي دليل يحرم على المسلمين أخذ عطلة في هذه المناسبات الدينية طالما أنها ترسخ فيهم معاني التكافل والترابط الاجتماعي وتزرع فيهم معاني المحبة والمودة والاجتماع.

ثانيا أعياد وطنية: وهي أيضا يجوز الاحتفال بها لأنها تعزز مشاعر الانتماء إلى الوطن، وتتلقى الأجيال خلالها سير الأولين، ويلقَّنون في أسرهم الموروث الوطني والشعبي، ويناير واحد من تلك الأعياد خاصة بعد ترسيمه عيدا وطنيا من قبل رئيس الجمهورية واعتباره يوم عطلة مدفوعة الأجر، وهو مرتبط بالذاكرة التاريخية من جهة على اعتبار الانتصار التاريخي للملك الأمازيغي شيشناق قبل 2969 عام على الملك الفرعوني رمسيس الثاني، ومرتبط بالموروث الثقافي للجزائريين من جهة أخرى، إذ يؤرِّخ للعادات والتقاليد المتوارثة منذ تلك الفترة الضاربة في عمق التاريخ البشري.

واستطرد ممثل وزارة الشؤون الدينية قائلا: “الاحتفال بيناير جائز في شريعتنا فهو يوم تلتقي فيه الأسر الجزائرية لتوريث المبادئ والقيم والعادات الوطنية والتقاليد الشعبية للأجيال في صورة من الاحتفال الشعبي، ولا يوجد دليل في الشريعة يحرم على الأسرة أن تفعل ذلك طالما أنها تحييه في سياقاته الدينية التي تقدس الإسلام وتقدِّر تعاليمه في الأفراح والمناسبات، فضلا عن كونه يعزِّز الروح الوطنية في النفوس حفاظا على الاستقرار الوطني في ظل التحديات العالمية الراهنة، واكتنازا للموروث الوطني حتى لا يكون ضحية السطو الثقافي الذي تمارسه العولمة اليوم”.

جلول حجيمي: الاحتفال جائز ما دام يحترم الضوابط

اعتبر جلول حجيمي رئيس النقابة المستقلة للأئمة الاحتفال برأس السنة الأمازيغية جائزا ما لم يخالف الشريعة الإسلامية ولم يخرج عن ضوابطها ومادام الاحتفال من باب العادة لا من باب العبادة. ودعا حجيمي إلى تحكيم ضوابط الشرع وعدم مخالفتها مثل شرب الخمر والمجون.

وأضاف حجيمي أن الاحتفال بيناير موروث حضاري له علاقة بهوية الجزائريين يجب علينا المحافظة عليه باعتباره لا يأتي بجرم. وقال إن الذبائح والطعام الذي يوزع في هذه المناسبة يؤدى من باب إسعاد الناس والترويح عنهم وهي تجزي عن صاحبها.

واستند حجيمي إلى أحداث ووقائع في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام عندما جاء إلى المدينة فوجد عادات وتقاليد لم ينه عنها. وأضاف: “لو نبحث عن الأدلة بجواز الاحتفال لوجدناها، فيناير هو ذكرى من الذكريات ولها امتدادات ولا مشكل في ذلك”.

سعيد بويزري: من يحرّم الاحتفال يسبح ضد التيار ولا علم له

أوضح الدكتور سعيد بويزري أنّ من يحرم على الجزائريين احتفالهم برأس السنة الأمازيغية يسبح ضد التيار مفيدا بأن الاحتفال جائز شرعا ولا يخالف تعاليم ديننا، وذلك بالنظر إلى أبعاده التاريخية والاجتماعية والتربوية، فهو جزء من تاريخ مجتمع وحكمه الجواز، بل أكثر من ذلك هو مطلوب شرعا، من باب “ذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين” مصداقا لقول الله تعالى.

ويرى المتحدث أنه لا ضرر في الاحتفال بما أنه تذكير بأمجاد الأجداد وشحن للهمم، فهو لا يبعد عن التوحيد ولا عن التدين وهو مرتبط بقيم التكافل والتضامن والتعاون والشكر للمولى عز وجل، وكل ذلك من الدين.
وختم بالقول إن من يقول عكس ذلك فلا علم له بالدين الإسلامي ولا يملك منهجا ولا بعد نظر.

مقالات ذات صلة