-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

الاحتلال يدير ظهره للإمارات

حسين لقرع
  • 3078
  • 3
الاحتلال يدير ظهره للإمارات

عندما يرفض الكيان الصهيوني بيع منظومتي “القبة الحديدية” و”مقلاع داوود” للإمارات العربية المتحدة، لحماية نفسها من صواريخ الحوثيين، ويكتفي ببيعها أنظمة إنذار مبكّر، فإنّ هذا يعني بوضوح أنّ الصهاينة لا يثقون في العرب حتى لو طبّعوا معهم، وذهبوا بعيدا في الهرولة والتعاون الأمني والعسكري والاقتصادي والسياحي مع الاحتلال، وفرشوا البساط الأحمر لمجرمي الحرب الصهاينة على أراضيهم واستقبلوهم بالورود والأغاني الشعبية…

في السنوات الأخيرة، لم يكفّ الصهاينة عن تسويق خطر إيران وحلفائها على المنطقة، وأقنعوا عددا من دول الخليج بالتطبيع معهم للاحتماء بهم من هذا الخطر، بل إنهم لعبوا حتى على الوتر الطائفي وقدّموا الكيان الصهيوني على أساس أنه حامي حمى السُّنة ضدّ “الخطر الشيعي الإيراني”، وقلنا خلالها بوضوح تامّ إن الكيان يغرّر بدول الخليج، ويستدرجها نحو فخّ التطبيع المجاني معه، ويحاول توريطها في نزاعاتٍ مسلحة استنزافية لا طائل منها مع إيران وحلفائها بالمنطقة، ولن يقدّم لها بالمقابل أيَّ مساعدةٍ أو حماية، وسيخذلها في أوّل مواجهة ويدير لها ظهره من دون أن يرفّ له جفن، وها هي الأيام تُثبت ذلك؛ فقد ضغط الاحتلال على أمريكا لإفساد صفقة بيع الإمارات طائرات “أف 35” الأكثر تطوُّرا في العالم، حتى لا تستفيد من أسرارها التيكنولوجية المتقدِّمة، ونجح في ذلك وترك الإمارات توقّع معه “اتفاق إبراهام” بلا أيِّ مقابل، وهو الآن يرفض بصراحة بيع منظومتي “القبة الحديدية” المضادة للصواريخ قصيرة المدى و”مقلاع داوود” المضادة للصواريخ متوسطة المدى، حتى لا تتسرّب تيكنولوجيتُها إلى الإمارات، وتركت الصواريخ الحوثية تسقط عليها من دون أيّ اكتراث بها!

هو درسٌ بليغ يؤكّد للمرة الألف خطأ الذين يراهنون على العدوّ الصهيوني لحمايتهم، ويعتقدون أنّهم بمبالغتهم في الهرولة نحو الاحتلال وإقامة علاقات حميمية معه في المجالات كافة على حساب القضية الفلسطينية والقدس والمسجد الأقصى المبارك، سيدفعون العدوَّ إلى مدِّ اليد لهم لمساعدتهم في أوقات الشدّة والعُسر، فالعدوُّ لم ينس للحظة أنّ الإمارات دولةٌ عربية وإن بالغت في التطبيع معه والإلقاء بالمودة إليه، ولا يجوز أن تستفيد من أيّ تيكنولوجيا عسكرية صهيونية متقدّمة، أو تيكنولوجيا الحليف الأمريكي، وهو الوضع الذي أثار الموساد ودفعه إلى أن يطلب من وزارة الجيش “التوقف عن النظر إلى الإمارات على أنهم عرب، أي كأعداء، وتزويدها بمنظومات الدّفاع الجوي التي تحتاجها” حسب المعلّق العسكري لصحيفة “معاريف” ألون بن دافيد!

اتفاقُ أوسلو 1993 لم يُفِد سوى الاحتلال وحده، بعد أن نجح في تحويل السلطة الفلسطينية إلى حارسٍ لجنوده ومستوطنيه في الضفة الغربية عبر “التنسيق الأمني”، وبالمقابل لم يستفد الفلسطينيون شيئا ورفض الاحتلالُ السماح لهم بإقامة دولة صغيرة على حدود 1967؛ أي على أراضي 22 بالمائة فقط من فلسطين التاريخية.. وبدل أن يعتبر العربُ من هذا الدرس ويتأكدوا أنّ ديْدَنَ الصهاينة هو الاستفادة من الآخرين إلى أقصى درجة من دون أن يقدِّموا لهم شيئا.. بدل ذلك، سقطوا بدورهم في الفخّ، وتسابقوا على الارتماء في أحضانهم للاحتماء بهم من أعدائهم الجدد الذين ضخّمتهم الصهيونية لإنجاح مشروع التطبيع، وهم إيران وحلفاؤها بالنسبة لدول الخليج، والجزائر بالنسبة لمملكة “أمير المؤمنين” الذي ابتغى هو الآخر العزّةَ عند الاحتلال ووقّع معه اتفاقا للتعاون الأمني والعسكري والدفاع المشترك، وكأنّ الاحتلال سيحارب معه ويضحّي بجنوده من أجله إذا تورّط في أيّ حربٍ ضدّ الجزائر!

قالها الرئيسُ مبارك من قبل حينما أدار له الأمريكيون ظهورهم وتركوه وحده يواجه غضب شعبه خلال ثورة 25 يناير 2011: “المتغطّي بأمريكا عريان”، ويبدو أنّه يجب تعديلُ المقولة لتنطبق تماماً على باقي الأنظمة التي تتوهّم أن تطبيعها مع الاحتلال وتحالفها معه سيدفعه إلى حماية عروشها.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
3
  • جزاءري

    واضح ان الصهيوني لا يثق باي عربي واي مسلم في العالم فضلا عن ان يكون مطبعا. والصهيوني محق في ذلك لأن من يخدع دينه ووطنه وشعبه بالتطبيع لا يمكن أبدا الوثوق به مهما فعل .

  • amremmu

    “المتغطّي بأمريكا عريان”، والمتغطي بروسيا عريان والمتغطي بالصين عريان .. لا يسترك الا الغطاء الذي صنعته أناملك .

  • من بلادي

    وحتى الولايات المتحدة وروسيا ............ لا تبيع طائرة مقاتلة حتى تبتكر لنفسها ما هو أفضل ولا تبيع صاروخ الا اذا ابتكرت ما هو أفضل ................. الخ فروسيا مثلا لم تقوم ببيع منظومة S400 الا بعد ابتكارها ل S 500 .